وهذا ليس سبة للقرود فالقرود مهيئة لما خلقت له ولم تتحمل أمانة التكليف ولم ينعم الله عليها بنعمة العقل
ولم تكرم وتخلق بيدى خالقها سبحانه
فعذرا للقرود...فلقد بلغ بنا الحال أن مسخنا القرود عن فطرتها ..
فى عصر القرود كل شىء قابل للبيع والكل نخاس فى سوق النخاسة مع إختلاف السلعة وإختلاف الجرم
فى عصر القرود لا حرمة لدماء البشر فالقتل بين بنى آدم وإراقة الدماء أسهل من إراقة الماء من الأكواب
فى عصر القرود مات الحب وقبرت القلوب وتلاشى الضمير
وبيعت المشاعر والأجساد وتحول الحب إلى سلعة رخيصة وشهوة دنيئة وحيوانية بائسة وتحولت المرأة إلى سلعة جسد بلا روح وتحول الذكر إلى صائد فرائس وباحث عن شهوة
فى عصر القرود تحول المتحولون وتلون المتلونون وبيعت الزمم وخربت الضمائر وفسدت الأزاوق
ألا لعنة الله على الدولار فقدت من أجله العذراء عذريتها وهنا لا أقصد المفهوم الضيق للعذرية لدى النساء ولكن العذرية الحقيقية هى الفطرة هى الإنسانية هى الفارق بين بنى آدم وسائر المخلوقات
من أجله بيعت الأمومة فى سوق النخاسة وسلبت الحرية
ونهبت الأموال وسفكت الدماء وهتكت الأعراض
وضاعت القيم وتاهت الفضيلة
فى عصر القرود لم يفقد الإنسان عذريته فقط بل أفقدها لمن حوله
فعلم القبح للحيوان وأفسد فطرته فى مأكله ومشربه وشهوته
وعبث بالنباتات وخريطتها الوراثية وتلاعب بها من خلال الهرمونات والكيماويات
حتى الماء والهواء وجنبات الكون لم تسلم من عبث الإنسان
فلوث الهواء إن لم يكن بأول وثانى أكسيد الكربون والأدخنة والعوادم
فبالصوت المرتفع والغوغائية وسماعات التوكتك وبأغانى من قبيل يا حلوة يلى صغيرة....
لقد غضبت الطبيعة بأمر ربها فتزلزلت وأخرجت الحمم والبراكين وغضب البحر فجاء تسونامى
وسيستمر الغضب ما إستمر الإنسان يحيى كقرد فى عصر القرود
فى عصر القرود نتاجر بكل شىء نحسن الكلام وننمق الحديث ونتقعر فى اللغة ونقرأ قول الله سبحانه
كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون
فلا تكاد تغادر حناجرنا وإن سمعتها الآذان فبينها وبين القلوب حجب الغفلة وخمر الوعى وران الذنوب والآثام
وأقبح أنواع النخاسة أن تتاجر بألام المرضى وأنات الجرحى ودموع اليتامى
وما أقبح إستغلال الدين من أجل الدولار ...
وكيف وقد تاجرنا لعقود بأقدس المقدسات المسجد الأقصى
وتاجرنا فى أهله والمرابطين فيه
صعدنا الفضاء وسرنا على سطح القمر وصنعنا الصواريخ
وتقدما فى المادة ما يفوق أى تصور
وفى المقابل إنحطت إنسانيتنا لدرجة غير مسبوقة
كيف لا ودمائنا تسفك بيننا فى كل لحظة ويمثل بعضنا بجثث بعض دون وازع من ضمير أو شفقة أو إنسانية
أما آن الأوان لنخرج من عصر القرود لنحيى عصر الإنسان
ليس كاتب تلك السطور بالإنسان المنزه فى عصر القرود
لكنه يأبى أن لا يعيش إلا إنسان