مناجاة عرفة في واحة الأريام
يارب قومي لا يحبون سماع إلا ما تعودوا عليه وزينوه لهم، يارب إنهم سجنوا العقل واتخذوا الكتاب مهجورا؛ فأطلت أديان برأسها تتصارع ولا تتفق إلا على كونها أديان ضد الدين.
يارب حالنا يسوء وعقولنا مخمورة منعوها السؤال، نواصل الانحدار، فلا الدنيا بين أيدينا تزهدها قلوبنا، ولا الأخلاق والحب سبيلنا، نطوف حول كعبة واحدة وقلوبنا شتى، لا نتراحم ولا يرحم بعضنا بعضا، نقرأ الرحمن الرحيم فلا تلامس إلا أطراف اللسان؛ فيقتل بعضا بعضا ويكفر بعضنا بعضا ويكره بعضنا بعضا.
يارب لم يعد من السير في الأرض إلا العجز عنه أو سير البعير، ولم يعد لنا من الحديد نصيب إلا اسم سورة هجرناها، ولا من الفلك التي تجرى بأمرك إلا أننا مستهلكين لها لا نصنع فيها مسمارا.
لم يعد الاختلاف والتنوع سبيلا للتعارف بل للقطيعة والعداء واستباحة الحرمات.
يارب أمة اقرأ لا تقرأ، وأمة أفلا يتدبرون وأفلا يتفكرون وأفلا يعقلون؟ لا يقرأون ولا يتدبرون ولا يتفكرون ولا يعقلون، بل حرموا عليهم ذلك وجعلوا التفكر والتدبر والتفلسف جريمة وهرطقة .
يا رب طغت الحروف على المعاني وغاب المقصود خلف الجمود وسيطرت العادات وماتت العبادات.
يارب كثرت النصوص الميتة، ومن الميتة أكل أغلبنا أكل الغافل أو المضطر، فمتى تأذن ببعث الحياة في الضمائر وبتحرير العقول وطهارة القلوب؛ فتحيا النصوص وتشرق الأرض بنور ربها من جديد أم أنه لا إشراق لها إلا عند الميزان؟
يارب حالي لا يخفى عليك وقد أجهدني الظلام؛ فنور من نورك يجلو بصري ويكسو بصيرتي وتأنس به نفسي، ويستدل به عقلي على الطريق.
يارب في هذه الساعة من هذا اليوم وأكف الضراعة تنتظر إحسانك فأحسن إلينا وتصدق علينا، وأمطر سحائب الرحمة والمغفرة، وهيئ لنا نورا يزيل الظلم والظلام، يا نور النور ومنور النور، يا نور السماوات والأرض.
اللهم يا عظيم الإحسان صلى على سيدنا محمد وآله كما صليت على سيدنا إبراهيم وآله وبارك على سيدنا محمد وآله كما باركت على سيدنا إبراهيم وآله إنك حميد مجيد وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
اقرأ أيضا في واحة الأريام
واحة الأريام عاطف عبدالعزيز عتمان
ليست هناك تعليقات: