مساحة إعلانية

نشأة الإسلاميين وحملة بونابرت الإستعمارية .....بقلم د عاطف عتمان

عاطف عبدالعزيز عتمان ديسمبر 14, 2012

1798 تاريخ فاصل فى تاريخ العالم الإسلامي والأمتين العربية والإسلامية ...
فشلت الحملات الصليبية الإستعمارية واحدة تلو الأخرى على صخرة الجهاد والإيمان الذى وإن خفت فإنه لا يموت فى نفوس هذه الأمة ...وكانت معركة المنصورة وهزيمة لويس التاسع عشر نقطة تحول فى فهم الغرب لنوعية وكيفية إدارة الصراع مع الشرق الإسلامي ...فتيقنت قوى الإستعمار الغربي أنه لايمكن لها السيطرة على هذه الأمة بالقوة العسكرية وحدها ..
فكانت الحملة الفرنسية على قلب العالم الإسلامي مصر لها طابع مختلف وإستراتيجيات مغايرة عن الحملات الصليبية وكان الغزو الثقافي والإحتلال الفكري وخلق حالة من الإنقسام والتشويش الفكري وتمييع الهوية وفصل الأمة عن دينها وتاريخها وخلق عقول من جنس الأمة تتولى هي راية المشروع التغريبى وتشق الصف ...
إنهارت الخلافة العثمانية نتيجة ضعفها وفساد أركان حكمها فضلا عن المؤامرات والمخططات الصهيونية التي بدأت تحكم العالم 
جائت الحملة الفرنسية بمشروعها الفكري وإستعمارها العسكري ..
سرقت فلسطين وبدأ التمكين للورم الخبيث المسمى إسرائيل فى جسد الأمة ..
إنبهر بعض المصريين بالحالة الفرنسية والحضارة المادية المتقدمة رأوا المدافع تدك القاهرة وهم لا يعرفون سوى السيوف والخناجر 
دخل بونا برت بطريقة سياسية وحاول التقرب والتودد للمصريين وزغللت أعينهم بالتقدم وبالحضارة الغربية 
خلق بونا برت جيلا من العلمانية المتطرفة مستغلا فى ذلك مسلمين ومسيحيين  رأوا فى الدين أنه العائق أمام التقدم والتحضر 
ولهث هؤلاء خلف المادية الغربية ولو على حساب الدين...
نشأ فى المعسكر الأخر تيار محافظ من علماء الأزهر يرى فى الحضارة الغربية العدو الأول ويرفضها شكلا وموضوعا ويتقوقع من أجل الحفاظ على الدين والهوية التي رأها فى خطر عظيم ...
وبين هؤلاء وألئك نشأ تيار إصلاحي معتدل يحاول أن ينفتح على الحضارة الغربية ويأخذ بأسباب الحداثة والتقدم مع الحفاظ على الهوية والدين ومعالجة الفقه الإسلامي الذى مر فى مراحل الضعف بكثير من الجمود وعدم الغوص فى روح وجوهر الدين
ظهر الإمام المجدد محمد عبده والشيخ جمال الدين الأفغاني والشيخ الكواكبى وغيرهم 
وبدأ ظهور الحركات الإسلامية من جماعات سلفية محافظة وظهور جماعة الإخوان المسلمين المحسوبة على الفكر الوسطى
وتطورت هذه الجماعات وتشعبت ومرت بمراحل فكرية مختلفة 
وظهرت ما تسمى بالسلفية الجهادية وجماعة التكفير والهجرة 
ومن حمل السلاح وكفر الحكام والمجتمع ....
فى ظل نمو الفكر القومي المتطرف ثم ظهور القطرية والفكر الوطني الضيق المبنى على حدود سايكس بيكو

بدأ الفكر الوسطى يتطور أكثر فأكثر ويبحث عن منطقة وسط
منطقة يحافظ من خلالها على مرجعيته الإسلامية وإنتمائه الفكري والحضاري للأمتين العربية والإسلامية وفق ما يراه مفهوم حقيقيا لروح الإسلام ومقاصد شريعته الغراء 
منطقة يتخطى فيها أخطاء وخطايا الحركة الإسلامية ويبتعد بالدعوة عن معترك الحياة السياسية والخلافات الإجتهادية البشرية ..
منطقة تكون فيها الدعوة الإسلامية الوسطية هي المظلة التي تجمع جميع الفرقاء وتصحح المفاهيم وتحارب التغريب وتجابه الفكر الصهيوني المتغلغل فى النفوس والعقول بقصد من قليل وبجهل من الكثير ....
دعوة تعود بنا لنبع الإسلام الصافي وتنقى الفكر من التشدد والغلو والتنطع وتقيم الإسلام فى النفوس والمعاملات قبل العبادات 
سعى الفكر الوسطى المعتدل للممارسة السياسة من خلال فهم بشرى وإجتهاد قابل للصواب وللخطأ والتجويد والبعد عن الزج بالدين والشريعة فى الخطاب والخلاف الفكري والسياسى
وكما تم مهاجمة الكواكبى وقتله وكيل الإتهامات له وللأفغاني والإمام المجدد محمد عبده يواجه هذا الفكر حربا شرسة سواء على مستوى الفكر أو مستوى الأحزاب التي تمارس السياسة من هذا المنطلق من قوى اليمين واليسار على حد سواء 
ويبقى العبء الأكبر على أصحاب هذا الفكر مع ضعف إمكانياتهم المادية والإعلامية وغنى فكرتهم وما يحملون من مشروع فكرى 
مستنير يمثل أرضية خصبة للبناء على المشتركات وتخفيف حالة الإحتقان والصراع الفكري المبنى أساسا على التعصب والتطرف وسوء الفهم وسوء الظن بالآخر وإعتقاد البعض أنه يملك الحق المطلق والحقيقة المجردة وأنه يحتكر الصواب 
يبقى الأمل أن يأخذ هذا الفكر حقه فى الطرح ومحاولة فك التشابك الفكري والمؤد لج أحيانا بالدين قبل أن يتحول لإشتباك دموي يخسر فيه الجميع .....

بقلم د عاطف عتمان 

مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام