نواصل الرحلة مع سماحة العلامي السيد علي الأمين المرجع الشيعي اللبناني وأحد بلابل التعايش والمحبة والتعارف
والمطلوب في عملية التصحيح أن نبتعد عن استنهاض تلك اللغة العنصرية والمذهبية بالعودة إلى ينابيع الإسلام الأصلية من الكتاب والسنة وعرض موروثاتنا العقدية والفقهية عليها عملاً بقوله تعالى:
(...فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا...)
والرد إلى الله يكون بالعودة إلى القرآن الكريم والرد إلى رسوله يكون بالرجوع إلى سنته الجامعة غير المفرقة.
وبعض المصطلحات مثل (ناصبي ورافضي ) التي تدخل في باب التنابز بالألقاب في أيامنا لزرع الفرقة بين المسلمين دون معرفة أسبابها وتاريخها،فإنها صدرت تعبيراً عن صراع في مرحلة معينة انتهى منذ زمن بعيد ، فلا يوجد في المذاهب الإسلامية كلها من ينصب العداء لأهل البيت عليهم السلام.
وأولئك الذين رفضوا الإنضمام إلى الإمام زيد في معركة الكوفة عندما رفض الطعن بالشيخين بقوله : ما سمعت من آبائي عنهما إلا خيرا!.
هؤلاء أيضاً قد انتهوا وانتهت الحادثة التي كانت سبباً لتسميتهم الشخصية بها فلا تنطبق على ذراريهم الذين لم يكونوا في تلك الحادثة كما لا ينطبق عنوان الناصبي على ذرية من نصب العداء لأهل البيت وحاربهم في تلك الفترة لأن العناوين ذات الأحكام والأوصاف لا تنتقل عن موضوعاتها بدون الفعل الذي قام به صاحب ذلك الوصف والعنوان، ولا يوجد في كل المذاهب الإسلامية من ينصب العداء لأهل البيت.
العلامة الأمين :
وقد كانت حياة أئمة أهل البيت حافلة بالعلاقات العائلية والمواقف المشتركة مع الصحابة التي تحكمها مصلحة الإسلام ومبادئ الدين، وقد عبر عنها الإمام علي في كلمات عديدة ومواقف مختلفة،ومنها ما قاله الإمام علي في نهج البلاغة (...لَقَدْ رَأَيْتُ أَصْحَابَ مُحَمَّد(صلى الله عليه وآله)، فَمَا أَرَى أَحَداً يُشْبِهُهُمْ مِنْكُمْ! لَقَدْ كَانُوا يُصْبِحُونَ شُعْثاً غُبْراً، قَدْ بَاتُوا سُجّداً وَقِيَاماً، يُرَاوِحُونَ بَيْنَ جِبَاهِهِمْ وَخُدُودِهِمْ، وَيَقِفُونَ عَلَى مِثْلِ الْجَمْرِ مِنْ ذِكْرِ مَعَادِهِمْ! كَأَنَّ بَيْنَ أَعْيُنهِمْ رُكَبَ الْمِعْزَى مِنْ طُولِ سُجُودِهِمْ! إِذَا ذُكِرَ اللهُ هَمَلَتْ أَعْيُنُهُمْ حَتَّى تَبُلَّ جُيُوبَهُمْ، وَمَادُوا كَمَا يَمِيدُ الشَّجَرُ يَوْمَ الرِّيحِ الْعَاصِفِ، خَوْفاً مِنَ الْعِقَابِ، وَرَجَاءً لِلثَّوَابِ!).
وكان يقول كما جاء في كتاب الغارات لإبراهيم الثقفي ( كلُّ أصحاب محمّد أصحابي)،
وفي نفس المصدر تحدّث الإمام عن أبي بكر وعمر في رسالة بعثها إلى أهل مصر مع قيس بن سعد يتحدث فيها عمّا جرى بعد وفاة رسول الله صلّى الله وعليه وآله (..ثم إن المسلمين من بعده استخلفوا به امرأين صالحين عملا بالكتاب وأحسنا السيرة ولم يتعدَّيا السُّنَّة ثمّ توفّاهما الله عزَّ وجلّ فرحمهما الله).
وقال عنهما في بعض كتبه إلى معاوية (...وزعمت أن أفاضل أصحابه الخليفة الصديق وخليفة الخليفة، ولعمري إن مكانهما من الإسلام لعظيم وإن المصاب بهما لشديد...).
------
في الحلقة القادمة نتعرف على الفرقة الناجية ..
الحوار الكامل في كتاب زبدة الفكير في رفض السب والتكفير
د.عتمان:
هل هناك فرق بين التشيع الجعفري وما يسمي التشيع الصفوي إن جاز التعبير وما مواقفقكم من مصطلحات الروافض والنواصب والتي يرددها البعض دون معرفته بالآخر ؟
هل هناك فرق بين التشيع الجعفري وما يسمي التشيع الصفوي إن جاز التعبير وما مواقفقكم من مصطلحات الروافض والنواصب والتي يرددها البعض دون معرفته بالآخر ؟
العلامة الأمين :
إن الماضي الذي جرى بين الدولتين الصفوية والعثمانية من صراع على السلطة والنفوذ في العالم العربي كان وراء إثارة نعرات طائفية ومذهبية لم تكن موجودة في العهود السابقة خصوصاً في عهود معاصرة أئمة أهل البيت لمعظم الحكام والخلفاء في الدولتين الأموية والعباسية ولا شك أن الصراع وخصوصاً الدموي منه يولد ثقافة فيها الكثير من مدح الذات والجماعة والكثير من الكراهة والبغضاء للآخر وإظهار معايبه وكتم فضائله وتغييب المشترك معه وظهور العنصريات كما قال الشاعر :
وعين الرضا عن كل عيبٍ كليلةٌ ....... كما أنّ عين السخط تبدي المساوياإن الماضي الذي جرى بين الدولتين الصفوية والعثمانية من صراع على السلطة والنفوذ في العالم العربي كان وراء إثارة نعرات طائفية ومذهبية لم تكن موجودة في العهود السابقة خصوصاً في عهود معاصرة أئمة أهل البيت لمعظم الحكام والخلفاء في الدولتين الأموية والعباسية ولا شك أن الصراع وخصوصاً الدموي منه يولد ثقافة فيها الكثير من مدح الذات والجماعة والكثير من الكراهة والبغضاء للآخر وإظهار معايبه وكتم فضائله وتغييب المشترك معه وظهور العنصريات كما قال الشاعر :
والمطلوب في عملية التصحيح أن نبتعد عن استنهاض تلك اللغة العنصرية والمذهبية بالعودة إلى ينابيع الإسلام الأصلية من الكتاب والسنة وعرض موروثاتنا العقدية والفقهية عليها عملاً بقوله تعالى:
(...فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا...)
والرد إلى الله يكون بالعودة إلى القرآن الكريم والرد إلى رسوله يكون بالرجوع إلى سنته الجامعة غير المفرقة.
وبعض المصطلحات مثل (ناصبي ورافضي ) التي تدخل في باب التنابز بالألقاب في أيامنا لزرع الفرقة بين المسلمين دون معرفة أسبابها وتاريخها،فإنها صدرت تعبيراً عن صراع في مرحلة معينة انتهى منذ زمن بعيد ، فلا يوجد في المذاهب الإسلامية كلها من ينصب العداء لأهل البيت عليهم السلام.
وأولئك الذين رفضوا الإنضمام إلى الإمام زيد في معركة الكوفة عندما رفض الطعن بالشيخين بقوله : ما سمعت من آبائي عنهما إلا خيرا!.
هؤلاء أيضاً قد انتهوا وانتهت الحادثة التي كانت سبباً لتسميتهم الشخصية بها فلا تنطبق على ذراريهم الذين لم يكونوا في تلك الحادثة كما لا ينطبق عنوان الناصبي على ذرية من نصب العداء لأهل البيت وحاربهم في تلك الفترة لأن العناوين ذات الأحكام والأوصاف لا تنتقل عن موضوعاتها بدون الفعل الذي قام به صاحب ذلك الوصف والعنوان، ولا يوجد في كل المذاهب الإسلامية من ينصب العداء لأهل البيت.
د.عتمان :
نعود بسماحتكم لليوم وحالة الإحتقان والتكفير التي تجاوزت تكفير الشيعة للسنة والعكس للتكفير بين أبناء كل مذهب وبعضهم البعض ، حضور شبح الخوارج يتهم كل فريق به الآخر ..
هناك أمور شائكة تروج لها الفضائيات وبعض المعممين من الشيعة تؤدي لاحتقان وربما تعاطف من كثير من أهل السنة مع من يكفر الشيعة ويراهم الخطر الأشد على الدين، فنرجوا من سماحتكم توضيح موفقكم من تلك الأمور ليتبين لأهل السنة أن هناك أصوات أخرى غير تلك التي تبث الحقد المقدس وتشعل الكراهية، فهل الشيعة كلهم واحد وعقائدهم واحدة ؟ وهل مثلي ممن يلتزم المذهب السني ولا يؤمن بالإمامة كافر ؟
نعود بسماحتكم لليوم وحالة الإحتقان والتكفير التي تجاوزت تكفير الشيعة للسنة والعكس للتكفير بين أبناء كل مذهب وبعضهم البعض ، حضور شبح الخوارج يتهم كل فريق به الآخر ..
هناك أمور شائكة تروج لها الفضائيات وبعض المعممين من الشيعة تؤدي لاحتقان وربما تعاطف من كثير من أهل السنة مع من يكفر الشيعة ويراهم الخطر الأشد على الدين، فنرجوا من سماحتكم توضيح موفقكم من تلك الأمور ليتبين لأهل السنة أن هناك أصوات أخرى غير تلك التي تبث الحقد المقدس وتشعل الكراهية، فهل الشيعة كلهم واحد وعقائدهم واحدة ؟ وهل مثلي ممن يلتزم المذهب السني ولا يؤمن بالإمامة كافر ؟
العلامة الأمين :
إن منطق السب والتكفير للمسلمين هو منطق مرفوض ولذلك قد نقل الإجماع عن علماء المسلمين قاطبة أنه لا يجوز تكفير أهل القبلة فكيف يجوز التطاول بالسب والتكفير على أئمة المسلمين والخلفاء الراشدين رضي الله عنهم أجمعين؟!
والطعن في أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها هو من الإثم العظيم والبهتان المبين، والنصوص الدينية في الكتاب والسنة قد عظّمت من شأن أزواج النبي وجعلت منهن أمهّات للمؤمنين، وهن داخلات في أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا كما جاء في القران الكريم، وعندما كنا ندرس في حوزات النجف الأشرف الدينية لم نسمع من مراجع الدين الذين يعتدُّ بآرائهم ما يسيء إلى طهر وعفاف أمهات المؤمنين، فالإساءة إليهن مخالفة للقرآن والسنة النبوية، مضافاً إلى أنها تسيء إلى وحدة الأمة الإسلامية التي أعتبرها من مقاصد الشريعة التي يجب السعي إليها والمحافظة عليها.
والإمامة التي اختلف عليها المسلمون ليست من أركان الدين المتفق عليها بينهم، وليست من شروط الإسلام وضرورياته، وهذا الرأي هو ما استقر عليه المذهب، وهو ما كانت عليه سيرة أئمة أهل البيت في القول والعمل، فلم يؤثر عنهم سبٌّ وتكفير لمن خالفهم في الإمامة وغيرها من الفروع غير الضرورية، وقد نهى الإمام علي (ع) قوماً من أهل العراق عن السّباب عندما كانوا متوجّهين معه إلى حرب معاوية في صفين وسمعهم يشتمون ويسبّون فقال لهم ( إني أكره لكم أن تكونوا سبّابين... )، وهو بذلك يعمل بالمنهج التربوي الذي سنّه رسول الله عليه الصلاة والسلام بقوله (ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء).وقد كانت حياة أئمة أهل البيت حافلة بالعلاقات العائلية والمواقف المشتركة مع الصحابة التي تحكمها مصلحة الإسلام ومبادئ الدين، وقد عبر عنها الإمام علي في كلمات عديدة ومواقف مختلفة،ومنها ما قاله الإمام علي في نهج البلاغة (...لَقَدْ رَأَيْتُ أَصْحَابَ مُحَمَّد(صلى الله عليه وآله)، فَمَا أَرَى أَحَداً يُشْبِهُهُمْ مِنْكُمْ! لَقَدْ كَانُوا يُصْبِحُونَ شُعْثاً غُبْراً، قَدْ بَاتُوا سُجّداً وَقِيَاماً، يُرَاوِحُونَ بَيْنَ جِبَاهِهِمْ وَخُدُودِهِمْ، وَيَقِفُونَ عَلَى مِثْلِ الْجَمْرِ مِنْ ذِكْرِ مَعَادِهِمْ! كَأَنَّ بَيْنَ أَعْيُنهِمْ رُكَبَ الْمِعْزَى مِنْ طُولِ سُجُودِهِمْ! إِذَا ذُكِرَ اللهُ هَمَلَتْ أَعْيُنُهُمْ حَتَّى تَبُلَّ جُيُوبَهُمْ، وَمَادُوا كَمَا يَمِيدُ الشَّجَرُ يَوْمَ الرِّيحِ الْعَاصِفِ، خَوْفاً مِنَ الْعِقَابِ، وَرَجَاءً لِلثَّوَابِ!).
وكان يقول كما جاء في كتاب الغارات لإبراهيم الثقفي ( كلُّ أصحاب محمّد أصحابي)،
وفي نفس المصدر تحدّث الإمام عن أبي بكر وعمر في رسالة بعثها إلى أهل مصر مع قيس بن سعد يتحدث فيها عمّا جرى بعد وفاة رسول الله صلّى الله وعليه وآله (..ثم إن المسلمين من بعده استخلفوا به امرأين صالحين عملا بالكتاب وأحسنا السيرة ولم يتعدَّيا السُّنَّة ثمّ توفّاهما الله عزَّ وجلّ فرحمهما الله).
وقال عنهما في بعض كتبه إلى معاوية (...وزعمت أن أفاضل أصحابه الخليفة الصديق وخليفة الخليفة، ولعمري إن مكانهما من الإسلام لعظيم وإن المصاب بهما لشديد...).
------
في الحلقة القادمة نتعرف على الفرقة الناجية ..
الحوار الكامل في كتاب زبدة الفكير في رفض السب والتكفير
ليست هناك تعليقات: