هذه
رسالة وصلتني من صديقة وكأنها تستفز قلمي وتسأله لماذا لم تكتب وتنعي وكان عليه أن
يجيب بعيدا عن الصخب الذي لم يسلم منه الموت في مرحلة أنهكنا فيها ما تبقى من
عذرية الإنسانية
أما عدم الكتابة عن المرحوم أحمد
خالد توفيق فلأنني لا أكتب إلا عندما أشعر أنني أريد أن أكتب ولا أشعر إلا بما
أنفعل به وأعلم عنه ويرتاح ضميري لما أخطه ولذا فأنا أفشل ما يكون في التعبير إلا
عن نفسي وقناعاتي، اللهم إلا مرات غلبني الخوف البشري فكتمت أنين قلمي وأنكرت
بقلبي وتحايلت أحيانا بالرمز الذي أجيد شيئا منه.
بالفعل لم أقرأ له أو أسمع عنه إلا
يوم وفاته رحمه الله فحتى نفس الخط الأدبي غادرته منذ عقود وكان آخر عهدي برجل
المستحيل ولكن ما أثير حول وفاته جعلني أحاول التعرف على هذا الكاتب محل الجدل عبر
بعض مقالاته وما كتب عنه والجدل الدائر الذي تجاوز القضية الأكبر في حياة البشر
وهي الموت فوجدت
وجدت الموت الذي هو الحقيقة الكبرى
والعظة الأعظم والفلسفة الأعمق غائب عن المشهد لصالح التحزبات السياسية والولاء
الأيديولوجي، وجدت يومي المجهول غائب خلف أيام الغير فلم أبكي نفسي ولم أتحلل من
مظلمة ولم أتدبر ما مضى وأتفكر فيما هو آت.
وجدت كاتب إنساني في زمن أنصاف
الكتاب مهارة أو أمهرهم بلا ضمير أو رسالة، ومع ناصريته العاقلة المنصفة يفرح به
حزب لموقفه الإنساني من أحداث رابعة مع لعنهم للناصرية ليلا نهارا - مع تحفظي على
مصطلح ناصرية، هذا المصطلح الذي أراد به السادات ضرب الفكرة وتقزيم المفهوم وحصره
في شخص ناصر رحم الله الجميع - وحزب آخر يستكثرون عليه أن يرحل إنسانا كما عاش
إنسانا!
وجدت لزاما علي قبل رثاء الفقيد
والدعاء له بواسع الرحمة أن أرثي الأموات الذين يسيرون على وجه الأرض ويصرون على
المضي في غفلة ويواصلون انتهاك ما تبقى من عذرية الإنسانية.
وجدت ظاهرة كاتب غاب أو غيب عن
الظهور فالتف حوله قطاع عريض من جيل عزوفه درس وحضوره دروس.
رحم الله كل إنسان عاش إنسانا ورحل
إنسانا
(أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَلَّنْ
نَجْمَعَ عِظَامَهُ (3) بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ )
ليست هناك تعليقات: