لسان الدين بن الخطيب
يا هلالا يا قضيبا يا رشا
يا هِلالاً يا قَضيباً يا رَشا
إنْ تبَدّى أو تثنّى أو مشَى
يا غَزالاً وِرْدُهُ في أدمُعي
كلّما شاءَ ومرْعاهُ الحَشا
قد فَشا فيكَ هُيامي في الوَرى
وهْوَ لوْلا دمْعُ عَيْني ما فَشا
ولَكَمْ آثرْتُ كِتْمانَ الهَوى
غيْرَ أنّ الدّمْعَ بالسِّرِّ وشَى
كيفَ بالكِتْمانِ يوْماً لامرئٍ
سرّهُ في خدّهِ قدْ نُقِشا
أو بسُلْوانٍ لمَنْ في رِيّةٍ
جِسْمُهُ والقلْبُ في وادِي الأشا
خُذْ فؤدي لكَ منّي هِبَةً
حُرّةً وافْعَلْ بقَلْبي ما تَشا
بعْتُ فيكَ النّومَ بالسُهْدِ فلا
فَرْقَ عنْدي بيْنَ صُبْحٍ وعِشا
كمْ لَيالٍ بتُّ في ظَلْمائِها
أمْتَطي منْ نارِ شوْقِي فُرُشا
كلّما صِحْتُ بها وا كَبِدي
مادَتِ الأرضُ لِما بي دَهَشا
وكأنّ النّجْمَ شرْبٌ ثمِلٌ
واصلَ الثّمْلَةَ حتّى ارتَعشا
وكأنّ الصُبْحَ في الليلِ وقدْ
ملأَ الأرْجاءَ ممّا جيّشا
مُلِئَتْ منْ جوْهَرِ الدّمْعِ يَدي
عجَباً أقْبَلُ في قَلْبي الرّشا
وجَرى من ماءِ عيني نهَرٌ
حينَ أرْسَلْتُ دُموعي مُجْهِشا
فاعْجَبوا منْ جوْهرٍ لا يُقْتَنى
ولنَهْرٍ ليس يَرْوي عطَشا
يا نَديمَيّ فؤادي كلّما
نفحَتْ ريحُ النُّعامَى انْتَشا
أنِّسا قلبي بتَذْكارِ الحِمى
فالحِمى منْ أهلِهِ قد أوْحَشا
ضاعَ يومَ البيْنِ قلْبي فابْحَثا
بيْنَ أخْفافِ المَطايا وانْبِشا
وامْزُجاها قهْوَة عِطرِيّةً
كرُمَتْ كرَماً وطابَتْ عُرُشا
فإذا أبْصَرَها ذو قِرّةٍ
ظنّها بالبُعْدِ ناراً فَعَشا
وإذا قبّلَها شارِبُها
قطّبَ الوجْهَ لَها وانْكَمشا
فسلا السّاقي الذي أترَعَها
حيّةً أوْدَعَها أو حنَشا
ثائِرٌ راقبَ منْهُ فُرصَةً
ثمّ لمّا أمْكَنَتْهُ بطَشا
وتَخالُ الأفْقَ ثغْراً قاصِياً
غلَبَ الرّومُ عليْهِ الحَبَشا
ليست هناك تعليقات: