18/3/2015
قراءة تحليلية لكتاب التشيع العلوي والتشيع
الصفوي للمرحوم
في بداية تصفحي للكتاب أصبت بصدمة من نظرة
شريعتي للصحابي الجليل عبدالرحمن بن عوف ووصفه أنه يمثل إسلام الجاه والمصالح ولكلامه عن الصحابي الجليل خالد بن الوليد وذكر
حادثة مالك بن نويرة التي نعتبرها نحن السنة من المدسوسات وربما راودني شعور أن أطوي
صفحات الكتاب ولكن وجدت نفسي وقعت في الفخ وهو أن إطاري الفكري فرض قيوده وتحولت من
صاحب حق نسبي لصاحب حق مطلق ووضعت قداسات وعصمة لا تنبغي من وجهة نظري إلا لمن عصمهم
الله من الأنبياء والمرسلين .
سألت نفسي هل أريد أن أقرأ فكر الرجل بعقلي
فأقبل منه وأرفض وأنقد أم أنني أريد أن أقرأ على لسان الرجل ما يرضي قناعاتي وأفكاري
ومعتقداتي ؟
هل ينقض كل فكر الرجل لمجرد إختلافي مع
جزء منه أم أن المفكر يوزن بمجمل فكره ويقبل منه ويرفض ، من كان منكم بلى خطيئة فليرمني
بحجر ؟
والميزان الرباني يقول من يعمل مثقال ذرة.
علي شريعتي سهل علي الأمر ونقد نفسه وقال
إن كتبه بحاجة لمراجعة لغوية لأن معظمها خطب ومحاضرات وأيضا ما يخص بعض النواحي التاريخية
والعقائدية بحاجة للتدقيق فهو قد أطلق صرخة
تصحيحية وأسس لفكرة ولم يدعي يوما إلماما كاملا
بفقه أو عقيدة ولكن الموت قطع عليه فرصة تحقيق كتبه بنفسه.
بدأ شريعتي بالشك بالدين والموروث والإسلام
الممسوخ وتحول من الشك إلي اليقين بداية من دراسة الأصول ووصل لتصور حي لإسلام ثوري
وكان له مقولة شهيرة .
"ناقشوني وقوموني فلربما كنت أنا على خطأ"
وكان لشريعتي فلسفة مفادها أن تقوية المناعة
أفضل من إستخدام الأدوية في العلاج ، تلك الفلسفة نحتاجها بشدة الآن لمجابهة التكفير
والتطرف ومواجهة الهجمة الإستعمارية الشرسة على أمتنا.
ولد علي محمد تقي شريعتي 1933 في خرسان
في إيران ودرس الآداب ثم إلتحق بفرنسا وتخصص في علم الإجتماع الديني وينظر إليه البعض
أنه تبني الخط الإصلاحي الشيعي كما تبناه الكواكبي والأفغاني والإمام محمد عبده في
المذهب السني
حصل شريعتي على دكتوراة في علم الإجتماع
الديني ودكتوراة في التاريخ الإسلامي
الخطوط الفكرية لعلى شريعتي
كان شريعتي المتعلم في فرنسا يرى أن الحضارة
الغربية لا تصلح للمسلم الحقيقي وهذا لا يمنع التعلم منها والإستفادة من علومها وكان
يرى أن نقد الموروث والعودة لحقيقة الدين هي السبيل ، وإن كان لي من مأخذ هنا أن شريعاتي
كان يرى حقيقة الدين في مواقف أمير المؤمنين علي
والقلة التي إتبعته كأبي ذر وعمار وسلمان رضي الله عنهم أجمعين ، وأنا ربما أرى
أن حقيقة الدين الأعم كانت حتى وفاة الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام وقبل الفتن ، ومثلها عبدالرحمن بن عوف وأبوذر رضي الله عنهما مع إختلاف الإتجاهين وعلي حد علمي بالأمر
مات النبي صل الله عليه وسلم وهو راض عنهما وعن صحابته جميعا وطبيعي بعد إنقطاع الوحي
أن تحدث خلافات وإختلافات.
إرتكز فكر شريعتي على الوعي و العودة للذات.
النقد التاريخي ورفض الموروث القائم على
الخرافات والتسطيح للإسلام وللعقول.
الكفاح من أجل نجاح الإنسان ومكافحة إغواء
الرأسمالية وإغراء الماركسية.
الإنتقال بالشباب للنبع الصافي للإسلام
المحمدي الأصيل.
طرح شريعتي رحمه الله التشيع العلوي في
مقابل التشيع الصفوي
وإتٌهم شريعاتي بالزندقة وبالوهابية وبالعمالة
، وبدأ مصباح شريعتي يشع من حسينية الإرشاد ولكنه عانى كثيرا وشنت عليه حرب ضروس حيث
تعرضت مقالاته وكتبه للتزوير والتحريف لإثارة الناس ضده ، وهنا أقف عن القص واللزق
والإجتزاء من أجل التشويه وإن كان هذا في عهد التكنولوجيا الحالي فما بالنا بالتشويه
والتدليس الذي كان منذ قرون عديدة ولأناس في ذمة الله لا يستطيعون دفع الكذب عنهم ؟؟
"سيظل هؤلاء الجلادون يتحسرون على سماع كلمة
آه مني ".
كلمة أطلقها شريعتي من سجنه 1977
قتل شريعتي والملقب بالمعلم في غالب الظن
على يد السافاك جهاز الإستخبارات الإيراني في عهد الشاه عن عمر بلغ46 عام
وللمفارقة أن جثمان شريعتي أرق قاتليه فرفضوا
دفنه بوطنه ودفن بسوريا .
إتفقت كثيرا مع علي شريعتي وإختلفت في أحيان
أخرى ولكني وجدت التشيع العلوي الذي يطرحه شريعتي مع إختلافي معه أنه تشيع مقبول وقابل
للتعايش والتعاون وأنه الأقرب والأصح لمذهب الإمام جعفر الصادق عليه السلام من وجهة
نظري وأنه أبلغ نقد للتشيع الصفوي والذي يرى شريعتي أنه بدأ منذ وفاة الرسول عليه الصلاة
والسلام وتسميته بالصفوي لأن المرحلة الصفوية هي الأشهر والتي حكم فيها هذا التشيع
المحرف والمشوه للدين .
التشيع العلوي الذي يوضحه شريعتي يختلف
جوهريا مع التسنن الراشدي في أمرين من المفترض أنهما لا يفرقان جمع المسلمين الآن
فالإختلاف حول الإمامة في غياب الإمام والإختلاف
حول الغيبة في ظل إستمرارها نوع من العبث ، فعندما يولد أو يعود الإمام المهدي تحل
تلك القضية والأمر يخضع للبحث ونقاش أهل العلم والتحقيق ولا ينبغي أن يصبح نار تأكلنا
جميعا
خلاصة ما أسعى إليه من تحليلي لكتاب شريعتي
ليس توحد التشيع والتسنن لأنه محال بل أسعى لوحدة السني والشيعي الجعفري تحت راية الإسلام
وأن يخضع محل الإختلاف للبحث وإن ظل كل على موقفه فلا تكفير ولا إستباحة للدماء ، وأن
يتم كشف زيف التشيع الصفوي أمام المخدوعين من العوام والذين يستخدمون وقود يحترق من
أجل هدم الدين وسيادة القومية الفارسية ، تشيع التحريف والكذب والسب واللعن من منظور
مسلم شيعي إيراني أبصر بنور الله الذين يسعون لهدم الدين ويمتطونه
في الحلقة القادمة باذن الله
تشيع الكفر وتشيع التوحيد عند شريعتي
ليست هناك تعليقات: