رحم الله ضحايا بغي الإنسان على أخيه الإنسان
رحمك الله أيها الزميل الدكتور أحمد طه شهيد لقمة العيش في بلاد الغربة، فلست الأول ولن تكون الأخير، والكل يعلم أن الأمر لن يتجاوز بعض التعاطف الصادق من العجزة من أمثالي، وكثير من النخاسة من محترفي النخاسة لتسجيل نقاط في حلبة صراع القرود، ألئك الذين فقدوا كل شيء يمت للإنسانية بصلة ولم يعد لديهم لا وازع من ضمير أو دين، ولما لا والدين أصبح معلبات فاسدة منتهية الصلاحية يسممون به العقول، ويفسدون به الفطرة، ويخدرون ضمائر أجساد أكلها الفقر والمرض.
التقى بعض الناصحين من العجزة والنخاسين على حد سواء على قبول الدية لعدم إمكانية بلوغ العدل وفق قاعدة ما لا يدرك كله لا يترك كله، وهنا أعجز عن النصيحة أو التنظير فأي قيمة للحرف أو الفكرة في ظل حرية اللاإختيار.
يا صديقي لست خاشقحي لتقف خلفك قنوات وتدعم حقك دول، بل قدرك أنك منا ونحن العجزة منك، وثمننا في أفضل الأحوال صرة من الدنانير، وشيخ قبيح اللحية يؤبنك ويعد روحك بالحور العين وأنك هناك في عليين، وكأنه قدر علينا أنه لا مكان لنا هنا، نأتي إليها نتعذب ونرحل بوعد نعيم ممن لا يملك.
قدرك يا صديقي أنك وجدت في زمن بلا كليم، وصوت يحيى الذبيح مكتوم، مات فيه المسيح وألف ألف يهوذا يتصدرون، و عدل محمد قتل في صفين.
قتل الذي لم ينازع الساسة ولم ينخرط في الأحزاب، ولم يتصدر أو يسعى يوما لكرسي نقابي يدر عليه الأموال بلا عناء ولا حساب، بل انطلق يبحث عن مستقبله بعرقه وغربته بلا ذنب ولا جريرة إلا ذنب أبوين أتيا به إلى هنا.
نم يا صديقي ولتهنأ روحك فالأموات على ظهر الأرض كثر وأنت بلغت الحياة، ولتسكن روحك فصاحب الملك لم ينصب المحكمة بعد، ومحكمته هي العدل المطلق وجواز سفرك عنده أنك إنسان، ودفاعك ستتولاه اليد التي بطشت واللسان الذي سكت أو تاجر بدمك وسيرضيك الله حتى ترضى ورب محمد.
لا أملك بعد سكب الحروف العاجزة والدموع المتحجرة بعد أن جفت المدامع إلا دعاء بالرحمة لك ولنا وللإنسانية المعذبة، وتضرع لله أن يربط على قلب أمك وذويك وقلب كل أم ثكلى كما ربط على قلب أم موسي عليه السلام، وأن أصلي الغائب على روحك وروحي وإنسانية الإنسان.
_____
المرحوم الزميل الدكتور أحمد طه الذي قتل في الصيدلية محل عمله في السعودية لا أعرفه من قبل ولا تربطني به بعد الزمالة المهنية إلا الرباط الإنساني الذي يجمع أحفاد هابيل
ليست هناك تعليقات: