نقابة الصيادلة في سنواتها الأخيرة صورة مصغرة لحقيقة المشهد العبثي الذي تعاني منه أمة تسابق الزمن لمصارعها.
من خلال رصد المشهد بدقة ومحاولة تحليله ربما نصل لمعالم الصورة ورؤية حقيقتها.
معرفة حقيقة تلك الصورة ربما تكون مدخلا للفهم ومن ثم رؤية واضحة للحلول.
وقبل أن أبدأ فلابد من توضيح منهجي في عدم التعميم فالشرفاء موجودين في كل مكان وزمان وإن أصابهم العجز، ولكن لن أقول قلة مندسة بل أقول قلة منتفعة في ظل أغلبية تائهة.
١
مشهد مرتبك في ظل عدم وجود تكتلات نقابية مهنية واضحة المعالم والتوجهات المهنية في ظل غياب الكتلة المنظمة التي أفسدت العمل النقابي بتسييسه تارة وبالإعتماد على أبناء الجماعة من أصحاب الولاء تارة أخرى، وخلق حالة احتقان طائفي من ناحية ومهني من ناحية أخرى، فأدت مماراسات الإخوان النقابية لتجريف البيئة النقابية ممى أدى لعدم وجود حالة نقابية صحية تسمح بتمثيل مهني حقيقي.
٢
لا شك أن للتعليم وطبيعة مخرجاته وغياب المماراسات الطلابية والسياسية الحقيقية دور رئيس في معالم هذه الصورة المرتبكة، فضلا عن عدم وضوح الإستراتيجية العامة والتي من ضمنها إستراتيجية تطور المنظومة الصحية وإستراتيجية تطور العمل النقابي بما يخدم الإستراتيجية العامة.
٣
ترفع وعزوف وعجز بعض المهنيين الذين يملكون رؤية عن الخوض في المشهد العبثي في ظل ضعف الوعي النقابي وسيطرة الزبد على سطح الصورة
٤
ظهور وانتشار لظاهرة السلاسل بتحايل على القانون مما ضرب إقتصاديات الصيدليات العامة في مقتل فأغلق البعض والبعض الآخر في الطريق.
انتشار الجامعات الخاصة وزيادة أعداد المقبولين بكليات الصيدلة بصورة تفوق احتياجات سوق العمل مما أدى لبطالة مقنعة وفي الطريق لبطالة حقيقية إن لم تكن أصبحت واقعا بعد .
٥
ظهر على الساحة مجموعات ضعيفة فكريا لا تملك رسالة تؤمن بها ولا رؤى لتحقيقها على الأرض ولا يجتمعون إلا على سب الإخوان والبكاء على أطلال حصادهم المر تقربا أو تزلفا أو حتى تقية لمن كان يقتات على موائد الجماعة، ومالبث الذئاب أن اختلفوا ودارت بينهم حرب تكسير عظام وكما يقول المثل الهندي تتصارع الفيلة فيهلك العشب الأخضر.
انبهار بالشاشات والصحف والتنافس على الظهور بلا اتقان لأدبيات الظهور وعنترية تصريحات غير مدروسة ولا مسؤولة ربما عن ضعف خبرة وانعدام رؤية، وصدام بلا مبرر وخنوع بلا كرامة! وغياب حلقة التواصل المحترمة بين النقابة والسلطة التنفيذية ، فلم يكن هناك من ينقل عدالة مطالبنا ولا يوضح طبيعة مشاكلنا وحقوقنا فغاب القوي الأمين.
٦
للمرة الأولى يتكون ألتراس لأشخاص قائم على المنافع والأطماع مما حول جزء مهم من الذين يفترض بهم أنهم أصحاب وعي ورسالة لمجرد محلَلين للخطايا مبررين للأخطاء وأحيانا ذباب إلكتروني أو حتى فتوات إن لزم الأمر.
٧
هذا الزبد الذي كسى معالم الصورة حصاد إنتخابات لم يحضر أحد، وتم استبدال حشد الجماعة الطائفي بحشد أصحاب المصالح والأجندات والوجبات لزرع من يمثل مصالحهم في ظل غياب أصحاب المصلحة الحقيقة من عموم الصيادلة عن المشهد.
٨
سنوات عجاف فقدت فيها المهنة كل غال وعزيز وأخطره الإحترام بين أبنائها وإحترامهم لكيان نقابتهم وتوالت شركات الأمن من أموال أصحاب المعاشات المخزية، والذين لا يغطى أغلبهم تأمين صحي ويأكلهم غلاء المعيشة لينزل بهم من طبقة المستورين لطبقة المحتاجين في نقابة تجاوز منتسبوها الربع مليون.
٩
تحول النقابة لساحة صراع امتد للبلطجة وإسالة الدماء والإرهاب بالتحقيقات والتأديب والشطب ومعاندة بعض الفرعيات الغير خاضعة وتعطيل مصالح منتسبيها في ظل نقابات فرعية مستأنسة تحول كل دورها لختم الأوراق وجباية الإشتراكات والمساهمة في عبثية الصورة إما بصمت العاجز أو موافقة الخاضع.
١٠
موسم الإنتخابات وسقوط ما بقي من قيم وأخلاق وشرف خصومة، ومحاولات مستميتة للاستمرار في السنوات العجاف وتفصيل قرارات من أصحاب المصلحة لإزالة أية منافسة حقيقية وضمان فساد العملية الإنتخابية نتيجة الطعون واستنزاف أموال أصحاب ٨٠٠ جنيه معاش
١١
دخول مرشح يُظن أنه قوي وحالة هياج غير عاقلة والإعتداء على صحفيين كأنهم صيادلة استنادا على سوابق اعتداء في ظل صمت قاتل.
لا أستطيع أن أجزم أن الأمور تسير بعفوية ففي حلبة الصراع اللأخلاقي يستغل المتصارعين كل الأسلحة وأهمها من يهديه إليك خصم غبي.
١٢
محاولات بائسة لا تصح إلا في مجتمعات مأزومة بتحويل الأمر لصدام مهني تارة بين الأطباء والصيادلة وتارة بين الصيادلة والصحفيين لتوريط النقابة وأموالها في صراع صنعه وقام به بلطجية في ظل غضبة نقابة الصحفيين لأعضائها المعتدى عليهم.
١٣
مشهد معقد وفي غاية الضبابية في ظل الإختيار المر بين أخف الأضرار وليس إختيار الأصلح، وما يزيد المشهد ضبابية أنه في ظل الجسد المنهك والمثقل بالأعباء للصيادلة ومستقبلهم لم تتضح قواعد اللعبة بعد ولا معالم الصورة الإنتخابية.
١٤
الرهان الأخير هم هؤلاء المحبطين من حزب الكنبة والذين أنهكهم السعي على المعيشة فأهملوا اختيار من يحفظ لهم حقوقهم وها هم لا حافظوا على معيشتهم ولا أحسنوا اختيار من يمثلهم وهم وحدهم القادرين على التغيير شريطة أن يكون تغيير بوعي وليس مجرد استنساخ وجوه جديدة أو إعادة تجربة المجرب.
--------
اللوحة للفنان السوري المرحوم غسان السباعي
من خلال رصد المشهد بدقة ومحاولة تحليله ربما نصل لمعالم الصورة ورؤية حقيقتها.
معرفة حقيقة تلك الصورة ربما تكون مدخلا للفهم ومن ثم رؤية واضحة للحلول.
وقبل أن أبدأ فلابد من توضيح منهجي في عدم التعميم فالشرفاء موجودين في كل مكان وزمان وإن أصابهم العجز، ولكن لن أقول قلة مندسة بل أقول قلة منتفعة في ظل أغلبية تائهة.
١
مشهد مرتبك في ظل عدم وجود تكتلات نقابية مهنية واضحة المعالم والتوجهات المهنية في ظل غياب الكتلة المنظمة التي أفسدت العمل النقابي بتسييسه تارة وبالإعتماد على أبناء الجماعة من أصحاب الولاء تارة أخرى، وخلق حالة احتقان طائفي من ناحية ومهني من ناحية أخرى، فأدت مماراسات الإخوان النقابية لتجريف البيئة النقابية ممى أدى لعدم وجود حالة نقابية صحية تسمح بتمثيل مهني حقيقي.
٢
لا شك أن للتعليم وطبيعة مخرجاته وغياب المماراسات الطلابية والسياسية الحقيقية دور رئيس في معالم هذه الصورة المرتبكة، فضلا عن عدم وضوح الإستراتيجية العامة والتي من ضمنها إستراتيجية تطور المنظومة الصحية وإستراتيجية تطور العمل النقابي بما يخدم الإستراتيجية العامة.
٣
ترفع وعزوف وعجز بعض المهنيين الذين يملكون رؤية عن الخوض في المشهد العبثي في ظل ضعف الوعي النقابي وسيطرة الزبد على سطح الصورة
٤
ظهور وانتشار لظاهرة السلاسل بتحايل على القانون مما ضرب إقتصاديات الصيدليات العامة في مقتل فأغلق البعض والبعض الآخر في الطريق.
انتشار الجامعات الخاصة وزيادة أعداد المقبولين بكليات الصيدلة بصورة تفوق احتياجات سوق العمل مما أدى لبطالة مقنعة وفي الطريق لبطالة حقيقية إن لم تكن أصبحت واقعا بعد .
٥
ظهر على الساحة مجموعات ضعيفة فكريا لا تملك رسالة تؤمن بها ولا رؤى لتحقيقها على الأرض ولا يجتمعون إلا على سب الإخوان والبكاء على أطلال حصادهم المر تقربا أو تزلفا أو حتى تقية لمن كان يقتات على موائد الجماعة، ومالبث الذئاب أن اختلفوا ودارت بينهم حرب تكسير عظام وكما يقول المثل الهندي تتصارع الفيلة فيهلك العشب الأخضر.
انبهار بالشاشات والصحف والتنافس على الظهور بلا اتقان لأدبيات الظهور وعنترية تصريحات غير مدروسة ولا مسؤولة ربما عن ضعف خبرة وانعدام رؤية، وصدام بلا مبرر وخنوع بلا كرامة! وغياب حلقة التواصل المحترمة بين النقابة والسلطة التنفيذية ، فلم يكن هناك من ينقل عدالة مطالبنا ولا يوضح طبيعة مشاكلنا وحقوقنا فغاب القوي الأمين.
٦
للمرة الأولى يتكون ألتراس لأشخاص قائم على المنافع والأطماع مما حول جزء مهم من الذين يفترض بهم أنهم أصحاب وعي ورسالة لمجرد محلَلين للخطايا مبررين للأخطاء وأحيانا ذباب إلكتروني أو حتى فتوات إن لزم الأمر.
٧
هذا الزبد الذي كسى معالم الصورة حصاد إنتخابات لم يحضر أحد، وتم استبدال حشد الجماعة الطائفي بحشد أصحاب المصالح والأجندات والوجبات لزرع من يمثل مصالحهم في ظل غياب أصحاب المصلحة الحقيقة من عموم الصيادلة عن المشهد.
٨
سنوات عجاف فقدت فيها المهنة كل غال وعزيز وأخطره الإحترام بين أبنائها وإحترامهم لكيان نقابتهم وتوالت شركات الأمن من أموال أصحاب المعاشات المخزية، والذين لا يغطى أغلبهم تأمين صحي ويأكلهم غلاء المعيشة لينزل بهم من طبقة المستورين لطبقة المحتاجين في نقابة تجاوز منتسبوها الربع مليون.
٩
تحول النقابة لساحة صراع امتد للبلطجة وإسالة الدماء والإرهاب بالتحقيقات والتأديب والشطب ومعاندة بعض الفرعيات الغير خاضعة وتعطيل مصالح منتسبيها في ظل نقابات فرعية مستأنسة تحول كل دورها لختم الأوراق وجباية الإشتراكات والمساهمة في عبثية الصورة إما بصمت العاجز أو موافقة الخاضع.
١٠
موسم الإنتخابات وسقوط ما بقي من قيم وأخلاق وشرف خصومة، ومحاولات مستميتة للاستمرار في السنوات العجاف وتفصيل قرارات من أصحاب المصلحة لإزالة أية منافسة حقيقية وضمان فساد العملية الإنتخابية نتيجة الطعون واستنزاف أموال أصحاب ٨٠٠ جنيه معاش
١١
دخول مرشح يُظن أنه قوي وحالة هياج غير عاقلة والإعتداء على صحفيين كأنهم صيادلة استنادا على سوابق اعتداء في ظل صمت قاتل.
لا أستطيع أن أجزم أن الأمور تسير بعفوية ففي حلبة الصراع اللأخلاقي يستغل المتصارعين كل الأسلحة وأهمها من يهديه إليك خصم غبي.
١٢
محاولات بائسة لا تصح إلا في مجتمعات مأزومة بتحويل الأمر لصدام مهني تارة بين الأطباء والصيادلة وتارة بين الصيادلة والصحفيين لتوريط النقابة وأموالها في صراع صنعه وقام به بلطجية في ظل غضبة نقابة الصحفيين لأعضائها المعتدى عليهم.
١٣
مشهد معقد وفي غاية الضبابية في ظل الإختيار المر بين أخف الأضرار وليس إختيار الأصلح، وما يزيد المشهد ضبابية أنه في ظل الجسد المنهك والمثقل بالأعباء للصيادلة ومستقبلهم لم تتضح قواعد اللعبة بعد ولا معالم الصورة الإنتخابية.
١٤
الرهان الأخير هم هؤلاء المحبطين من حزب الكنبة والذين أنهكهم السعي على المعيشة فأهملوا اختيار من يحفظ لهم حقوقهم وها هم لا حافظوا على معيشتهم ولا أحسنوا اختيار من يمثلهم وهم وحدهم القادرين على التغيير شريطة أن يكون تغيير بوعي وليس مجرد استنساخ وجوه جديدة أو إعادة تجربة المجرب.
--------
اللوحة للفنان السوري المرحوم غسان السباعي
ليست هناك تعليقات: