مساحة إعلانية

جغرافيا الروح في 48 خريفًا - 13. العودة إلى الحياة

عاطف عبدالعزيز عتمان سبتمبر 23, 2025

 



جغرافيا الروح في 48 خريفًا - 13. العودة إلى الحياة🌿


📖 ​كنت أطالع كتاب "الموت وأسراره الرائعة"، وعند فقرة "العودة إلى الحياة" - أو بمعنى أدق "العودة إلى التجربة الأرضية" - بدأت أسترجع ذكرياتي.


🍁 ​يا إلهي، لقد عدتُ أكثر من مرة، ولم أنتبه إلى ذلك من قبل!
ذات مرة، وأنا طفل، سقطتُ من الأرجوحة سقوطًا قويًا، وكأنني فقدت القدرة على الحركة والنطق والإحساس، ثم عدتُ ثانية.

🍁 ​وفي حادث سير آخر، طرتُ عاليًا وسقطتُ على الأرض مغشيًا عليّ للحظات خارج هذا العالم. عدتُ لأرى الناس حولي، بعد أن فقدتُ ساعة اليد وسترتي الجلدية، وجزء من عظام قدمي. لقد عدتُ!


🍁 ​عدتُ مرة أخرى بعد أن انقلبت بي السيارة عدة مرات بينما كنت أقودها. لم تعد السيارة صالحة للاستعمال، لكنني عدتُ!


🍁 ​وعلى الكورنيش، عدتُ بعدما لامست سيارة مسرعة ملابسي وأنا أركض كالفهد، مع أن ركبتي كانت تؤلمني قبلها من مجرد المشي العادي. لقد عدتُ بعد أن غبتُ أجزاءً من الثانية!


🍁 ​عدتُ عند ولادتي أيضًا. كانت أمي تموت وأنا معها، كما حكوا لي، حتى أن الطبيب طردهم من العيادة لأن الحالة كانت ميؤوسًا منها. لكنني عدت!


🧠 ​تلك ذكريات لم تكن تشغل عقلي الواعي، وكأنني كنت أنتظر وخزة لأتذكرها.
فالنسيان ونسيان النسيان طبيعة رحلة الإنسان.
لو تذكرنا كل الرحلات والوعود والأسباب، لانشغلنا بالماوراء عن الحياة الأرضية والتجربة التي أتينا من أجلها.

النسيان يمنحنا فرصة أن نعيش بتركيز كامل، وأن نختار بحرية.
🔸​كل حادث كان بوابة عبرتها الروح لتعود منها بوعي جديد، حتى لو ظل هذا الوعي كامنًا في اللاوعي إلى أن حان وقت تذكره.
🔸كانت العودة لأن المهمة لم تُنجز بعد، وكأن الإنسان يختار عبور بوابة الموت بعد انتهاء دوره وتجربته الخاصة، أو دوره في تجارب الآخرين.
كانت الرسالة عبر تلك العودة المتكررة أن هناك ما زال ما لم تختبره بعد.

🍁 لست أدري كم تبقى من معالم جغرافيا روحي لأكمله لكني على يقين أنني لن أغادر هذا العالم إلا عندما أنتهي من جدول أعمال روحي والتي وصلت خريفها الأخير لصورة جديدة عن الإله والإنسان والكون.

مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام