مساحة إعلانية

رأيت دينا غير الدين

عاطف عبدالعزيز عتمان فبراير 25, 2018


3/6/2017

في ظل حالة التدين المصطنع التي تؤرقني أدرك في الأربعين من العمر أن هناك سورة في القرآن إسمها الماعون
لم تحدد جنسا ولا عرقا ولا دينا ولا مذهبا كشرط لوجوب الماعون، وبعيون كل المذاهب أزور تفاسير سورة الماعون أو سورة الدين فأجد مفهوما إنسانيا للدين الحركي يتجاوز مفاهيم الفقهاء وتكلم الفلاسفة وتدين المتدينين وظاهرية الحرفيين وعمق الصوفيين. دين من لم يعرف الرحمة فقد كذّب به ومن لم يكن في عون أخيه الإنسان ما آمن به، ومن منع خيرا عن الناس كذّب به وأي خير خير من معرفة الله وأي منع أشر من منع نور الله؟
في ظل الفقر والاحتكار والرأسمالية البشعة بلا ضوابط جلست أتأمل الشيوعية والاشتراكية وبقدر ما إلتمست العذر لهذا الفكر وسيادته في مرحلة ما نصف الكرة الأرضية لكنني لاحظت أن المجرم الحقيقي وسبب انتشار الشيوعية هم المسلمين! توقفت عند اسم سورة في القرآن الكريم قرأتها آلاف المرات دون أن أدرك أن فيها علاج الرأسمالية البشعة وبالتالي علاج المظالم التي أدت للشيوعية ، سورة إسمها الماعون! كيف جعل الله التكذيب بالدين هو تعنيف اليتيم ومنع الإطعام والحض على الإطعام للمساكين وجعل الويل جزاءا لمنع الماعون؟ لقد جعل الإسلام من الإيمان قرينا للعطاء، عطاء مادي، كفاية للمحتاجين وإطعاما للمساكين وقرضا حسنا للمأزومين وزكاة تكفل الفقراء وصدقات تذهب الفاقات وهدية ترقق القلوب وصلة أرحام تعمق الصلات، وعطاء نوراني ببيان نور السماء للعالمين حبا وإشفاقا وخوفا على الناس أجمعين وليس عصبية لدين ولا استعبادا لبشر ولا كراهية ولا إكراها. سورة في كتاب مقدس عن الماعون وربط واضح للإيمان وللصلاة وهي عماد الدين بالعطاء ومد يد العون للمحتاج ورفض الأنانية والأنامالية، وصورة مغايرة لمفهوم التدين القاصر والعاجز الذي يتمتم به معظم الدعاة فما أظن أنني سمعت خطبة يوما عن ويل مانع الماعون عن المحتاج ولا عن دين العطاء والتكافل والتراحم ولا عن معنى الماعون. ويل للقاسية قلوبهم الذين يدعون اليتيم ولا يحضون على طعام المسكين ولم يحدد هل اليتيم المسلم دون غيره والمسكين المتدين دون غيره فكانت الرحمة مجتمعية عامة للإنسانية. رأيت أحد أصحاب الجمعيات لا يسأل عن المتبرع ما دام سيدفع وعندما يأتي المحتاج ينصب له الميزان هل يدخن وهل يتقعر في الكلام وهل يصلي؟ فما كان مني إلا أن حمدت الله أنه لم يجعل مصائرنا بيد أحد من خلقه. إسلام سورة الماعون الغائب عن العقول وسورة الماعون التي وإن حفظت بين ضفاف المصحف إلا أنها غابت عن الأرض وهجرت القلوب والعقول فتركت الأرض صحراء جرداء تنتظر أي سحابة ممطرة من أي اتجاه. في ظل شيوع الفقر ووجود النازحين وكثرة المحرومين هل تستفيق أمة سورة الماعون أم يكونوا ممن يمنعون الماعون؟ أختم بما علق به الجيلاني رحمه الله في ختام تفسيره لسورة الماعون (عليك أيها الطالب لطريق الحق، الحقيق بالإطاعة والاتِّباع أن تهذب ظاهرك وباطنك عن مطلق الرذائل المنافية للعدالة الإلهية، وتخلي سرك عن الالتفات إلى ما سوى الحق؛ لتكون صلاتك منك ميلًا حقيقيًا إلى الله، ومعراجًا معنويًا موصلًا إلى توحيده. وإياك إياك المراء والمجادلة مع بني نوعك، والاستكبار عليهم، وإظهار الثروة والسيادة فيما بينهم بالمَّال والجاه، فإنه يميت قلبك، ويزيد في هواك، ويبعدك عن مولاك، تضرك في أولاك وأخراك.)


اقتنوا الآن كتاب «صلاة الإنسانية» للكاتب الدكتور عاطف عبد العزيزمن خلال خدمة التوصيل المتاحة في كل أنحاء الجمهورية، والدفع عند الاستلام، من هنا:https://goo.gl/rQqyL6

واحة الأريام عاطف عبدالعزيز عتمان




مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام