مساحة إعلانية

د.عاطف عبدالعزيز عتمان يكتب..هل لأمة أن تبني حضارة دون هوية ؟

عاطف عبدالعزيز عتمان مارس 16, 2015

إنتهى المؤتمر الإقتصادي وبعيدا عن الجدل المثار حول حجم نجاحه ، فمن وجهة نظري أنه حقق نجاحا ملحوظا وفق الظروف والمعطيات .
ولكن هنا يتبادر إلى ذهني سؤال مهم ، هل يمكن للأمم أن تبني حضارات دون هوية واضحة وركائز فكرية وثقافية محددة المعالم ؟
هل سنظل نعاني التيه الذي نعيشه منذ عقود بل ربما قرون ونظل أسرى العولمة التي تهدف إلى إذابتنا ومن ثم إستعبادنا ؟
ألسنا بحاجة لمؤتمر ثقافي فكري لبلورة مشروع فكري حقيقي يحتوي مكونات الأمة من أجل بناء حضارة جديدة ؟
ما هي هوية أمتنا وشعوبنا أم أننا نعاني تيه وهويات مزيفة متصارعة تقود للتدمير الذاتي ؟
في عقود الضعف الأخيرة وربما منذ الحملة الفرنسية ونحن نعاني حالة من فقدان الهوية والتيه ، فعقب الحملة الفرنسية ظهر تيار من المحدثين الذين إنبهروا بالحضارة الغربية وحاولوا تأسيس التيار الحداثي القائم على نقض التراث وأنقاض الهوية العربية الإسلامية مما نتج عنه تيار آخر يحاول إحياء تلك الهوية بعقول قرون مضت وبأفكار عفى عليها الزمن ، وظهرت أصوات إصلاحية تحاول مجاراة الحداثة الغربية من منطلق ثوابت الهوية العربية الإسلامية ولكنها للأسف حتى الآن لم تتصدر المشهد .
مررنا بتجربة قومية إستولى عليها اللصوص والمستبدين لجلد الشعوب بسياط القومية ووقعت في أخطاء ربما لم تستوعب الآخر المكون للحضارة العربية الإسلامية وهي تجربة لها وعليها ولا أظن أن إستنساخها كما هي صالح لواقعنا .
ومررنا بتجربة الإسلاميين إن جاز التعبير وتخللها من الأخطاء والخطايا ما كان وتهنا تارة بين الماركسية وتارة أخرى بين الرأسمالية ومن وجهة نظري أننا مازلنا نعاني أزمة هوية تمزق مجتمعاتنا القطرية فضلا عن الأمة .
إننا بحاجة لمؤتمر ثقافي جامع يضم خيرة المثقفين ورجال الدين وعلماء الإجتماع والتاريخ والفلسفة لصياغة فكر جديد يكون عماده البحث عن الذات وإستعادة الهوية ليس بالطريقة السلفية بإستنساخ الماضي ولا بالطريقة الحداثية التي تقوم على أنقاض الماضي بل بنقد ذاتي وموضوعي للموروث والإنفتاح على الآخر من أرضية هوية ثابتة واضحة المعالم 
بحاجة لمشروع فكري قائم على الثوابت الدينية يتجاوز أخطاء تجربة الإسلاميين ويحتويهم 
بحاجة لمشروع يتجاوز أخطاء التجربة القومية ويؤسس لقومية إنسانية تحترم تاريخها وتحتفظ بهويتها وتحترم الآخر وهويته وخاصة شركاء الأوطان .
بحاجة لنقد للموروث السني والشيعي لنخرج من دائرة التشيع الصفوي الهدام والتسنن الأموي الظالم لنصل لتشيع وتسنن يحترم كل منهما الآخر وإن إختلفا فلا يصل الأمر للصراع الدامي والتكفير ونؤسس لقبول الآخر والتعايش معه .
بحاجة للثورة على نظام تعليمي فاشل فضلا عن ذلك يؤسس للفرقة وإنهيار النسيج المجتمعي .
إن الحضارات تحتاج لجناحان لتنطلق فهي بحاجة أولا لفكرة وهوية واضحة ومرجعية ثقافية وإجتماعية تبني على أساس علمي جنبا إلى جنب مع العلوم التطبيقية 
فهل نشهد في المستقبل المنظور مؤتمر أممي غير تقليدي معد له جيدا ليؤطر لنا إطار فكري يجعنا ونبني عليه حضارتنا ؟

مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام