إشكالية كبرى يقع فيها غالبية البشر في تعاملهم مع الآخر وهي عدم ثبات ميزان التعامل وقانون الإحتكام فيتم الإنتقاء وفق المصلحة والهوى ، والله عز وجل يقول أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ؟
فكانت حقيقة الإيمان تتمثل في الإيمان بكل الكتاب ما خالف منه الهوى وما وافقه فكل من عند الله .
لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم .
إن أي مدرك لحقيقة الإسلام يدرك أنه عقد تحرر وحرية للإنسان وللبشرية كافة من قيود الأعراق والعصبيات والألوان لتكون النفس البشرية هي وحدها مالكة أمر نفسها ، فقد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها وكل نفس بما كسبت رهينة .
نزل الإسلام على العرب ونزل القرآن على نبي عربي وبلسان عربي وحرر الإسلام العرب من عصبيتهم ومن قبليتهم ومن كل مثالبهم وجعلهم أمة عالمية إنسانية لاهي عنصرية ولا عرقية ، حتى خيرية أمة المسلمين كانت مشروطة بخلافة الله في أرضه وإصلاحها إيمانا به وأمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر ، فأصبح بلال العبد الحبشي بطهارة نفسه سيدا ولم يؤذن للرسول إلا بالعربية ، وأصبح الإسلام أبا وعرقا ونسبا ودينا لسلمان الفارسي فنال شرف الإنتساب لآل بيت النبي ، وباع صهيب الرومي عرض الدنيا فربح البيع وصار سيدا ، وتحول الأوس والخزرج من أعداء فأصبحوا بنعمة الله إخوانا ، وفتح الأنصار القلوب قبل البيوت للمهاجرين فصاروا إخوانا ، وصبر آل ياسر فكانت لهم البشارة مع ضعفهم وقلة حيلتهم وبإيمانهم أصبحوا لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي إخوانا وآمن أويس القرني ولم يصحب النبي لصحبته أمه الكفيفة فينال من الفضل ما جعل عمر وعلي وهما من هما يطلبان إستغفاره ودعائه .
وحول الإسلام العرب من جنس وقومية محدودة إلى أمة إنسانية ، حمل الإسلام مشعل النور لهذه الأمة و للإنسان من كل مكان ، بل وسبحان الله كان كثير من حراس اللغة والدين من أصول غير عربية ولكنهم أصبحوا من هذه الأمة الإنسانية التي تحمل النور للبشرية .
فها هو البخاري ومسلم وأبوحنيفة والجرجاني والأصفهاني من الفرس وعباس بن فرناس وبن بطوطة ويوسف بن تشافين من الأمازيغ وابن الأثير ونور الدين زنكي وصلاح الدين من الكرد .
الخلاصة أن تلك الرسالة الإنسانية بطبيعتها العالمية وكونها أخر إتصال بين الأرض والسماء عن طريق الوحي وبقواعد العدالة المطلقة والإنسانية التي أرستها جعلت من العرب أمة عالمية وكسرت قيود القومية فلم نجد من هؤلاء القمم والعلماء من حاول سحب الإسلام لضيق قوميته بل كما أتى العرب للإسلام محطمين قيود القومية الضيقة جاء إليه المخلصون من كل القوميات والأجناس ، وأدركوا أن الأب واحد والأم واحدة والدين واحد وأن التمايز هنا للنفس بنفسها ، هي من تصنع مكانها وتكتب خيريتها بنفسها ، هذا هو الإسلام الذي أعرفه ، إسلام إنساني وبكل تأكيد عربي لأن خطاب الله الأخير لأهل الأرض كان بلسان عربي
فعروبتي ليست تعصبا ولكنها ارتباط باللغة الأخيرة بين السماء و الأرض .
هذه هي حالة القومية المثالية والأممية التي حول إليها الإسلام العرب ولكن ما مدى تجسد تلك الحالة على الأرض ؟
غضب رسول الله من الأوس والخزرج وقال أبدعوى الجاهلية وأنا بين ظهرانيكم ، والشاهد هنا أن العصبية وضيقها هنا لم تكن بين عجم وعرب أو كرد وعجم بل كانت بين عرب وعرب وأنصار وأنصار ، ومن نفس المحيط الجغرافي ، والشاهد الآخر أن مشعل الفتنة يهودي صهيوني !!!
أعود للعربية التي أظن إجتهادا أنها خلقت للإسلام وظلت تعيش ظلماتها حتى أجيبت دعوة الخليل إبراهيم ببزوغ نور الإسلام الدين الخاتم في ذرية إسماعيل عليه السلام ، فإن كان عهد الإسلام عهد العدل والحرية فكيف كان موقفه من السابقين من مختلف الأمم والأجناس ؟
نفس المقياس ونفس المعيار في الحكم وفي أواصر الإخوة فالتقوى والإيمان هما من يميز نفس عن أخرى ، فيمتدح الله بكلامه بلسان عربي المؤمنين من اليهود والنصارى ويجعل الإيمان المتساوي بكل الأنبياء والمرسلين شرط لسلامة الإيمان بالإسلام وتصبح إمرأة فرعون بل وسحرة فرعون نموذج يحتذى ، وتكرم مريم العذراء في نصوص الكتاب العربي وتسمى سورة بإسمها وهذا شرف لم تنله عربية ، إحترام وتنزيه للسابقين من الأنبياء والصالحين لأنه مفهوم إلاهي وليس بشري فهم إخوة ، دينهم واحد وربهم واحد ورسالتهم واحدة ، أما أي مفهوم بشري فهو يقوم على إنتقاص السابق والبناء على أنقاضه .
وأما الذات الإلهية فلم تنل تنزيها وتقديسا وتعظيما كما في هذا القرآن العربي .
هذا هو الإسلام ومنهجه الخالد والذي لن يضيره إنحراف الأفهام وزيع القلوب وفساد الإستدلالات .
ومنذ خيبر وأعداء هذا الدين أدركوا أنهم لا قبل لهم بحربه حربا تقليدية فأخذوا على عاتقهم تدميره من الداخل من خلال إظهاره كدين لهم والعمل على بث المكذوبات والفتن وإثارة النعرات وإنتكاسة العرب عن هذا الدين فيعودون قبائل وعصبيات متناحرة وساهم السفهاء من العرب لأطماع سياسية في تفتيت وحدة الأمة صاحبة الرسالة الإنسانية ومضى المخطط منذ وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم مرورا بجريمة أبولؤلؤة حتى يومنا هذا .
نعرات عرقية بين العرب وبعضهم البعض وبينهم وبين إخوتهم من الامازيغ والكرد والزنوج ويتحمل العرب جزء كبير من تلك الحالة لما طغت على سفهائهم دعاوى الجاهلية وتخلوا عن رسالتهم الإنسانية وعن شرفهم وعزهم وخيريتهم في القرآن العربي والنبي العربي .
نعود للحديث لا فضل لعربي على أعجمي والذي يساء إستخدامه ويستحضر فقط عندما يحاول العرب الدفاع عن أرضهم وأعراضهم ضد الهجمة الفارسية على وجه الخصوص والتي لا يتورع المهاجمين عن فخرهم بضرب حرف الضاد في أربع عواصم عربية ، وهنا يجب أن نذكر دائما بأن التعميم ظلم وليست هناك إشكالية مع الفرس كعرق ولكن الإشكالية مع هؤلاء الذين يقتلوننا وينتهكون أعراضنا ويريدون تدمير بلادنا ممتطين الدين ومستغلين زورا محبة آل بيت النبي بعد أن أقاموا دينا غير الدين وإتخذوا من التشيع ستارة لتدمير المسلمين بعد تغييب العوام واللعب على العواطف وتمرير الكذب والزيف والتدليس وشراء بعض الذمم الخربة وأصحاب المصالح ونشر الفحش والسب مما سبب شرخا وكراهية لدى عوام الشيعة من المكذوب على السنة ولدى عوام السنة من عمم سوداء تؤله بشرا وتطعن بعرض النبي وخيرة صحبه .
لماذا تصر إيران على تسمية الخليج بالفارسي ويعلنونها من بغداد؟
لماذا لا يكون الخليج الإسلامي إن كانت دعواهم إسلامية وليست قومية ؟
إن العربية التي نفخر بها ليست قومية ولا عصبية ضيقة بل هي إنسانية تفتح قلبها لكل رحم حواء وتتمرد على جاهلية العرب لتلتقى مع جميع المسلمين على رسالة النبي العربي وخطاب السماء العربي وتمد يدها للمسلمين من أتباع هذا النبي من كل جنس وعرق ولون فلا فضل لأي إنسان إلا بما يفضل به هو نفسه ، بل تمتد رسالة إنسانية تحفظ حرية العقيدة وتتعايش وتتعاون وتتعارف مع الآخر دون عقد عصبية أو قومية ، عندما خرج الدكتور على شريعتي وغيره من المخلصين ليفضحوا السيطرة الصفوية على إيران ويشخص شريعتي الإيراني مثالب التشيع الصفوي وخطره فكتب لنفسه أفضلية فاقت كثير من العرب الملوثين بالخيانة ، نعم لا فضل لعربي على أعجمي هذا حديث النبي العربي ليعلنها أمة إنسانية تحمل الخير والعدل والحرية للناس كافة فتعالوا إلى كلمة سواء من قرآن ربنا وصحيح سنة نبينا إن كنتم صادقين .
ليست هناك تعليقات: