مساحة إعلانية

الامه بين حدود الدم .... وثقافة الوحده والمقاومه .... مقالة د. سعد العتابي..

عاطف عبدالعزيز عتمان يناير 03, 2014
. تعيش الأمة العربية اليوم واحدة من أخطر مراحلها التاريخية إن لم نقل أخطرها على الإطلاق .. فمنذ تأسيس الدولة العربية الإسلامية لم نر مثل هذا التشرذم والتشتت الخطر الذي تشهده الأمة الآن والذي يشكل خطراً بنيوياً كبيراً على الأمة ومستقبل أجيالها، فنحن اليوم نعيش مرحلة (الجاهلية الثانية) بكل تشتتها وفرقتها واحترابها ...بل وارتباط بعض حكامها بمشاريع أجنبية معادية لطموحات الأمة كلها. ـ بالضبط كأيام الجاهلية - .. .. والأنكى من ذلك أصبحت المؤسسات القومية مطية بيد الأجنبي لتنفيذ مخططاته المعادية للأمة من حيث التأييد والتسويق والتنفيذ وعلى طريقة (ملكي أكثر من الملك) .... وقد أصبح وطننا العربي مرتعاً خصباً لإثارة النعرات الطائفية والفئوية والفتن ... والاضطرابات والتكفير والقتل المجاني والإرهاب ... ولم يكتفِ النظام الرسمي العربي بهذا بل ذهب أبعد بكثير وأصبح يروّج للعدوان العسكري الخارجي ويشارك فيه فعلاً فأصبح الجيش العربي يقاتل أخاه العربي. وقد ترافق ذلك مع استخذاء تام لكل ما يخص قضيتنا القومية الكبرى وهي القضية الفلسطينية... والاستجابة الفورية والفعلية لكل إملاءات الصهاينة ومن يدعمهم . ولا شك بأن لهذا التمزّق والتشتت أسباباً داخلية وخارجية تتضافر من أجل إشاعة التمزق والفرقة بين أبناء الأمة الواحدة . ولعل في مقدمة هذه الأسباب هو ارتفاع نبرة الخطاب الطائفي الذي انتشر وولّد الخطاب التكفيري المدعوم عربياً وخارجياً، الأمر الذي أدى إلى ظهور جماعات مسلحة تكفّر وتقتل باسم الدين وتثير الفوضى والرعب في أوساط المجتمع من خلال أعمال مسلحة إرهابية ... فضلاً عن تمزق النظام الرسمي العربي وتصارعه إلى درجة لم نشهد لها مثيلاً ... وهو أمر ناتج عن فشل هذا النظام في تحقيق أية خطوة وحدوية أو على الأقل تكاملية من أجل حماية الأمن القومي العربي الذي أصبح مكشوفاً للقاصي والداني، ولعل من الظواهر الجديدة في هذا النظام أنه أسهم وعلى نحو مباشر في القتال رسمياً بجانب العدو الذي يريد أن يحتل أرض العرب ولاسيما العدو الأمرو- صهيوني ... أو (الصهيو _أمريكي) . يترافق مع ذلك جملة من القضايا والمشكلات الاجتماعية والثقافية والسياسية التنموية والاقتصادية والتعليمية التي أخفقت بعض الدولة العربية في إيجاد حلول جذرية لها منذ قيام «كانتونات سايكس بيكو» إلى الآن، ولاغرو إذا قلنا إن أخطر هذه العوامل هو انتشار الفكر الطائفي والتكفيري المدعوم خارجياً بل هو واحد من أذرع الصهيونية في ضرب النسيج القومي والوطني العربي في جميع أقطاره من خلال خلق بؤر توتر تختلف في أشكالها وتتفق في نتائجها وأهدافها .. لأنها تنهض بالتأكيد على إشاعة روح الكراهية والفرقة والتكفير والقتل والتشتت والتخريب .. وتالياً توقف أية محاولة للاستقرار والتنمية في الوطن العربي ما يزيد من حدة المشكلات والانشغالات الداخلية .. كي يتفرغ الكيان الصهيوني لإقامة مشروعه بلا مقاومة تذكر. لقد شكلت هذه العوامل الداخلية مرتعاً خصباً للمشاريع الخارجية بل ترافقت وتزامنت وتضافرت معها، وفشل النظام الرسمي بإيجاد حلول جذرية وواقعية لها لتشكل أكبر خطر تواجهه الأمة منذ سقوط بغداد 656هـ وإلى الآن ويعد المشروع الصهيوني أخطر هذه المشاريع على الإطلاق لأنه ينهض على فكرة «إقامة دولة يهودية توسعية تمتد من الفرات إلى النيل وتكون بقية الأراضي العربية تابعة لها بطريقة أو أخرى وهذا لا يتم إلا بضرب قوى المقاومة وتشتيتها وتفريقها وإقامة دويلات كانتونية صغيرة إثنية (طائفية) ومتصارعة مع بعضها. ولا يخفى على أحد أهداف خطة المستشرق الصهيوني (برنارد لويس) التي كشفت عنها الأوساط الصهيو _أمريكية مؤخراً وهي خطة أقرها الكونغرس الأمريكي في عام 1983بشأن تقسيم الوطن العربي إلى ( 34) دولة صغيرة متناحرة متقاتلة، تفصل بينها حدود تسمى (حدود الدم) خدمة للكيان الصهيوني وتحقيقاً لأمنه وأحلامه ... ولعل أهم الأهداف الحقيقية لهذا المخطط هي: تحقيق أمن الكيان الصهيوني، وتسهيل تحقيق أحلامه وإطالة عمره وتفتت الوطن العربي ومنع أية وحدة عربية بأي شكل من الأشكال، ومحاربة الهوية القومية العربية والعمل على إلغائها وتحويلها إلى هويات جزئية منفصلة عن بعضها بل ومتناحرة، وترسيخ الهيمنة الأمريكية على الوطن العربي والعالم بكل أشكالها (العسكرية والسياسية والاقتصادية والأمنية، والثقافية ..). ومحاربة كل أنواع المقاومة للكيان الصهيوني وتفتيتها تمهيداً للإجهاز عليها، وتعزيز الوجود العسكري الأمريكي وحماية الأنظمة العميلة. وعدم السماح لأية دولة تحاول أن تكون قوة قومية مقاومة على نحو حقيقي كما حصل في احتلال العراق.. والتآمر على سورية والسيطرة على الثروات الطبيعية العربية ولاسيما النفط والغاز وغيرهما والسيطرة على عُقد المواصلات العالمية والتي يتحكم بها الوطن العربي جغرافياً. ولما كانت كل الحضارات نهضت على مبدأ (التحدي والاستجابة) فقد تصدت القوى الحية في الأمة لهذه المحاولات بكل السبل والإمكانات من أجل مقاومة هذه المخططات بوجهيها الداخلي والخارجي. ولعل الصمود الأسطوري للنسيج الوطني العراقي والسوري أمام كل المحاولات التكفيرية والتجزيئية ومحاولات التفتيت وإقامة حدود الدم، والتصدي لها و عزلها تمهيداً للقضاء عليها أهم مؤشرلتفتيت هذه المؤامرة وإنهائها. و يدعم ذلك المتغيرات في مصر وعودة الروح للفكر القومي بكل تجلياته. كل هذا يجعل الفجر القادم أجمل... والنصر العربي قادم ولكن هذا لا يتحقق على نحو ناجز وحقيقي إلا بإشاعة ثقافة الوحدة و روح المقاومة والعمل على نشرها كي نتصدى لروح الاستسلام وثقافة التجزئة، ويجب أن ينهض بهذه المهمة التيار القومي العربي وقواه الحية. كاتب وناقد عراقي ورئيس التجمع الشعبي العربي. د. سعد العتابي ..... رئيس التجمع الشعبي العربي
مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام