مساحة إعلانية

شهادة الزور.. سليل الأريام مع النابه كيرولس ثروث

 




شهادة الزور..  سليل الأريام مع النابه كيرولس ثروث

شهادة الزور

👈 لي صديق حميم لم أعرف عنه إلا التقوى والورع وفعل الخيرات ولم أجرب عليه كذبا قط.

والد صديقي حسب روايته لي أوصى له قبل لحظات من وفاته بمبلغ من المال... 

صديقي يريد أن أشهد بأن الرجل أوصى وأني شاهد ولست بشاهد لكني أثق في عدالة وصدق صديقي... 

فهل أشهد بما لم أشاهد ثقة في رواية صديقي؟

تقريبا اتفقت الآراء على رفض تلك الشهادة والبعض جعل مجرد الطلب من الصديق قدحا فيه لكن كان لد.كيرولس ثروث سبر غور للمعنى أزهلني ذلك النابه صغير السن واسع الرؤية جميل المعاني منهجي الطرح وقد علق بعمق قائلا:



سؤالك يفتح باب التأمل في طبيعة الشهادة والمعرفة المنقولة، ويضعنا أمام إشكالية فلسفية تتعلق بمصادر يقيننا: 

هل المعرفة تستمد قيمتها من المشاهدة المباشرة، أم أن النقل والتوارث يمنحانها مشروعية؟

في قضية الشهادة، يتطلب العدل أن يكون الشاهد قد رأى أو سمع بنفسه، لأن الشهادة ليست مجرد نقل للثقة، بل هي إخبار عن واقع معيش، حيث لا يكفي حسن الظن ولا الاستنتاج العقلي ليحلّا محل الإدراك الحسي.

لكن إذا وسّعنا نطاق السؤال إلى ما نُقل إلينا عبر التاريخ عن الأديان، نجد أنفسنا أمام معضلة معرفية: نحن لم نشهد البدايات، ولا الحوادث المؤسسة، وإنما وصلتنا عبر رواة وسلاسل نقلية، تتباين في دقتها ورؤيتها للعالم. 

فهل تُعامل هذه الروايات بنفس معيار الشهادة الحسية؟

إذا كان الأصل في الشهادة أن تكون عن مشاهدة مباشرة، فهل يجوز لنا أن نبني يقينًا على ما لم نشهده، بل ورثناه عن الآخرين؟ أم أن هناك فرقًا بين معرفة تُبنى على التجربة الحسية، ومعرفة تستند إلى التواتر والتأويل والتجربة الذاتية؟

هنا يتفرع السؤال إلى ثلاثة مواقف فلسفية:

1. الواقعية الحسية: لا يقبل الإنسان إلا ما يدركه بحواسه، ويرفض النقل إلا إن كان مدعومًا بأدلة قابلة للتحقق.

2. المعرفية التراكمية: يُبنى الفهم على مزيج من النقل، التحليل، والتجربة الذاتية، مما يخلق يقينًا غير حسي لكنه عقلاني.

3. الإيمان بالتوارث: القبول بأن ما نُقل إلينا كافٍ بذاته دون الحاجة إلى بحث إضافي، على اعتبار أن الأجيال السابقة كانت أقرب إلى الحقيقة.

لكن إذا كنا لا نقبل الشهادة في الأمور اليومية دون مشاهدة، فكيف نؤسس يقيننا بشأن ما لم نشهده من الماضي؟ 

هل تُبنى الحقيقة على المعاينة المباشرة فقط، أم أن النقل يمكن أن يكون جسرًا موثوقًا للمعرفة؟

وهل كل ما يُنقل إلينا يستحق القبول، أم أن علينا إخضاعه لنفس معايير التدقيق التي نطلبها في الشهادة؟ هنا، يتجلى السؤال الفلسفي الأكبر: هل المعرفة قائمة على الإدراك الحسي، أم أن هناك أشكالًا أخرى من اليقين تتجاوز ما تراه العين وتسمعه الأذن؟

-انتهى

شكرا د.كيرولس على هذه النفاذة الرائعة وإن كانت هناك من إضافة فهي توسيع أعمق لزاوية الرؤية ..

هل الإيمانيات خاضعة للحواس التي لا تدرك إلا المنظور وما المنظور في غير المنظور إلا كقمة جبل الجليد ؟

هل اللامحسوس غير موجود أم غير محسوس ؟

العقل الدماغي المنطقي وعقل القلب ودور كل منهما ؟

هل الشهادة العينية والبصرية حق مطلق وغير خاضعة للخداع والتوهم، فهل ما رأيت وسمعت هو عين الحقيقة أم حقيقتي أنا بفرض تجاوز تعمد الخداع والكذب ؟

كل ذلك يقول لو وعى الإنسان إنسانيته وقبلها وأدرك أن الحقيقة في الأشياء وليست في حكمه عليها وأن المنقول بفرض سلامة نية الناقل إلا أن النقل يتعرض لعوامل تاريخية وبشرية في ظل غياب نقل مكتوب بخط المنسوب إليه يحوز ثقة يقينية لانتهى الصراع على الأفكار والمعتقدات وعيا لحقيقة النسبية في هذا العالم ناهيك عن تعدد الروايات وتفرع المذاهب كآية أكبر من الآيات .

مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام