24 نوفمبر، 2016
د.عاطف عبدالعزيز عتمان يكتب ..الرب ..ح3 من رحلة الأريام في دين الفطرة ...من أريام أفكاري
ما تزال الأريام تواصل الرحلة في رحاب دين الفطرة مسترشدة بشموع جان جاك روسو وملخص الرحلة حتى الأن هو أن :
د.عاطف عبدالعزيز عتمان يكتب ..الرب ..ح3 من رحلة الأريام في دين الفطرة ...من أريام أفكاري
ما تزال الأريام تواصل الرحلة في رحاب دين الفطرة مسترشدة بشموع جان جاك روسو وملخص الرحلة حتى الأن هو أن :
*الحقيقة هي فلسفة الإنسان الفطري والوجدان كفيل بالحكم على الأمور
وتجنيب الإنسان صراع الفلاسفة التشكيكي الذي هو تشكيك أكثر منه طرح لتصورات بناءة
* الإنسان
كائن فاعل عاقل مؤثر يفكر ويقارن ويميز ويصدر الأحكام
* أن
الحقيقة في الأشياء وليست في الأحكام التي يصدرها العقل بشأنها وأنه كلما احترزنا
في الحكم اقتربنا من الصواب.
------
بعد أن ينظر الإنسان لنفسه تتجه أنظاره بشكل طبيعي لما حوله ومن حوله
لمحاولة لفهم هذا الكون وعلاقته به من أرض
وسماء، جماد وكائنات حية ، بحار وأنهار، أفلاك ونجوم، ظاهر وخفي المعالم واضح
الأثر، ماء واحد وأرض واحدة وأكل مختلفة منها المر والحامض والحلو ، لبن من بين
فرث ودم ، حركة إرادية للإنسان وأخرى لا إرادية لا تهدأ إلا بخروج الروح أم موت
الإنسان بمعنى أخر ، جبال رواسي ثابتة بالنسبة لي متحركة بالنسبة لمحور الأرض
وللشمس ، قمر بمنازل بنظام دقيق لم يختل وحوار مع الشمس يقف أمامه العقل ما بين
الحيرة والغموض والإعجاب والإنبهار
.
فسحة من
الكون من شدة اتساعها ودقة تفاصيلها وعجيب نظامها تجعل الإنسان يقع في التيه
للوهلة الأولى إذ أن نفسه تبدو لاشيء في هذا الكون الفسيح.
يحتاج الإنسان لمراقبة هذا النظام وتفسير علاقته ببعضه البعض وعلاقته
بنفسه وهنا يقف روسو عند المادة متحركة كانت أم ساكنة ويرى أن أي منهما - السكون
أو الحركة - ليس بصفة جوهرية للمادة ويصف الحركة أنها فعل لا بدَّ له من سبب
إن زال حل السكون .
قناعة روسو الموافقة للعقل هي أن أي مادة طبيعتها السكون ومنفعلة فقط
لا غير ، وأنها عاجزة عن الحركة الذاتية لأنه لو أن حركتها ذاتية ما حل عليها
السكون ، وأنه عندما يشاهد حركة شيء إما أنه كائن حي أو مادة مدفوعة بقوة خارجية ،
وعندما ينظر روسو لحركة الكون وطبيعة وتناغم وقوانين تلك الحركة يدرك أن هناك قوة
خارجية لا يراها ولا يعرف كنهها ولكن شواهد وجودها قائمة مع غموضها وعدم إدراك
حقيقة وماهية الشيء لا ينفي وجوده
.
يعيش روسو مع الكون وتفسيرات نشأته ويظل يمارس الاستفهام خلف كل
الفرضيات، من أين كانت الحركة الأولى؟
كل الفرضيات التي تناقش الأسباب تبقى عاجزة وسيظل السؤال قائما من
أوجد الحركة السابقة ؟
فتلقي
الحركة وتوصيلها لا يبدعها ومن هنا يؤسس روسو لمبدأه العقائدي الفطري الأول وهو
أنه توجد إرادة خلف حركة الكون وأنه لابد من منشىء للحركة الأولى ولكن كيف تؤثر هذه الإرادة
في المادة؟
وما هي
حقيقة تلك القوة ؟
سر غامض
لكن أدركه إدراكي لوجودي هكذا يصل روسو بوجدانه لوجود تلك الإرادة وإن جهل كنهها
وطبيعتها ، وينتهي
روسو إلى أن الأسباب الأولى للحركة لا توجد في المادة بل هي خارجية وأن متابعة الأسباب إلى
ما لا نهاية فرضية عقيمة إذ لابد من منشأ ومنشيء للحركة الأولى ، ونلاحظ أن حركة أجزاء الكائن
الحي بارادته أما أن يتحرك جامد بذاته أو يحرك آخر فهو غير مفهوم ولا
يقبله العقل .
عرف روسو تلك الإرادة بنتائجها لا في طبيعتها ورأى أن إرجاع الحركة
للمادة كأننا نقر بفعل بلا فاعل ، وعدم إدراك كنه الفاعل لا ينفيه ويستدل عليه من
وقوع الفعل ، وهذا النظام لا تبدعه إلا إرادة وليست مجرد إرادة بل إن دقة النظام تدل على وجود إرادة عاقلة ، فمن غير المعقول تصور
أن المادة الجامدة أنشأت كائن حي يحس وينفعل ويعقل ويتفاعل ويفعل وأن ما لا يفكر
قد أنشأ من يفكر !!
ويرفض وجدان روسو وعلى خطاه سارت الأريام أن يكون هذا الكون وتلك
القوانين الحاكمة وهذا النظام وليد الصدفة أو الإحتمالات أو أن هناك تطور دارويني
، فلماذا توقف هذا التطور منذ التاريخ المكتشف حتى الآن ؟
قد ينجح الفلاسفة في إرباكك وإدخالك في دائرة شك قاتلة دون تقديم مخرج
مقبول ولكن الوجدان يظل صوته مرتفعا إقرارا بهذه القوة العاقلة المجهولة الموجودة
الواجدة .
وحدة الكون بكل مكوناته ونظامه والروابط بين مكوناته تستدعي أن تكون
هذه الإرادة العاقلة الحكيمة واحدة ، وهنا يرتفع صوت الوجدان عاليا ليعبر عن ما
وصل إليه حتى تلك المرحلة من الرحلة ويطلق اسم الرب على تلك الإرادة والقوة
العاقلة الحكيمة صاحبة المشيئة وهنا يبقى الإسم عاجزا عن تعريف المسمي الذي لم
تراه عيني ويعجز عقلى عن الإحاطة به ، من هو ؟
أين ؟
ما كنهه ؟
ليست هناك تعليقات: