منذ فترة وأنا لا أكتب المقالات ولا أشارك فى السيرك السياسي إلا بالمتابعة فقط بعد أن فقدت الحروف معانيها وإبتلانا الله بنخب وساسة وإعلام وإخوان لا يتحملهم وطن إلا هذا الوطن الصابر ..
ولكن الكيل طفح وسفينة الوطن تواصل الغرق دون أن يهتز لأبطال السرك السياسي جفن ولا يتحرك لديهم ضمير ...
25 يناير ..ثورة أو إنتفاضة أو فورة ولكنها كانت حراك شعبي ضد اللاشيء..؟؟
نعم اللاشيء...فعندما يكون لديك ما تخشى عليه فعامة الناس يتجنبون نظام الحكم ويخافون من بطش أجهزته لأن لديهم ما يخافون عليه ..
ولكن فى ال10سنوات الأخيرة فقد السواد الأعظم من المصريين وخاصة الشباب الخوف عندما فقدوا كل شيء.. فقدوا الغد ..فقدوا الأمل فضلا عن الظلم والفقر والمرض والجهل وضياع كرامة المصري فى وطنه ...
ضاع الخوف مع ضياع الغد وهنا مفتاح المشكلة لعودة مصر وليس المفتاح لدى مدرعات الأمن ولا قوانين الطوارىء ...
مرت 25 يناير وجاء 11فبراير وهلل القطاع الأكبر من المصريين وبزغ فجر الأمل من جديد وتوهم الشباب أنهم إمتلكوا شيء ..على الأقل إمتلكوا الغد إن ضاع منهم اليوم ..وبدأت ثمرة الوطنية تنبت وتظل شوارع مصر وأبنيتها ولكن الساسة ونظام الحكم الذى طار رأسه فقط والنخب المريضة التي تقتات على دماء الفقراء والإخوان وغبائهم وطمعهم فى التمكين ووهم الخلافة لأوطان يستعمرها الجوع ويضاجعها الفقر والمرض سرقوا الغد من البسطاء الذين توهموا أنهم ملكوه ..
وجاء حكم مرسى الفاشل الذى توهم ولاء من أجهزة الدولة العميقة فتمترس بهم وأغلق صدره الذى فتحه فى التحرير وظل أضحوكة وألعوبة وقضى على جزء كبير من شعبية تيار الإسلام السياسي الذى إكتسبها لا عن قناعة ولا حب ولكن كراهية فيما هو قائم وأملا أن يصلحوا ما فسد لأنهم أهل دين ...
لم نرى منهم دينا ولا دنيا سواء كان ذلك عن ضعف أو جهل أو عمد فالمحصلة واحدة ..سرقت 25 يناير أي ما كان مسماها وضاع العيش وضاعت والحرية والعدالة الإجتماعية..
ونجح مرسى وإخوانه فى ضم القطاع الأكبر من شباب 25 يناير ومن كل القوى الثورية وبعض الإسلاميين ليلتحقوا بالنظام المخلوع رأسه والذى إستجمع قوته وإستغل فشل الجماعة وحالة العداء والكراهية والفشل والخوف على وطن على وشك الهاوية تنهشه كلاب الخارج وذئاب الداخل وكانت 30يونيو
بغض النظر عن المسمى أيضا ...
ونجح الفريق السيسى وحاز شعبية تضمن له تربعه على سدة الحكم سواء بإنقلاب عسكري كامل الأركان لصالح الوطن المهدد والمواطن الجائع أو بإنتخابات حرة قادمة
وإختار السيسى خارطة الطريق وكان نجمه عال فى السماء
وكما تفرق ثوار 25 بعد يوم 11 فبراير
بدأ صراع ثوار 30ينيو بين جناح 25 المتمرد على حكم الإخوان ووجوه النظام القديم الذين يريدون إحكام السيطرة على المائدة وعودة ما كان ...
وبدأت بطانة السيسى تصوره عبدالناصر وتؤله فيه وما زلت أقول عبدالناصر عصي على الاستنساخ وعبد الناصر زرع محبته وزعامته فى قلوب العالم الحر كله بمواقفه وأفعاله قبل كلماته وبإنحيازاته الواضحة ...
سال الدم المصري البريء ومازال يسيل حتى اليوم والدماء لن تجلب إلا مزيدا من الدماء ...
وجوه نظام مبارك تبغى السيطرة ولو بقوة جنازير الدبابات وبسحق من يقف فى طريقهم ظنا منهم أن القوة كفيلة بعودة ما كان..
متجاهلين أو جاهلين أن من ليس لديه ما يبكى عليه لا يعرف الخوف وهم لا يزالون مصرين على سرقة الغد من عيون المحرومين ويعيشون على ماضى تغيرت الظروف والمعطيات ولم يعد بالإمكان إستنساخه ..
رموز 25 فى نظام الحكم الحالي عاجزون ويواجهون حربا شرسه من إعلام النظام القديم تارة بتهمة أنهم متأخونون وتارة طابور خامس وكأن مصر ضاق حضنها إلا على العكاشيين ...
أما الإخوان فمازالوا يراهنون على عودة مرسيهم المنتظر ولو على حساب أنقاض الوطن ولا يدركون حقيقة أن أنزه إنتخابات العالم لا يمكن أن تأتى بهم ثانية فى هذا التوقيت على الأقل وأنهم جزء من المشكلة ولا يمكن لتصدرهم المشهد أن يكون حل ..
رحل مبارك ورحل مرسى ولم يرحل الفقر ولا الجهل ولا زبالة الشوارع ولا البطالة ولا المجارى الطافحة ولكن زاد علينا شرخ مجتمعى وحقد وكراهية ودماء تسيل ...
وبعيدا عن تفاصيل كثيرة ومريرة لصورة معقدة يبقى على نظام الحكم الحالى إدراك حقيقة مهمة وهى أن الحلول الأمنية وحدها لن تحقق أمنا ولا إستقرارا لسفينة الوطن التى تتهاوى وأنه لا خوف لمن لا يملك ما يخاف عليه واليأس هو الداء الذى لا دواء له إلا الأمل ..
على الفريق السيسى أن يدرك أن العامة والبسطاء الذين سئموا الحياة بحاجة لمن يحنوا عليهم كما قال هو سابقا وأنهم لا تعنيهم أسماء من يحكمهم بل يعنيهم رغيف الخبز وغد لأولادهم يشرق بالأمل وإن كان بعيد ..
وعليه أن يصنع زعامته إن أراد بالإنحياز للوطن ..كل الوطن وكل المواطنين معارضه قبل مؤيده ..كل من لم يرفع سلاحا فى صدر الوطن لابد أن يجد له مكانا يأوى إليه فى حضن الوطن ...
عليه أن يتخلص من قيود البطانة الطامعة ويبسط نفوزه ويعلى صوت العقل والحكمة ويفرد جناحيه ليظل أرجاء الوطن ويكشر عن أنيابه ويظهر مخالبه لكل من تسول له نفسه العبث بأمن الأسد الجريح ...
عليه أن يعلن إنحيازه بقوة وبأفعال على أرض الواقع ...عليه أن يزرع الأمل الذى سيتبعه العمل فهل يستطيع ؟
فليسقط الإخوان وليسقط الفلول ولتسقط كل المسميات والتصنيفات العقيمة وليبقى الوطن حضنا لكل أبنائه قانونه العدل يصون أرواحهم وممتلكاتهم ويقوم إعوجاج المعوج منهم
ويكون الحض الدافىء لهم ...
اللهم هيىء لهذا البلد من امره رشدا ..
ليست هناك تعليقات: