الإسلام السياسى أو ما يسمى بالتيارات الإسلامية
وقعت فى إشكالية كبيرة وخاصة تلك التيارات التى كانت تهتم بالدعوة والعلم
الشرعى والعمل الإجتماعى وتبتعد عن السياسة
والتيارات الإسلامية بتنوعها وإختلافها لديهم إشكاليات كبرى وهى سبب الكثير
من الصراعات والإستقطابات السياسية بينهم وبين التيارات الليبرالية والعلمانية
واليسارية وأحيانا إشكالية بين تلك التيارات نفسها
أهم تلك الإشكاليات توهم البعض أنه يملك الحق والحقيقة المطلقة وأنه حامى
حمى الدين وأن البعض ينظر لعامة المجتمع نظرة دونية من حيث دينها وتدينها.......
الإشكالية الأهم هى عدم التميز بين
من يرفض الإسلام كدين حياة ويرى كونه مجموعة عبادات وعلاقة فردية بين المتعبد
والمعبود وقد يعتقد عدم صلاحية الدين كنظام حياة وهؤلاء فى المجتمع المصرى المتدين
فطريا قلة من نخبة ليس لهم أرضية على أرض الواقع وكل قوتهم تتمثل فى المال
والإعلام والميديا
وهناك طائفة أخرى لديهم لبس وسوء فهم لحقيقة الدين الإسلامى نتيجة السموم
الإعلامية والخطايا البشرية لبعض الداعين للإسلام كمنهج حياة والتجارب البشرية لتطبيق الإسلام كمنهج حياة والتى فشلت لعوامل
كثيرة ليس منها المنهج الإسلامى....
فهم مسلمون محبون للإسلام وقد يكونوا متدينين ولكن لديهم صورة مشوشة عن
حقيقة الإسلام كدين خاتم ومنهاج حياة ونظام مجتمع
وعلى الجانب الأخر يوجد عدد كبير سواء من نخبة مثقفة أو جماهير العامة
يؤمنون بالإسلام دينا شاملا ونظام حياة متكامل و مشكلتهم ليست مع الإسلام ولكن مع
فهم بعض التيارات الإسلامية للإسلام
مشكلتهم الحقيقية فى إستغلال الإسلام وأحكامه ولىّ عنق نصوصه لخدمة موقف سياسى معين سواء كان
خطأ أو صواب
فالمسلم من ضروريات إسلامه أن يعلم أن هناك حلال وحرام سواء فى السياسة أو
الإقتصاد
فى المأكل والمشرب بل فى الكلمة التى تتلفظ بها الشفاه
وتلك هى الرسالة التى ينبغى أن تفهمها تيارات الإسلام السياسى فليس كل من
يختلف معهم ومع خلطهم الدين والعمل الدعوى بالعمل السياسى معادى للإسلام
وعندما قال الشيخ الشعراوى رحمه الله كلماته الذهبية
نتمنى أن يصل الدين إلى أهل السياسة لا أن يصل أهل الدين إلى السياسة قد
لخص القضية
وإستغلال الدين للسياسة مارسه الحزن الوطنى المنحل فإستخدم الأزهر ودار
الإفتاء إلى أن أضعفهما وأفقدهما الكثير من المصداقية وإستخدم الكنيسة لضمان ولاء الأقباط والمفارقة
أن التيارات الإسلامية لم تكن تعترف بالمؤسسات الرسمية وشاع مصطلح علماء السلطان
والمفارقة أيضا أن المؤسسات كما هى والعلماء والمشايخ هم هم ولكن موقف التيارات
الإسلامية تغير نحو دعم فتاوى تلك
المؤسسات؟
اليوم وبعد فتاوى الأزهر ودار الإفتاء بحرمة الإعتصام والعصيان المدنى
يخرج علينا خطيب الجمعة والخطبة مذاعة على القناة الثانية ويقول إن من
يدعوا للإعتصام ألئك هم المنافقون والمرجفون فى المدينة
وتلك هى الطامة الكبرى
قل مخطئون مغيبون ليس لهم حق أى
وصف
إلا إطلاق حكم شرعى نتيجة خلاف رؤى سياسية
السياسة ومواقفها عمل بشرى ووجهات نظر قابلة للصواب والخطأ وعندما أمارس
السياسة وأنا مسلم فلى ضوابط من حدود لله وحلال وحرام ولكن لاأستخدم النص الدينى
المقدس فى خصومة الرأى
وخاصة إن كان أمر خلافى وإجتهاد فى
الرؤى وغير متعرض مع ثوابت الدين المتفق عليها
أنا ضد العصيان المدنى وخاصة فى هذا التوقيت ولكن أحترم من يخالفنى وجهة
النظر
مالم تتعدى وجهة نظره حدود وجهة النظر
والإلتزام بعدم التعدى على الممتلكات والأفراد
هى دعوة إن لاقت قبول ونجاح بين قطاع عريض من المواطنيين فهذا حقهم فى طرح
مواقفهم
وإن كانت قلة ولم تلاقى إستجابة فقد كفينا الأمر
ويبقى السؤال متى ومن يستخدم النص الدينى فى أمر من أمور الحياة؟
متى ؟أعتقد أنه من المتفق عليه الرجوع إلى أصول ومبادىء الشريعة والأمور
الوارد بها نصوص واضحة المعنى قطعية الدلالة والمتفق عليها بين أهل الفقه والعلم
أما أمور الحياة والأمور المختلف عليها من حيث دلالة وفهم النص أو خصوصيته أو
عمومه أو ثبوته أو عدم ثبوته
فأعتقد أنه لا يجب الإنكار فيها
ومن؟أعتقد أيضا أنه لابد من توحيد مصدر الفتوى فى مؤسسة مستقلة تضم كوكبة
من العلماء فى شتى المعارف تكون مرجعا للخلاف ومصدر للفتاوى لنتلاشى حالة الفوضى
الحالية
وخلاصة الأمر أنه ليس كل من يختلف مع تيارات الإسلام السياسى مختلف حول
الإسلام كدين ومنهج حياة
وخطورة الزجّ بالعمل الدعوى والدعاة إلى معترك السياسة هى تحميل الدين
أخطاء وخطايا تلك التيارات والدين منها براء
فالسياسة تخدم الدين وتسير فى هداه ولا يستخدم الدين من أجل عيون السياسة
والساسة
د عاطف عتمانdratef11022011@gmail.com
ليست هناك تعليقات: