مساحة إعلانية

د.عاطف عبدالعزيز عتمان يكتب ......التيارات الدينية وبعض إشكالاتها

عاطف عبدالعزيز عتمان نوفمبر 05, 2015


عقب أحداث 11 سبتمبر إهتز العالم لأحداثه وكانت قيادة جماعة الإخوان المسلمين في طليعة المستنكرين ومقدمي التعازي وكانت  قواعد الجماعة تعيش الفرح بتلك الأحداث  (للمجاهد ) أسامة بن لادن والذي إن إختلفنا معه ولكن كون الضربة لأمريكا فهي تلقى ترحيب وجداني وإن أنكرته الألسنة في نظرة سطحية  و مشهد متناقض مازال عالق بالذاكرة ومن هنا وجدت أن الخطيئة الأولى لتيارات الإسلام السياسي التنظيمية هي خلط الأمور ما بين دعوي وخيري وسياسي فحصدنا ما نحن فيه وأمتنا كانت الخاسرة والفائز كان تلك الأنظمة القمعية الفاسدة التي كان من المفترض أن تضار من الحركات الإسلامية .
كتبت تلك الكلمات
- من دروس تونس وتركيا أنه عندما تكون هناك قيادة ناضجة محترمة وإن كانت من تيار الإسلام السياسي فإنها تقود بلادها لبر الأمان ولا عزاء لقيادات غير محترمة من نفس المدرسة قادت بلادنا لما هي فيه -
التي كانت شرارة حوار مع بعض المنتمين لجماعة الإخوان ومنتظري عودة الرئيس المعزول ولست أدري هل ينتظرون العودة سياسيا وربما يكون ذلك من حقهم أم إنها عودة بموعود الله وهنا الكارثة ؟؟
مازلت أتذكر الشيخ أبوالأشبال وهو يمتطي صهوة جواد منصة رابعة ويقسم بالله أن الرئيس عائد ثم ينفعل ويقول عشان تصدقوا ومتقولوش هيكفر عن اليمين ، عليا الطلاق بالتلاتة مرسي راجع !!!!
الخلاصة أنني حاولت من خلال الحوار أن أصل لأخر المستجدات في فكر الآخر وأن أقف عند عدة نقاط ربما تكون فيها الفائدة
ويجب أن نقف عند النقطة الأهم وهي أن حرية الفكر والمعتقد مكفولة للجميع ما لم يحاولوا فرض وجهتهم بالقوة ويظل الفكر يجابه بالفكر والحجة والمنطق ما لم يرفع أدعياء هذا الفكر السلاح أو يحاولوا إكراه غيرهم على تبني فكرهم .
وهنا أقر بحقيقة لمستها من وجهة نظري وهي أن شباب الحركات الإسلامية ليست مشكلتهم في الصدق ولا النوايا الحسنة ولكن مشكلتهم الكبري أن عقولهم لا تعرف السياحة ولا السفر وخاصة أن القيد على السياحة العقلية في هذه الحالة قيد عقائدي مقدس ، وأدى حبسهم في رؤية واحدة يعتقدون أنها حكم الله ورسوله ولا ينبغي لمؤمن ولا مؤمنة أن يسمح لعقله بالحركة إلا وفق مراد الله وهنا السؤال من قال أن مراد مشايخكم وقادة التنظيم هو مراد الله ؟؟؟
ولما لا يكون مراد مرشد إيران هو مراد الله وهذا مرشد وذلك مرشد ؟؟
ولماذا لا يكون الإسلام المدخلي أو الصوفي هو مراد الله والدافع لبلاء الفتن ؟؟
مشكلة أبناء التيار الإسلامي أنهم خلطوا بين حق الدين وبين المفاهيم البشرية المختلفة لكثير من نصوص الدين ، وإنعزل الإخوان خصوصا داخل شرنقة التنظيم وربما يكون العمل السري هو ما دفعهم لذلك ولكن التجربة أثبتت فشل تعاملهم في النور بنفس منطق التنظيم .
القضية الأخرى والتي ربما تظهر واضحة في الإخوان هي سطوة التنظيم وقدسية تتم بطريقة خفية للقادة نتيجة التربية التنظيمية والتي تحدد ما يقرأ وما يدرس وربما كيفية التنفس ،  والنظر للقادة على أن هؤلاء هم المجاهدين وحملة رسالة الصحابة لنشر الدين في مجتمع جاهلي والذين يعتقلون ويعذبون ويجاهدون الظلمة وأعوان الإستعمار وأعداء الشريعة ، بمعنى آخر يتم النظر لهم كأنهم الحواريين مما يحجم دور العقل ومساحة الإختلاف ذاتيا فيصبح القيد على العقل ذاتيا ، وهنا نعود للإشكالية الكبرى وهو إختلاط الدعوي الديني بالسياسي بالخيري الإجتماعي وإذا أثرت تلك النقطة مباشرة يرد العقل الباطن دعوتنا شاملة دين ودولة وإجتماع وسياسة وتقفز الآية
قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

وإذا رغبت في مناقشة التفاصيل وجدت دهاليز مظلمة لا تدرك ماذا تريد .
من المشاكل الفكرية أيضا قضية الوطن ومهما أنكرت القيادات ببراجماتيتها المعهودة أن هناك مشكلة لدي التنظيم مع الوطن يدرك كل من تعامل معهم على مستوى الأدبيات أو القواعد أن هناك مشكلة كبيرة عندهم لأنهم يضعون الإنتماء العقائدي في خصومة مفتعلة على الأقل في الوطن العربي مع الإنتماء القومي والإنتماء الوطني وكأننا نعاني من قضية دور الكفر ودور الإيمان في مجتمع غالبية سكانه من المسلمين ، وهنا الأمر بحاجة لعلماء ومفكرين للرد الموضوعي على تلك الإشكالية وتفنيد الإستشهادات القوية التي تمثل أغلال صلبة على العقول .
إشكالية أخري وهي الديموقراطية والصندوق هل هي قناعة أم وسيلة وفي الوقت الذي يمجدون أردوغان وصندوقه يمجدون قطر والسعودية بلا صندوق ، ويعتبرون فوز أردوغان إنتصار للسنة ويجهلون أو يتجاهلون أن حوالي 20% من الأتراك علويين وأن أردوغان يؤمن بعلمانية الدولة
ولا ينتفضون للدور الإيراني القطري ، ويتجاهلون أيضا تاريخهم فقد كانوا الأكثر مرونة في التقريب بين الشيعة والسنة والآن هم رأس حربة الفتنة الإسلامية بين السنة والشيعة ، وتلك مشكلة مصالح الإخوان التي إن قبلت سياسيا إلا أنها دينيا ودعويا كارثة ستعاني منها فكرة الإسلام الحضاري لفترة طويلة .
الخطورة الأكبر هي إحتكار الحقيقة الدينية بالذات ، والخيرية التي لا يصرح بها ولكنها حصاد التنظيم المختار حامل لواء الله ورسوله بعد ضياع الإسلام المرتبط في الأذهان بضياع الخلافة وكل تلك الإشكالات تجد من ضياع فلسطين ومن تجارة الأنظمة بالقدس ومن الفساد والفقر والتخلف والظلم بما فيه ما يقع على البعض منهم والتكبر العالمي على المسلمين خصوصا الداعم الأول للحفاظ على تلك القيود .
أي تنظيم يظن أنه يملك الحقيقة المطلقة وخاصة إن كانت لها أبعاد عقائدية فداخله عنف كامن ومع المظلوميات والتطرف الفكري المضاد يتم تدعيش تلك الأفراد .
يبقى الحل سواء من خلال الإحتواء السياسي وفق قواعد القانون والعدل في الخصومة أو من خلال المراجعة الفكرية الذاتية أو المواجهة الفكرية .
المواجهة الفكرية معضلة ، فالعلماء المرتبطين بالأنظمة فضلا عن ضعف كثير منهم فحتى من لديه علم ليس محل قبول والعلماء العاملين المنصفين والذين ربما يساهموا في حوار فكري يؤدي لنتائج ملموسة ستكون كلمتهم قوية في وجه السلطان وفي وجه أفكار تلك الجماعات ولا أظن الأنظمة في الوقت الراهن قد تتحمل هذا الصنف من رجال الدين .

وتظل مشكلة تيارات الإسلام السياسي قائمة في إنتظار قيادات تنظيمية ومنظرين لهذه التيارات يرفعوا لواء التجديد وإنتظار قيادات سياسية حكيمة تجيد التعامل الشامل مع الملف وتصدر أهل العلم لمطارحة تلك الأفكار بالحجة والبرهان.
مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام