مساحة إعلانية

د.عاطف عبدالعزيز عتمان يكتب ...كم بلعام لدينا ؟ ..من أريام أفكاري

عاطف عبدالعزيز عتمان مارس 06, 2018

15/7/2017
" وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175)
وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ .(176) "، الأعراف


الدكتور جيفري لانج في رحلته عبر الكتب السماوية وقف عند القصص القرآني مقارنة بين عرض نفس القصص التي وردت في العهد القديم و العهد الجديد لكن عرض القرآن تم بطريقة مختلفة تتجاوز الأشخاص والأماكن والزمن والسرد الدرامي لتعالج الفكرة وتعطي النص مرونة تجعله يتجاوز حاجز الأشخاص والزمان والمكان، ومن خلال تلك القراءة سنقف عند بلعام بن باعوراء الذي تجاوز القرآن شخصه وساحة الدراما الواردة في التفاسير والكتب السابقة فهل أصابتنا لعنة بلعام وكم بلعام تسلطوا علينا؟
دين ضد الدين ...
لم يكن بلعام بلا دين بل كان على علم بالإسم الأعظم ولكنها حركة الدين ضد الدين والذي يستخدم فيها الدين تحريفا للكلم عن مواضعه لمحاربة الدين عندما ينسلخ من عاين النور عنه فيخلد إلى الظلام فيماثل لهث الكلب وما هو بكلب ولا يعيب الكلب لهثه. 
إن الذي انسلخ عن النور لا ينطق كفرا ولا يعلن إلحادا بل لسانه اللاهث يتمتم بالنص المقدس وربما يقيم المعابد وينفق عليها ويسعى لهدم الدين بدين لإدراكه طبيعة التاريخ البشري الذي يطوف حول الدين.

بلعام (الرمز) يكشف حقيقة الهزيمة لعقول تائهة، فلم يتمايز معسكر النور إلا بمعية النور الذي حجب ظلم وظلام بلعام ورفاقه ولأن بلعام يدرك منعة معية النور ويعرف الحقائق فقد أشار على معسكره أن يستوى المعسكرين في الظلام فتكون لهم غلبة العدة والعدد، فأوصاهم بإغراء النساء للمعسكر الأخر فيمنع عنه الزنا معية النور وتنجح المكيدة .
أريامي تتابع بلعام من العهد القديم للعهد الجديد والتفاسير والروايات المختلفة تارة مع هل هو نبي أم ساحر أم عبد صالح، وتارة مع أتان بلعام وتارة هل عادى موسى أم يوشع بن نون عليهما السلام، وهل كان مع فرعون أم القوم الجبارين وهل هو بلعام بشخصه أم أمية بن أبي الصلت؟ 
روايات وتفاصيل وشخوص وأماكن وربما تقوم المعارك حول دخول الأتان الجنة من عدمه وحول التفاصيل هل نزع الإسم الأعظم من بلعام أم منع قهرا عن الدعاء على المؤمنين وفي وسط هذا الركام الدرامي نظرت الأريام وقالت...
النص القرآني تجاوز كل تلك الملهيات من قيود المكان والزمان والأشخاص ليسطر فكرة ربما فيها فكرة الشيطان الجني الذي عاين النور وكان من المقربين فأخلد إلى الأرض وهوى وربما تميز عن شياطين الإنس أنه أخذ وعدا بالخلود النسبي حتى الموعد المعلوم. 
إن القضية هي الانسلاخ عن النور والرهان على خلود ليس في محله والتحول للمكر والخديعة والكراهية لكل من هم في النور، ومع بلاغة التشبيه وقبحه وبيان الهدف لعلهم يتفكرون ينبغي أن تكون الوقفات فكم بلعام لدينا اليوم؟ 
ومع هول مصيبة ما انتهى إليه بلعام تزيغ أبصار الأذكياء وتبلغ قلوبهم الحناجر فإن أصاب القوم بلعام فقد أصابتنا بلاعيم إن صح جمع الاسم والمثل واضح وجنس الكلب براء من العيب .
مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام