مساحة إعلانية

فى القطار ..مشهد من رواية حكاية مصرى ...عاطف عبدالعزيز عتمان

عاطف عبدالعزيز عتمان مايو 28, 2013
رواية حكاية مصرى ...تقديم الإعلامية والشاعرة التونسية أميرة الرويقى ..تنشرها دار الجندى للنشر ..كاتبها عاطف عبدالعزيز عتمان .............


فى القطار حياة متكاملة ..
فيه اللص الذى يتحين الفرصة ليسرق ضحية سرقها الزمن ونصبت عليها الأيام أو يسرق بيضة أو قطعة جبن فلاحي من تلك الفلاحة صاحبة الجلابية السوداء والأيادي الخشنة والضحكة الفطرية التي تعاند بها الهموم وتحارب بها فى وجه الظلم وتنير أسنانها المضيئة الظلمات  والتي تحمل سبت به الجبن والبيض وتسعى للمدينة متمنية العودة بما يسد رمق ذويها ...
وسبحان الله ..مع همومها وغمومها وشقائها من أجل لقمة العيش
ومع التعب البدني ..من حمل للسبت وما فيه وزحام القطار وطول المشوار وضآلة المقابل  وظهور خشونة المعيشة على يديها .
إلا أن الرضا والبسمة لا تغادر شفتيها ..
وتتبادل أطراف الحديث والنكت مع جيران القطار كأنها فراشة تطير وتداعب الزهور فى رقة ورشاقة .!!!
ودخل بائع القازوزة ..
حاجة ساقعة بيبس بيبس....
بملابسه  المبتلة وجردل الساقع على كتفه يمسكه بيد ويمسك الفتّاحة ويخلى الطريق باليد الأخرى
 ولا يستطيع غيره دخول القطار فإنها مملكة معلمه الإمبراطور
 -إمبراطور الحاجة الساقعة وأحد حكام مملكة القطار وجابي الإتاوات ومقسم الأرزاق –
الذي يوزع عليه وعلى زملائه الغنائم ..


والحاجة الساقعة فى ظل عدم وجود الماء وفى ظل تقاطر حبات العرق قد تكون الملاذ لمن لا يحمل زجاجة ماء من  الفقراء ليروى عطشه فى حر القطار ومع سخونة أنفاس الركاب ..
بائعة الجبن.....
تنادى على بائع القازوزة ..إفتح واحدة برتقال ..
بائع القازوزة حاضر يا ست  ويسمع مصرى  فرقعة فتح الزجاجة ..
بائعة الجبن ..
تعزم بالزجاجة على من بجوارها إتفضلوا  ..ويرد الجميع بألف هنا ..

وبمجرد إنتهاء بائع القازوزة من تلك الجولة والإنتقال لعربة أخرى يعقبه بائع الشاي ...
حاجة سخنه شاي شاي ...

ومن بعده بائع الحلوى والحمصية وكأنه نظام مرسوم  كل يسير فى فلك محدود ....

ويجلس مصري يتابع من أعلى وفجاءة  تدخل سيدة تمسك خشبة.. عمرها فى الأربعين وتلبس جلابية سوداء يسيل بعض اللعاب من بين شفتيها ..
من هذه السيدة ؟
..ولماذا تمسك بهذه الخشبة ؟؟
أنه نوع جديد من التسول بالإكراه ..
نعم بالإكراه ..
هذه السيدة تطلب المال من ركاب القطار وتحاول تقبيل كل راكب حتى يعطيها ...
ونظرا لمنظرها وللعابها الذي يسيل فهي محل اشمئزاز من الجميع
ويضطر البعض لإعطائها النقود من بعيد حتى يتجنب تلك القبلة اللعينة ..
ومن لا يستجيب لابتزاز القبلة تضربه بالخشبة التي تحملها فى يديها ...
تسول بالإبتزاز أحيانا وبالإكراه أحيانا أخرى
ويا لسخرية القدر ..

أموال تنفق من أجل قبلة وأموال تنفق من أجل تحاشيها ...
مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام