أربعة وأربعون عاما على غياب جسد جمال عبدالناصر وذكرى هذا العام لها طابع مختلف فإستحضار الإعلام لهذه الذكرى مختلف ، الإعلام الذي تعمد تجاهل عبدالناصر لعقود لدواعي سياسية هو الأن بنفس الوجوه يتمجد في عبدالناصر ليس لشخصه ولا لرسالته التي يجهلها الكثيرين بل لربط عبدالناصر بالرئيس السيسي وإستغلال عبدالناصر سياسيا .
جمال عبدالناصر ظاهرة بكل المقاييس ومحل حب وكراهية قطاع كبير وصاحب زعامة وكاريزما تجاوزت حتى الوطن العربي لتعم إفريقيا ودول عدم الإنحياز
جمال عبدالناصر زرع زعامته في قلوب البسطاء بعيدا عن تنظير النخب وحمل رسالة ورؤية وأخطأ أخطاء عظيمة لا تفوقها سوى إنجازاته ولا يغفرها سوى أنه كان صاحب رسالة ورؤية .
ومازالت المشكلة قائمة وذكرى ناصر تمر عبر من أصابهم العور ، البعض لا يرى ناصر إلا من خلال تقييد الحريات وخسارة السودان وأزمة اليمن ونكسة 67 ومشكلته مع الإخوان والبعض الأخر لا يرى إلا السد العالي والإصلاح الزراعي والتعليم والمصانع والتصدي للإمبريالية والإعتراف بالنكسة وبداية الإستنزاف
وعبدالناصر هو الإثنين معا كأي بشر له وعليه ومن وجهة نظري ماله يفوق ما عليه .
كانت مظلومية الإخوان تمثل شىء في صدري تجاه عبدالناصر الذي أحبه والذي حفظت خطبه طفلا ولكن بعد 25 يناير ربما إلتمست له شيئا من العذر فقد بدا الإخوان في حالة شراهة للسلطة والسيطرة بإعتبارهم أصحاب الحق وملاك الحقيقة وعبدالناصر كان عصيا أن يمتطيه أحد.
أربعة وأربعون عاما وعبدالناصر حاضر في قلوب الكثيرين حبا وكراهية وقد يفهم الحب أم كراهيته وهو في دار الحق ولم يعد فاعلا بشكل مباشر محل تساؤل .
لا أخفي حبي لرسالة عبدالناصر وإنحيازاته مع أنني لست ناصريا وحزين على رداء عبدالناصر الذي تنازعه الأدعياء فخفتت رسالته .
إن مراجعة الحقبة القومية أو الناصرية بما شاب تلك الفترة من موبقات تسبب فيها المتسلقون والمنتفعون الذين تاجروا بالحلم العربي وتغذوا على أجساد الشعوب الهزيلة ليستبدلوا إقطاع بآخر مقنع أمر ضروري وتخليص القومية من آفات العنصرية وإنفتاحها على الإنسان ضرورة ملحة .
رحم الله خالد الذكر جمال عبدالناصر وتجاوز عن خطاياه وغفر له بكل بسمة رسمها على وجه فقير
ليست هناك تعليقات: