الفضيلة كلمة بها كثير من المعاني الراقية وتحمل شذى ينعش الروح ، أدعيائها كثر والعاملين بها سلوكا قلة ، وحتى أخرج من دائرة إدعاء الفضيلة أو لبس ثوب الفضلاء فأنا واحد من عامة المجتمع أسقط سقطاتهم وإن تميزت بشيء فبعدم إستسلامي للسقوط ومعاودة الوقوف تمسكا بالفضائل ، وفي وقوفي أمد يدي لمن أراد محاولة الوقوف .
كيف ندعوا للفضيلة وكيف نسعى للمجتمع الفاضل تلك هي المعضلة وربما تكون البداية بمعرفة الحقيقة ، حقيقة الإنسان وأنه نفس بشرية تسبح بين قطبي الطين والروح وأن لكل نفس حظها النوعي من كل صفات الطين والرذيلة وأن التمايز يكون في الكم وليس النوع .
إدراك حقيقة النفس البشرية وطبيعتها والتجاذبات التي تحاصرها من الجسد والروح هو مفتاح التعامل معها .
البعض يظن الحل في الدين ليهذب سلوك النفس البشرية ويسموا بها تجاه الروح وربما يكون هذا الظن صحيح لو كان المقصد بالدين هو وحي السماء الصافي هدية وهداية من فاطر النفس البشرية والتي خلقها ربها لخلافة الأرض ، ولكن التفاسير والمفاهيم وربما المكذوب على الوحي إنحرف بفهم حقيقة الدين ودوره في تهذيب الطينية وليس إنكارها بل وضعها بحجمها الطبيعي ، وخلق حالة من الإنسجام بين الجسد والروح فتستقر النفس البشرية .
هل ننشر الفضيلة بسياط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهل تمتعت المجتمعات التي تنتهج تلك الهيئات بالفضيلة ؟
وهل بالفعل إستخدام القرآن للفظ ولتكن منكم أمة يأمرون بالمعروف دون إستخدام لفظ أفراد دلالة لتجنب الإجرام باسم الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، وتدرج الحديث في مراتب النهي عن المنكر يجب الوقوف عنده .
فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له أصول لسنا بصددها وإن وقفت هنا أقف عند ذهاب الكواكبي رحمه الله إن لم تخني الذاكرة إلى أن المقصود بالأمة الناهية عن المنكر هم ألئك الذين يقومون سلوك الحاكم ويراقبونه ويمنعون منكره من مجالس نيابية وخلافه وليس من يجلدون ظهور الفقراء علي أمور حتى لو كانت منكره ما أضرت سواهم أو ضررهم بسيط ومحدود.
هل تتحقق الفضيلة بالوعظ الأفلاطوني والمبالغة في آيات الوعيد وعذاب القبر واللعب بالعاطفة حتى تتعالى الصرخات وتسقط العبرات وما تلبث أن تتبخر تلك الحالة مع تبخر الدموع الساخنة ؟
أم أن الوعظ الأفلاطوني يؤدي إلى إزدواجية وصراح داخل النفس يقود لنفاق في العمل وربما عندما تسقط أقنعة الفضيلة عن الوعاظ يؤدي ذلك لسقوط للفضيلة ؟
أم ان الطريقة المثلى هي عقد المؤتمرات ونسج العبارات وإرتداء ثوب الوعظ والصور من خلف كؤوس الماء المعدني ومن ثم إصدار البيانات والتوصيات من ذئاب في ثوب المسيح !!
أحد دعاة الفضيلة يقبل التبرعات لجمعيته الخيرية لا يسأل المتبرع عن حقيقة ماله أو تدينه فإذا جاء محتاج تحول لقاضي يمنح ويمنع حسب مقاييسه للتقوى !!
يرى بعض أساتذة علم الإجتماع أن تغير سلوك الناس وأخلاقهم مرتبط إرتباطا وثيقا بظروف حياتهم وبالبيئة دون تجاهل العوامل الأخرى ودورها وأنا من هذا المنطلق ومن سير الراشدين وآل بيت النبي عليهم السلام والمصلحين في كل زمان أقول أول تهذيب ينطلق من تهذيب النفس فان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، ومن بعدها يكون الإصلاح من هناك من المجتمع على الأرض ومن إحتياجاته ومن إنتهاج سلوك الفضيلة وليست حروفها .
قبل أن تتأفف من عماص الأعين وفر لها الماء كي تغسلها وقبل أن تجلد ظهور الفقراء والمحتاجين مد لهم يد العون دون النظر للعقد والتصنيفات العرقية والدينية والمذهبية فقد دخلت الجنة بغي في كلب سقته فما بالكم برحم حواء !
كيف تحاسب من برجك العاجي من يلتقط رغيف الخبز من الزبالة ومن ينام عاري على الرصيف ومن ينامون لحم فوق بعض سبعة في غرفة ، وأنت تنظر لهم من هناك ، الأولى أن تنزل لهم وترفع عنهم الظلم فما جاعوا إلا بسبب كبار اللصوص الذين سرقوا حقهم وببخل غني لم يوفي حق الله وحق الإنسانية فيهم .
إن أكتاف الفضلاء الحق هي من تورمت من حمل الإعانة والإغاثة لكل محتاج فكان سلوكهم فضل وفضيلة وليس أدعياء الفضيلة الذين ينظرون ويجلدون ظهور الصعاليك وهم للرذائل موطن ومآل.
دخل رجل فاجر على أحد الصالحين المسجد فتأفف منه وأدار وجهه فحاجه الفاجر الفقيه وقال له
هل أنت أتقى من نبي الله موسي فرد العابد لا
قال الفاجر فهل أنا أطغى من فرعون فرد العابد لا
قال الفاجر الفقيه فما بالك بقول الله لنبيه الكليم فقولا له قولا لينا !!!!
ليست هناك تعليقات: