مساحة إعلانية

قضية شهود العيان وفساد الإستشهاد في ظل الإعلام الأعور

عاطف عبدالعزيز عتمان فبراير 11, 2015

مشكلة كبرى هي الإعلام الخاص وتحول الإعلام إلى تجارة ، مكسب وخسارة وأرقام بيع وأرقام مشاهدة ولهث خلف سوق الإعلان ، قال لي أستاذي مرة لا أريد خبرا عن كلب عض مواطن بل مواطن عض كلب وهذا ما علمني له أستاذتي وخلاصة خبرتي ، فكان جوابي أني مرتد عن ما علمه الأساتذة ولا أدعي أنني أعلم منهم ولكني متمرد على تلك الجزئية وما تحققه من نجاح هو الفشل من وجهة نظري التي ربما تكون فاشلة .نوع آخر من الإعلام هناك من يتكفل بالمال ويحل محل المعلن فيكون هو المحرك للأمور وهو الصنم المعبود من كل من يعيشون في خيره وإدعوا لعم الحاج الله يخليه !!
أما الإعلام الحكومي والممول من جيوب دافعي الضرائب ما زال لم يتحرك منذ عقود متجاهلا وجود الإعلام الخاص والإلكتروني والسوشيال ميديا ، فأصبح هو في حد ذاته خنجر خفي في خاصرة الدولة .
نحاول سحب تلك الصورة على حادثة الألتراس الأخيرة وسقوط 19 شاب من شباب مصر ضحايا غير المصابين 
ففي الوقت الذي تجاهل التلفزيون المصري الأمر في بدايته وورد كخبر في النشرة الرياضية ، وإنبرى بعض فرسان الوطنية يلعنون ويسبون الخونة الألتراس المجرمين والمتأخونين ، كانت الجزيرة القطرية صاحبة شيء من المصداقية تدس من خلاله السم فتضاعف عدد القتلى لأربعين يتصدرون نشراتها وتطعن بالطب الشرعي قبل صدور أية تقارير وتأتي بنوعية شهود العيان التي تتفق معها وتسكب مزيدا من النيران لحرق مصر .
أما إعلامنا الخاص وخاصة ممتهني الردح وأشاوس الوطنية لم يعجزوا عن إستحضار شهود العيان ومع اللغة السوقية التي أصبحت علامة الجودة إنفجرت ماسورة مجاري !!
--
أعود لقضية شهود العيان والفيديوهات والحقيقة الضائعة بين ألئك وهؤلاء 
هناك أمران الأول شهود عيان مأجورين وربما لم يغادروا الإستوديو وفيديوهات مبتورة لتوضح إما الفعل أو ردته حسب ما يؤيد التوجه العام للوسيلة الإعلامية 
وهناك شهود عيان متناقضين يستعين بهم الفرقاء وكلهم صادقين ولكن المشكلة هنا في فساد الإستشهاد .
على سبيل المثال كانت هناك مظاهرة كبرى والمارة وشهود العيان يقفون ينظرون إليها والزمان واحد والمكان واحد والحدث واحد .
كان أحد الجالسين على المقهى ينظر للبنات في المظاهرة والبناطيل الضيقة والإلتحام مع الشباب وهذا الذي يحمل بنت على كتفه وينتقد .
وكان الآخر ينظر لعصى جنود الأمن المركزي وهي تنزل على ظهور المتظاهرين بلا هوادة ويتأزم نفسيا .
وكان هناك من ينظر على جندي أصابه شمروخ إصابة مباشرة في عينه فيلعن التظاهرات والمتظاهرين .
وكان هناك ترزي حريمي عدسته تلتقط أنواع الموضة في الملابس غير بمهتم بما يجري  والأخير يراقب السحاب وبشاير عاصفة ممطرة ويغلق عليه الجاكت الصوف ويستعد للمغادرة ولا يرى إلا زخات المطر .
كل هؤلاء شهود عيان وكلهم صادقون ويرون ما شاهدت أعينهم بالفعل ولكل منهم لقطة جانبية لمشهد من مشاهد الصورة حكمها إهتمامه وإطاره الفكري والإجتماعي والديني 
كلهم صادقون ومن نقل عنهم هم المشكلة وفساد الإستشهاد المتعمد غالبا هو جوهر المشكلة .
ربما هذا توضيح لتضارب الروايات الخاصة بشهود العيان وكيف يتخد كل طرف ما يناسبه منها .
ويبقى سلاح الإعلام هو الأخطر والأكثر تدميرا ويبقى الحل في ثورة داخل إعلام الدولة الذي لا يحتاج أن يلهث خلف ممول أو معلن ليواكب الأحداث والتطور وأن يرد لصاحب التمويل وهو الشعب حقه في تبصرته وتنويره وإكتساب ثقته ليكون الحصن الحصين للدفاع عن هذا الوطن الذي تكالبت عليه كلاب الخارج والداخل ، هل يفطن أصحاب القرار لتلك النقطة ويقودوا ثورة علمية تصحيحية للإعلام الرسمي وينفضوا عن كاهله تراب العقود الماضية ؟

مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام