هي دي الحكاية ...
وقفت
أمامه وأبكى قلبي أنينه ونحيبه وجدته يعانق التراب على الأرصفة مجبورا مقهورا
بعدما جارت عليه الأيام ...
وليت التراب صعيدا طاهرا ولكنه ثرى لم يسلم
من عبث العابثين من كل جنس ولون....
رأيت فى عينيه إنكسار بعد أن كان أصله يداعب
النجوم ويغازل الشمس ويشاركها جزء من أشعتها الذهبية حتى بدا كشموس أرضية تضيء الكون
وتشبع بطون الغير ..
رغيف الخبز فى وطني بعد أن أصبح يتيما بلا
وطن بعدما سلبوه وطنه وهو سنبلة ذهبية ضاعت مع الضياع وهانت مع الهوان وأذاقوه الهوان
...
ينفطر القلب على حاله وعلى حالي فأنا بدونه بلا وطن
وأشعر بحشرجته وأنين قلبه لأنه توأمي وبيننا رباط
مصيري ..
كانت سنبلة القمح الذهبية تشرق كل يوم بشروق
الشمس وتشع البهجة والأمل فى المستقبل..
تتمايل فى دلال وحبات الذهب تثقل ظهرها
فتنحنى فى كبرياء ..إنحناء العظمة من كثرة ما تحمله ومن كونها لا تعرف الأنانية فهي
تحمل على ظهرها من أجل غيرها ..
الكل يطعم من حملها إلا هي ..!!
حرموني طلة فى عيونها وأمسى الليل وطال الظلام وما زلت أنتظر شروق
شمس سنبلة القمح الذهبية من جديد ...
أنا ورغيف الخبز ركبنا عجلة الزمن لنهرب
إلى الوراء بعدما صرنا لا نرى أمام أقدامنا ..
ولكن هيهات فما أسرع عودتنا إلى واقعنا
...
رغيف الخبز راكع فى إنحناء و مذلة ..يحتضر
ويستنجد بي ..ضعيف إستغاث بعاجز !!
..وينظر أمامه فى فاترينة المحل المقابل
فإذا بالأحذية ناصعة اللمعة تنظر إليه بسخرية وتعالى وتخرج لسانها بعد أن إنفك رباطه
فى وقاحة ..
بكى الرغيف فأبكاني وما حاله بأفضل من حالي
..الغث يتصدر والثمين مدفون ..
الفن يتوارى
والعرى العقلي والأخلاقي والجسدي يشع إشعاعات
قاتلة ...الجهل يستشري والجهالة لا تستثنى ...
السماء أضحت فى القاع والأرض صارت سماء ..
والكل يتاجر فى الوطن ..
الكل يتاجر فى رغيف الخبز ..
هذه هي الحكاية فى بلادي.. هي البداية للنهاية
هذه أزمتي فى ظل المعايير المغلوطة والمفاهيم
الملوثة والموازين المقلوبة ..
ولن يكون هناك غد إلا أن يزأر الرغيف فيمسح
دمعته وينتصر لكرامته ويمزق ستائر الظلام التي غطت نور الشمس وتعود سنبلته تشرق من
جديد ..
تعانق الشمس وتنحنى فى عظمة وتتمايل فى
ليونة ودلال...
عندما ترى الرغيف فى مكانه والحذاء فى مكانه
تنتهى المأساة وتبدأ الحكاية ...
أنين القلم
د. عاطف عبدالعزيز عتمان
ليست هناك تعليقات: