مساحة إعلانية

تحت شجرة الصفصاف ..الجزء الأول من حكاية مصرى ..بقلم د عاطف عتمان

عاطف عبدالعزيز عتمان يناير 19, 2013

 الحمد لله التى تتم بنعمته الصالحات ..أتممت روايتى حكاية مصرى ...وهذا الجزء الأول من الفصل الأول ...

على ضفاف النيل الخالد وتحديدا على الشاطئ الغربي لفرع رشيد وقبل المصب بحوالي 100 كم وفى مطلع العام 2011 ...
ومع شروق الشمس في يوم سماؤه صافية

تحت ظل شجرة الصفصاف وبعض غصونها يمتد ويتدلى ليشرب من ماء النيل

 ونسمات الصيف البحرية تعزف أنشودة الحياة على أوتار الأشجار ..
تداعب الغصون والأزهار فضلا عن الأوراق.... وتلاعب الخيال والأفكار ..

كانت شجرة الصفصاف تلك الشجرة الكبيرة شاهدة على مكنون صفحات تاريخية عديدة ..
شجرة الصفصاف شجرة عجيبة .
ورقها ليس بالعريض ولا خيطي فهي وسطية... وسر رونقها أنها وسطية..
لونها لون ما بين الخضرة والصفرة فيعطى اللون الأخضر الفاتح  مما يدخل على النفس البهجة والسعادة ..
ظلها ممتد ومع إمتداده لا يحجب ضوء الشمس ولا نسائم الحرية ...شجرة يحتوى لحائها على مسكنات طبيعية تسكن الآلام وتقي من الجلطات الدماغية .....لأنها شجرة أسبرينية


العصافير تغدو خماصا تبحث عن الحب وتسبح بحمد الرزّاق رب البرية ...
تحوم يمينا ويسارا مغازلة سنابل القمح الذهبية تحاور وتناور من أجل حبة قمح شهية تسد جوع الرعية .......

وعلى اليمين النخلة عمة البشرية .
 شامخة أبية وشاهدة على جزء من تاريخ الإنسانية
 وصغيرتها تتمايل لتشرب من ماء النيل شربة  هنيّة ..
وترسل رسالة أن النخلة الشامخة  والممتدة الجذور فى أعماق الأرض   متواضعة  أمام عظمة النيل الخالد..

صوت خرير الماء يحكى جزء من تاريخ النيل الخالد بحنينه وأنينه بأفراحه وأتراحه.
 وموجات الماء صارت مويجات و مويجات من طول المشوار وعناء السفر وكثرة المعوقات الغبية  ....
مويجات تتهاوى يمنة ويسرة تبحث عن الوصول إلى رشيد التاريخية ...
حيث يلتقى البحران عذبه وأجاجه ويتعانقان بحرارة وإشتياق.
 حيث يتلاقى الحبيبان بعد طول فراق وبعد رحلة بحث طويلة .بين هموم وغيوم ..
 بين ألام وآمال ...
سعت الموجات ومن بعدها المويجات أن تجد الطريق حيث أحضان الحبيب المشتاق ...
عانت من سدود وسدود ومرت في الظلمات وفى النور وبحثت في اليمين وفى اليسار ولكنها لم تتوقف يوما عن المسير لتستقى العشق من شفتي  الحبيب المشتاق ...

تاهت فى بعض الأحيان وأبطأت المسير فى أحيان أخرى ولكنها أبدا لم تتوقف عن السير تجاه الأمل المنشود ...

تبكى المويجة النيل العليل من المخلفات  الآدمية  .
وتشكوا للتاريخ وتبكى على الأطلال .
أطلال النيل الذي كان يشفى العليل ويبرئ السقيم ويروى الزرع ويخصّب الأرض ويلون التربة بخضرة نضرة ندية........
كان الماء والسماد والدواء ..... ..
فعكر صفوه أهل الداء ..
فصار يشكوا مظلوميته للقاصي وللداني
ويئن من مخلفات المصانع وصرف المجاري وطغيان ورد النيل الذي أوشك أن يحجب عنه الشمس والهواء ويكتم أنفاسه فى محاولة يائسة بائسة لقتله ولكنه النيل العصي على السنين رغم الأنين  ..
ومع كل هذا مازال النيل واسع الصدر ومازال قادرا على غسل أثار العدوان وإحتواء الإعتداء ..
مازال حلمه سابق لغضبه وصفائه غالب على عكره وقوته مسيطرة على ضعفه ..

هناك على مرمى البصر يقف التاريخ ممثلا فى جسر النيل ذلك الحارس الأمين ....
حارس الموجات وحامى الفلاحين قبل أن يتولى السد العالي مهمة التأمين ...
الجسر الترابي الذي كان الحصن الحصين .
كان يحمى الفلاحين ويحتضن النيل فى الفيضان فيكون الصدر الحنون والحارس الأمين على الموجات والمويجات حتى تصل إلى أحضان الحبيب المشتاق
وفى طريقها تنشر الخير والنماء تسقى وتروى العطشى وتهدى الحيارى وتغير لون الأرض....

وتبدو خيوط الشيخوخة واضحة فى ملامح الجسر ويترك التاريخ بصماته على جبين الجسر المهموم بهموم الموجات وأنين السنين ....
وعلى شاطئ النيل الغربي كانت أشعة الشمس الدافئة تداعب وجه مصري الخمري ..
وتشع الدفء فى قلبه الوردي ..



وكانت خيوط النمل البرى تسير من بين قدميه تحمل هموم العيش وترفع أوزانا أكبر من أوزانها الخفيفة وتعلن التحدي والتصدي لعقبات الأرض ومصاعب المعيشة ...
مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام