مساحة إعلانية

د.عاطف عبدالعزيز عتمان يكتب ..رحلة الأريام من شارع بورقيبة حتى الزيتونة ..من أريام أفكاري

عاطف عبدالعزيز عتمان ديسمبر 30, 2015




كنت مع أريامي على أبواب الزيتونة بعد زيارة لشارع الحبيب بورقيبة في تونس الخضراء ، وتذكرت أبي القاسم الشابي رحمه الله والحبيب بورقيبة رحمه الله والشيخ الطاهر بن عاشور والشيخ الخضر حسين رحمهما الله وهلت روائح ريف الرويقات ونسماته العطرة.

وقفت إحدى أريامي على يميني والأخرى عن يساري وعيونهما تنظران إلي بغضب !!!!

 نظرت يساري وقلت لريمي ما بك ؟

قالت غاضبة كيف تسوى بين الحبيب بورقيبة باني ومؤسس  نهضة تونس ومحرر المرأة وصاحب الفكر التنويري وبين الظلامي الطاهر بن عاشور الذي كذبه في رؤيته للصيام وحاول إبقاء تونس تحت وطأة الظلاميين وأرباب نكاح الجهاد وأصحاب أسواق الجواري وإستعباد المرأة وأكل حقوقها فرحم الله بورقيبة ولعن كل الظلاميين والمتأسلمين

وفجأة صرخت الريم التي تستوطن يميني ما هذا الكلام ؟

كيف تسوى بين صاحب صوت الحق ونصرة الرب في وجه الظلم ، بين حماة تونس من الفرنسة وسيوف الله وشريعته ، وحماة الدين وبين ذلك الذي خاض في القرآن وتهكم على الرسول وخالف الثوابت فحرم الحلال وأحل الحرام وحاول سرقة عروبتنا وديننا فشرّع المواخير ومنع التعدد وخالف صريح النصوص فلعنة الله على الكافرين .

طأطأت رأسي حزينا على أريامي فما عهدتها تكفيرية ولا سبابة ولا لعانة وما عهدتها في الحق إلا سيف بتار لا تجامل ولا تهادن فهل أصابتها لوثة التعصب وضيق الأفق ؟؟
وريمي الثالثة تنظر إلي بشفقة وبخبرتها بحومات تونس ودروبها قالت مشفقة علي لقد دخلت حقل الأشواك ووصلت للخط الأحمر وستنالك سهام الخصوم فلم يجتمعوا يوما لكنهم سيجتمعون عليك 
اللطف عليك يا صديقي .

قلت يا أريامي أما الدرس الأول فأحفظوا للأشخاص حرمتهم وخاصة الرموز وبالأخص من هم بين يدي الله سبحانه ولا تتشرنقوا حول الأشخاص وتبحثوا عن الكراهية والخلاف في دهاليز الماضي فكفوا آذاكم عن الأشخاص وإدرسوا التاريخ ومواقفه للتعلم وتجاوز الأخطاء ، وإياكم وبلوى الإهتمام بالأشخاص أو الحكم عليهم بما لا تملكون من جنة أو نار ، إهتموا بالأفكار إنقدوها بإنصاف وإياكم ولحوم البشر أو التأله على الله .

هل حضر أي منكم نهاية أي من الأشخاص الذين هاجمتموهم وهل تدرون هل تابوا أو نكثوا عن سابق مواقفهم وأقوالهم ؟

هل تملكون بينة أن الله قبل هذا الذي ظاهره الخير ورفض هذا الذي ظاهره الشر ؟

هل دخلتم في نوايا العاصي هل عصى جهلا أم تفريطا ولهوا أم تعمدا وإنكارا؟

ماذا ستخسرون لو ترحمتم على موتانا بظاهر توحيدهم لله وماذا ستكسبون لو لعنتم من رحمه الله وقبله ؟

رحم الله الحبيب بورقيبة ورحم العالمان الطاهر بن عاشور والخضر حسين شيخ الأزهر الشريف .

أما تقيمي للمواقف فقد خالف بورقيبة ثوابت من الدين وكان له ما لا أرضاه ولا أقره من مواقف وربما إنبهاره بأضواء الغرب وظلام وظلم وجهالة كثير من أدعياء النهج الإسلامي هو ما جعله ينتهج هذا النهج وتلك ربما المعضلة التي جلبت التطرفين في مصر منذ الحملة الفرنسية .

لكن ما فعله بورقيبة ومساهماته في نهضة بلاده لا تغيب إلا عن أرمد .
أما الطاهر بن عاشور  فقد وقف موقف سيظل مسطر بماء الذهب في قضية الصيام فهو عالم علم وشيخ مشايخ المالكية وصاحب تفسير من أعظم التفاسير وقد صدح بما رأه حقا ودفاعا عن الدين وأظن غالبية علماء المسلمين المعتبرين يوافقونه .

تلك نظرتي للمواقف جانبني فيها الصواب أم أصبت فأنا بشر نظرتي محدودة مهما اتسعت .

أما الأشخاص ففي ذمة الله نسأل الله لهم الرحمة وأحترم أنصار هذا وذاك وما بيني وبينهم إلا حجة ودليل وفكر وبراهين  ولست بقاض حتى أحكم عليهم ، وكل أملي أن نبتعد عن الفرقة وإستحضار الكراهية والتكفير والتخوين ونقرأ التاريخ بعين النقد بعيدا عن دائرة الأشخاص ، يا أريامي كونوا رسل سلام ومحبة  وفجأة نطقت مأذنة الزيتونة الله أكبر فقد حان موعد الفجر ووجدت أريامي اليسارية واليمينية وصديقتي الوسطية يتسارعون لباب الزيتونة ليتنافسون على الصف الأول في رحاب الزيتونة
مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام