13/8/2018
الله أغنى عن أن تدافعوا عنه بقتل الإنسان
كنت أستمع لمحاضرة للراحل الأنبا إبيفانيوس تلميذ مدرسة الأنبا متى المسكين يسرد فيها المخطوطات الداعمة لرأي الأنبا متى المسكين في معمودية المالكانيين أو الكاثوليك وبالطبع ليست لي دراية كافية باللاهوت وهو علم العقيدة المسيحي أو الإلهيات أو ما يناظر علم الكلام الإسلامي، ولم يكن هذا محل اهتمامي بل كان اهتمامي منصبا حول الخلاف بين جناح منفتح معتدل نسبيا داخل الدين الواحد وجناح أكثر محافظة وتشددا تجاه أي فكر مختلف وإن كان من نفس العقيدة.كنت أقف عند النص الواحد والقراءة المتعددة له أو ما يمكن أن نطلق عليه تأويل النص، وهنا أنا معني بالنص الديني مسيحيا أو يهوديا أو إسلاميا وبالنص عامة وقراءاته المتعددة والمتباينة.
لا شك أن كل فكر أو معتقد يعاني من صراع الأجنحة من محافظين إلى إصلاحيين، ومن أقصى اليمين لأقصى اليسار وفق قراءتهم للنص، وربما تتداخل المصالح والأهواء، فهذه سنة بشرية قائمة وستظل حتى يفصل الله بين العباد، وهي نتيجة لإختلاف العقول والبيئة ومقدار تحرر العقل من الموروثات والمعتقدات الأساسية، والقناعات والفرضيات التي تتحكم في سلوك الإنسان.
هنا الواقعية تقول أن محاربة الاختلاف وفق تحويله لخلاف وصراع حتى يصبح هناك قراءة واحدة رهان فاشل يدفع ضريبته الإنسان في ظل صراع دامي لن تكون له نهاية، وأن تأسيس أدبيات للتعامل مع هذا الاختلاف عمادها أن هذه قراءة ملزمة لصاحبها ومن يقتنع بها وأهميتها بقدر ما تتمتع به من أدلة ومنطق وفرضيات متماسكة، وأن للقراءات الأخرى حق الطرح والنقد وأن أهم ما يميز هذه القراءات هي بشريتها.
ربما تكون حرب فكرية أسلحتها الدليل والإقناع ومجالها الحرف والقلم، أما أن تتحول قراءة النص إلى دين ويتحول القارئ لها إلى ظل لله على الأرض يخول لنفسه حماية ما يظنه أمر الله ولو بمنازعة الله سلطته في قبض الأرواح فتلك كارثة الكوارث.
لا شك أن الأهواء والمصالح تحتاج كثيرا لغطاء عقائدي يبرر ارتكاب الجرائم ولو تخلينا عن تلك النزعات وقلنا أنها غضبة عقائدية خالصة فيجب أن نتوقف لنسأل ونتساءل
لماذا يمهل الله من أراهم أنا فسقة أو كفرة أو مهرطقين، هل يعجزونه؟
هل من الأدب مع الله أن أنزع روحا أمهلها وإن مكنني من ذلك من باب الإبتلاء؟
لو قلنا أن المختلف معي كافر أو فاسق أو مهرطق فهل الدور المنوط بي معاقبته أم هدايته هداية إرشاد وهل يستحق هذا المهرطق أن أدخل النار فيه؟
جريمة بشعة تعرض لها الأنبا إبيفانيوس وخاصة أنها في عالم الرهبنة وأمام قلاية زهد فيها الراهب الدنيا ليقبل على الله وأثناء توجه عابدا للصلاة وبيد من يفترض أنه راهب!
من قبله استهدف الشيخ الذهبي ومن قبلهم نماذج كثيرة تجسد جريمة بني آدم الأولى وصراع مستمر أقبحه ما ارتكبت فيه المحرمات وأخطرها الدماء باسم الله زورا.
كنت أخطط لطلب إقامة لمدة سبعة أيام في دير لأرصد من زاوية إنسانية تجربة الرهبنة وأكتب كتابا بعنوان سبعة أيام في الدير ينقل فيها مصري مسلم تجربته الإنسانية لمصريين مسيحيين في رسالة للبشرية من مصر تؤصل للمشترك الإنساني والمحبة التي لا تقتلها الاختلافات العقائدية أو الفكرية ولكن الراهب المشلوح أشعيا المقاري قتل حلمي مع أول قطرة دم بريئة سالت من الأنبا إبيفانيوس.
لعنة الله على التطرف والكراهية واستباحة الدم الحرام في كل زمان ومكان.
كفوا أيديكم عن حرمات الإنسان ودافعوا عن حياته وحريته وكرامته ليعرف الله، فالله أغنى عن أن تدافعوا عنه بقتل الإنسان .
ليست هناك تعليقات: