مساحة إعلانية

هل كانت ثورات أم فورات ....؟ بقلم د.عاطف عتمان

عاطف عبدالعزيز عتمان أكتوبر 04, 2013

الربيع العربى على عكس المتعارف عليه عن الربيع  لم يثمر بعدما ذبل زهره فى مهده ولم يأخذ من الربيع سوى الخماسين والتقلبات ...

هل كانت ثورات الربيع العربى ثورات أم مجرد فورات ..؟


وقفت برهة مع مصر خاصة ومع الوطن العربى عامة أحدق فى صورة الحاضر أحيانا وأقلب صفحات التاريخ فى أحيان أخرى 
وترجع الذاكرة بى لتلك اللحظة العاطفية فى 11 فبراير 2011 التى بكيت فيها وهتفت وحلمت بالغد ونفضت غبار الماضى ..كانت أحلام تحولت لكوابيس ...!!!

وقفت عند مفهوم كلمة ثورة ومقوماتها وأسباب نجاجها أو فشلها وعن حظنا التعيس فى أن كل ثوراتنا أو فوارتنا تولد مبتسرة فلا تكتب لها الحياة إلا للحظات تؤذن فى أذنها اليمنى وتقيم فى اليسرى وتزفها لمرقضها الأخير للتتكالب عليها أقلام مزيفى التاريخ تعبث بجسدها وتتعلم فيه التشريح دون مراعاة لحرمة موتها  ..

وقفت عند تعاريف الثورات وتاريخها فلم أجد إتفاق على تحديد مفهوم الثورة فالتباين واضح عبر الأزمان وعبر الأفكار والأيديولوجيات والمفكرين من اليمنيين لليساريين ..من رفض للصراع الطبقى والإستحواذ الرأسمالى إلى مقاومة الظلم والفساد والطغيان ..

ففى تاريخنا العربى القديم  لم نعرف الثورات بشكلها الحالى لأننا لم نعرف الدولة ولا القيود فكان العربى سيد نفسه حريته وسيفه وفرسه وقبيلته هم دنياه...
وبدأت الثورات بمفهوم البعض  أو كما كانت تسمى خروج أو فتن منذ عهد سيدنا عثمان حتى وقتنا الحالى ..

ومن بين تعريفها اللغوى الحرفى ..ثار يثور ثائر  والذى يعنى الهياج وبلوغ الغضب أوجه 
وبين معناها اللاتينى المرتبط بحركة دائرية للنجوم ثم بعد ذلك وصفت الإضطرابات والحراكات الشعبية حتى بزوغ الثورة الفرنسية التى أعطتها معناها الحالى ....
ومن التعاريف التى إستوقفتى للثورات ووجتها ربما هى الأدق والأنسب والأشمل لتعريف الثورة حسبما أرى ..

أنها "التغييرات الجذرية في البنى المؤسسية للمجتمع، والتي تعمل على تبديل المجتمع ظاهرياً وجوهرياً من نمط سائد إلى نمط جديد يتوافق مع مبادئ وقيم وأيديولوجية وأهداف الثورة، وقد تكون الثورة عنيفة دموية، وقد تكون سلمية، وتكون فجائية سريعة أو بطيئة تدريجية".
أظن هذا التعريف يحوى الكثير من المعانى ويؤكد أننا عشنا حالة فوران وغليان ولم نعش حالة ثورية حقيقة ..
خلاصة ما وصلت إليه من مشتركات بين مختلف الرؤى أن الثورة مرتبطة بالتغيير ربما الكلى أو الجزئى ..تغير نظام سلطة ومفاهيم حكم وقيم مجتمع ...

هى رؤية لإحلال تصور وقيم وأهداف ونظام بدلا من أسلافهم الفاشلة التى أدت إلى حدوث الثورة ..
ومن منظورى أن حقيقة الثورة وحقيقة الثوار كانت فى الأنبياء وفى الرسالات السماوية التى غيرت مجرى التاريخ وملامح الكون ..
ومن بعدهم كان الزعماء والمصلحون أصحاب الرسالات والرؤى وفى تاريخنا الإسلامى بعد عدل الفاروق عمر بن الخطاب كان سيدنا على حامل لواء الثورة والتى إستشهد هو ومن بعده سيد الشهاء الحسين فى سبيل إقرار قيمها وتمكينها وتحرير الرقاب من عبودية العباد ...

نعود لما سمى بالربيع العربى منذ شرارة بوعزيزى تونس مرورا بقاهرة المعز وصنعاء وليبيا ...

هل حقا كانت ثورات لها رؤية بناء وتغيير أم أنها كانت فورات نتيجة الفقر والظلم والكبت وضياع الأمل وتفحش اللصوص فى مص دماء المقبورين أحياء ..؟

لماذا تاهت الثورة المصرية عندما تنحى مبارك وضلت الطريق حتى الآن ؟

هل كانت فورة ضد مبارك الذى ما هو إلا وجه لنظام حكم بائس ..فلما تحقق الهدف تاهت الثورة ما بين المتطرفين والطامعين والباحثين عن مكان والكامنين خلف الستار ينتظرون هدوء الفوران ليعاودا الكرة فيسيطروا على المائدة من جديد ..

منذ فورة عرابى التى جرت الإنجليز إلينا وحتى فورة أو ثورة يناير ونحن ندفع أثمانا فقط ولا نجنى أية ثمار ...
ربما لأننا لا نحسن الزرع وإن زرعنا لا نحسن التلقيح وإن لقحنا لا نحسن إنتظار الثمار فنفقدها زهورا ذابلة ..

من الأكيد أننا بحاجة لعلماء جهابذة فى الإجتماع والإجتماع السياسى ليدرسوا هذا التاريخ ويضعوا أيدهم على مواطن الخلل التى تتسبب فى عملية الإجهاض المتكررة ...

الفرنسيين قاموا بثورة وتغير وجه فرنسا كل التغير ...وأطلق على التطور الصناعى الغربى لفظ ثورة وحق له ذلك فلقد تغير وجه الكون بسببها ..
حتى الثورة الإيرانية بكل المآخذ عليها غيرت وجه إيران ولو جزئيا ..
أما نحن فنخطوا للوراء عقب كل فورة ...يفجرها النبلاء وأصحاب القضايا ويضحى فيها الأخيار  ويئن منها الفقراء ويرثها اللئام ...

نحتاج لوقفة مع التاريخ ومع العلم ومع المفكرين فشعوبنا فشلت فى الإصلاح فإن ثارت ما تلبس أن تتحول لفورات ربما تطيح برأس الحكم لصالح أناس فى نفس النظام يغيرون مواضعهم ويجنون الثمار على جثث الفقراء الذين تهدأ ثائرتهم ويشعرون بنشوة إنتصار كاذبة ...
فى ذكرى السادس من أكتوبر ..
الثورة الحقيقية والتى إنفجرت عقب النكسة وتنحى عبدالناصر وتحمله المسؤولية حتى تحقق الإنتصار وتغيرت معالم مصر وللأسف تكالب اللصوص فى عفوة من الزمن على دماء المصريين التى خضبت رمال سيناء وسرقوا الحلم وتاجروا بالدم 
حتى صرنا إلى ما نحن فيه ..
فهل لأجيالنا أو أبنائنا أن يفجروا ثورة حقيقة تغير باطن ووجه مصر والعالم العربى أما أننا سنظل أسرى الفورانات من حين لآخر ندفع أثمانها من دمائنا وأوطاننا ويجنى ثمارها اللئام من كل جنس ...؟

مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام