مساحة إعلانية

د.عاطف عتمان يكتب ..الدولة الوطنية وحضانات التطرف

عاطف عبدالعزيز عتمان سبتمبر 26, 2014

إن مشكلة التطرف والإرهاب مشكلة عميقة وتحتاج علاجات على مستويات عديدة ، فخلق الحاضنة الشعبية للمتطرفين هي خطايا أنظمة الحكم ومن يتبعها من نخب ومثقفين .
بالنظر للتاريخ نجد أن وجود التطرف الديني في العصر الحديث على الأقل إرتبط بالتطرف العلماني والطعن في الدين ومحاولة تفريغه من مضمونه ، فنشأ تباعا لذلك تطرف ديني يحاول الحفاظ على الدين وثوابته ومجابهة التطرف الآخر ، ومن هنا فمجابهة أي من التطرفين دون الآخر يقود لتقوية شوكة التطرف المضاد ولو دون قصد .
وبالنظر للخارطة الحديثة نجد العراق على سبيل المثال قبل إحتلاله لم يكن لا للقاعدة ولا لمليشيات إيران نفوذ فيه مع الإعتراف بسلطاوية نظام صدام حسين ، والذي ساهم بوجود حاضنة للإحتلال ، إنهارت الدولة الوطنية في العراق وتوغلت إيران والميليشيات وأعقبها ظهور التطرف من القاعدة حتى داعش ، وكان إجرام حكومات الإحتلال وميليشيات إيران والخوف على هوية العراق عوامل جعلت للتطرف حاضنة يحتمى بها من التطرف المقابل  .
وتطرف حزب الله في لبنان مع دولة ضعيفة وإستعراضه لقوته خلق تطرف مضاد يحظى بحاضنة شعبية للخوف من الحزب وطموحاته .
في سورية كان نظام سلطوي علماني وما أن شعر بنهايته حتى تمترس خلف الطائفية في محاولة للبقاء ولو على حساب كل الشعب السوري ، فاستدعى متطرفي لبنان والعراق وإيران  فكان ذلك مدعاة لإستداء تطرف مضاد  ويحظى أيضا بحاضنة شعبية .
وأخيرا سقطت صنعاء في دراما تشبه سقوط بغداد وما يتبع ذلك من وجود حاضنة للتطرف .
وفي مصر ثار الشعب المصري ضد فساد نظام مبارك والفقر وكانت فترة الإخوان ثم 30يونيو ، وحفظ الله مصر حتى الآن من دخول النفق المظلم وإن كان شبح أي ثورة ثالثة لا تتحمله الحالة المصرية لأنه سيكون كارثي يجب أن يظل هذا الشبح محل قلق حتى نسعى لعدم حدوثه .
خلاصة الصورة أن الصراع السياسي والأيديولجي في المنطقة إشتعل ويتم تعمد تحوليه لصراع مذهبي وهذا غير حقيقي ، فالصراع فارسي إمبراطوري  تسعى من خلاله إيران للسيطرة على المنطقة ، والقوى العربية مشرذمة ومشغولة بصراعاتها الداخلية وتمثل حالتها فرصة سانحة للحلم الفارسي بالسيطرة 
، ومن صنع الإرهاب يبتز الجميع ليحارب صنيعته ، وغاب الصراع العربي الإسرائيلي وحضر الصراع الفارسي العربي والذي يتغذى على المذهبية ، وأظن أن هذا هو المطلوب إضعاف العرب بإيران والسيطرة على إيران من خلال داعش ومن خلال صراعها مع العرب .
تلك الصورة تستدعي عدة أمور أهمها الحفاظ على الدولة الوطنية بكل السبل مهما كانت أخطائها فخطايا إنهياريها أضعاف وأضعاف وبقاؤها هو طوق النجاة .
وعلى الدولة الوطنية التمترس بشعوبها وأن ترفع المظالم وتزيل الإحتقان وتزرع الأمل وتقوي جبهتها الداخلية وتقلل الحاضنة الشعبية للتطرف والتي يزيدها الإحساس بالظلم والقهر وفقدان الأمل ، وعلى الدولة وأثريائها أن يدركوا أن هبة الفقراء الذين بدأوا ينتحرون ستحرق الأخضر واليابس ولابد من مد يد العون لهؤلاء وأن لا نترك اليأس يسيطر عليهم .
أما على صعيد جماعة الإخوان فعليهم أن يعودوا ويراجعوا أنفسهم ويدركوا أنهم يساهمون بجهل أو بعمد في تدمير ما تبقى من الخيمة العربية والإسلامية ، وأنهم حتى لو نجحوا في سعيهم لن يحصدوا سوى الأشواك والدمار ، فالصورة الحالية داخليا وخارجيا لا تتحمل وجودهم في الصدارة فالأولى بهم الإلتحاق بصفوف أوطانهم .
ما دفعني لكتابة تلك السطور حوار مع شاب في السادسة عشرة ليس متدينا ومع ذلك قناعاته أن داعش رجال وأنهم يقاومن الظلم والإحتلال والشيعة !!
هذا نموذج يجب أن ننتبه له جيدا فحاضنة التطرف تحتاج لعلاجات فورية وطويلة الأمد ..
حفظ الله مصر بأمتها ولأمتها .

مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام