في قريتي في سالف
الزمان كان الحاصل على الإبتدائية الأزهرية يصعد المنبر ويلقي الخطبة العصماء ويلقب
بالشيخ ويظل شيخا للقرية وحجة في اللغة والخطابة وحفظ القرآن والحديث وربما ألفية بن
مالك وهو تعيس الحظ الذي لم يتم دراسته الأزهرية ، ولا أدري هل يسعدني الحظ أم يبكيني
عندما أجالس الآن خريجين لكليات الشريعة واللغة العربية لا يعلمون أن المذهب العقدي
لجامعهم هو الأشعري ولا يسمعون عن بن حزم ولم يمر عليهم بن رشد أو بن خلدون ، وليس
لديهم لن أقول ثقافة بل ليست لديهم هوية !!
نعم الكارثة أن
أناس منوط بهم الحفاظ على هوية أمة وتجديد فكرها يصبحوا بلا هوية ؟
كيف يتم تعيين
المعلمين بمعاهد الأزهر الشريف ؟
لا أستطيع الإجابة
على هذا السؤال مع معرفتي به فليس لدي جيش من المحامين ولا تنظيم ولا حزب يقف خلفي
وليس لدي مستند ورقي يحميني وسأترك الإجابة للقاريء فهو يعرف الكيفية ؟
أعود وأسأل لو
قام أحد موظفي الأزهر برتبة شيخ بعقد خطبة لوعظ الناس وفي نفس الزمان والمكان عقد خطيب
سلفي أو غيره خطبة فكيف تتصورون مشهد الحضور ؟ ولماذا ؟
في الإجابة الدواء
.
أعود لأزهر العز
صاحب العقيدة الأشعرية التي تستخدم العقل وعلوم الكلام والفلسفة للزود عن النقل ومحاجة
من لا يؤمن به ، والذي مع أشعريته تلك لا يتصادم مع غيره من العقائد السنية أو حتى
غير السنية وينفتح على المذاهب الفقهية ليكسر صنم عبادة المذهب ويخرج من بين جدرانه
الفقيه الحنفي والحنبلي وكلاهما نهلا من منبع واحد وتعايشا سويا لفترات طويلة وكلاهما
أزهري .
هنا كان الأزهر
قلعة إسلامية تجمع ولا تفرق وتنتهج الوسطية وتتقن فنيات المذاهب دون إفراط ، فتضعها
في حجمها الطبيعي وهي أنها إجتهادات بشرية .
في الوقت الذي
ظل الأزهر فيه حبيس الخطاب التقليدي والزي التقليدي نزل غيره إلى الناس فتكلموا لغتهم
وخاطبوا عواطفهم وأشبعوا إحتياجاتهم ولمسوا واقع حياتهم فسحبوا البساط من تحت أقدام
الأزهر وساعدهم موظفي الأزهر وتنحية علماء الأزهر لصالح الموظفين .
مشكلة الآخرون
الذين سدوا فراغ الأزهر أنهم جماعات وحركات تعاني من الإنغلاق الفكري فهي تتبني فكرا
واحدا مما يقود للتعصب فضلا عن إختلاط الدعوي بالخيري بالسياسي .
أفل نجم دعاة الأزهر
أصحاب الصنعة إن جاز التعبير لقصور في مجاراة الواقع وتصدر غير الأكفاء ، فضلا عن إهتزاز
الثقة بسبب سلوك بعض الموظفين الغير نزيه وهنا أضم الأوقاف للأزهر ، في نفس الوقت إعتمد
الآخرون على إجادة إستخدام كل الأدوات لملء هذا الفراغ لصالح أيديولوجيتهم ومصالحهم
.
أنا لست كارها
للأزهر بل عاشق يئن لمرض معشوقه وأريد تعرية الداء عسى أن يفطن الطبيب للدواء ، وأن
يعود للأزهر عزه وأمامه فرصة تاريخية لسد الفراغ بعد الأزمة التي تعاني منها التيارات
الأخرى بسبب الأحداث السياسية فهل يجد الأزهر منقذ يعيد له عزه ؟
ليست هناك تعليقات: