جغرافيا الروح في 48 خريفًا - 14- الإخلاص للظلام كما للنور.🍁
رحلة الروح ليست خطًا مستقيمًا نحو النور، بل حركة لولبية تعبر العتمة كما تعانق الضياء.
📖هي شهادة وجودية عميقة، ترسم خريطة تطور الروح عبر مسيرة حياتي.
إنه سرد مكثف، ومفعم بالصدق عن رحلة البحث عن المعنى والحقيقة.
🔸الإخلاص هو الثابت الوحيد في التغير.
عبر هذه الرحلة، كان الإخلاص رفيقي الثابت الوحيد في كل خريف، فما دمت مؤمنًا بقناعة ما، مهما تبدلت، يظل الإخلاص لها قائمًا.🔸 تتغير القناعات ويبقى الإخلاص.
بقي إخلاصي للفكرة التي أؤمن بها في كل مرحلة هو الهوية الثابتة. هذا يذكرنا بأن جوهر الأخلاق قد يكمن في صدق التوجه وعمقه، أكثر من ماهية التوجه نفسه في لحظة تاريخية معينة.الظلام هو بوابة النور، فالحياة سلسلة من الدروس الضرورية لتستعيد الروح تذكُّرها الأصيل.
🔸 مراحل الانجذاب والتحول.
في مراحل حياتي المختلفة، كان الإخلاص هو البوصلة:🦌عندما كنت أعيش تدينًا شعبيًا تقليديًا، أخلصت له.ولما لم يعد يشبعني، انتقلت إلى التدين التمايزي الاستعلائي، فأخلصت له.
🦌لما آمنت أن أسفل الكعبين في النار، رفعت عنهم ما يغطيهم.
🦌لما آمنت أن الصور حرام وتمنع الملائكة، أتلفت ما يخصني وأزلت غيرها.
🦌لما آمنت أن لمس المرأة حرام، وأنها عورة ناقصة عقل ودين امتنعت عن المصافحة، وإن اضطررت استخدمت المنديل كحاجز.
🦌 لما آمنت أن كراهية اليهود والنصارى دين، كرهتهم بصدق، مع الشيعة والإباضية وغيرهم ممن خالف ما كنت أراه هدى.
🦌لما آمنت أن الفن حرام والموسيقى وبال، منعت التلفاز وأتلفت مؤشر الراديو حتى لا يتحرك عن إذاعة القرآن الكريم.
🦌لما آمنت أن الغزو والقتال هو طريق لإرضاء الإله، حلمت به، وتمنيت أن أغزو، وعشت وجدانيًا في هذا الإيمان.
🦌لما آمنت بالقومية العربية والتجربة الناصرية التي لم أعاصرها، أخلصت لها.
كان لقلبي جناحان يحلقان واحد في بغداد والآخر في نواكشوط، وعندي صنم اسمه القومية.
🦌لما آمنت بالليبرالية على مراحل، من محاولة مزجها بالدين حتى استقلالها، أخلصت للحرية الفردية والمساواة.
🦌لما آمنت بالإنسانية، أخلصت لها ولكل إنسان، فاتسع المجال نحو الكونية.
🦌لما آمنت بنفسي، لم يتخلَّ الإخلاص عني. فرأيت نفسي في الكون، ورأيت الكون بين أضلعي، وأحببت نفسي، وبحبها أحببت الكل، وهذا أيضًا بصدق وإخلاص.
كل مرحلة لم تكن خطأً بل درجة على سلّم التذكّر. 🌱
🔸من الخوف إلى العشق رحلة تحرير الذات.
في علاقتي بالإله لما آمنت أنه مخيف، خفت منه بصدق.
فلما آمنت أنه محبوبي، أبحرت في صفات الجلال بأجنحة الجمال، وهُمت به عشقًا.💚
لقد أصبح إيماني انجذابًا بعد أن كان مجرد خضوع.
🍁تساقطت أوراق الخريف، خريفًا تلو خريف، حتى وصلت إلى خريفي الثامن والأربعين.
🦌الآن، لم أغزو، ولم تعد نفسي تحدّثني بالغزو.
🦌لم أعد أكره مخلوق ، ولم تعد الكراهية تخدمني.
🦌أصبحت في أقل حالاتي من إصدار الأحكام والإدانة لأي مخلوق أو لأي شيء، وإن حدثت سقطة، أراجعها فورًا.
🦌عندما توقفت عن إدانة ذاتي في مراحلها الماضية، استطعت أن أتوقف عن إدانة الآخرين.
🔸هدية الرحلة!
أدركت أنه لا يوجد عبث في الرحلة، وأن كل ما فيها، بما فيه الألم، هو هدية ورسالة ودرس لأتذكر. لم أعد الضحية ولا القاضي، بل التلميذ الممتن في رحلة العودة التي أتمنى أن أحمل معي منها عَبِيرًا إلى هناك.🗾خريطة روحي في 48 خريفًا هي دليل على أن الحياة ليست وصولًا إلى قناعة ثابتة، بل هي عملية مستمرة من التذكر، أي استعادة الوعي بالذات والكون. أوراق الخريف تتساقط لتسمح للروح بأن تنمو من جديد.
ليست هناك تعليقات: