عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّه رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا:
أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يُصَلِّى مَعَ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَأْتِى قَوْمَهُ
فَيُصَلِّى بِهِمُ الصَّلَاةَ، فَقَرَأَ بِهِمُ الْبَقَرَةَ، قَالَ:
فَتَجَوَّزَ رَجُلٌ فَصَلَّى صَلَاةً خَفِيفَةً، فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاذاً
فَقَالَ: إِنَّهُ مُنَافِقٌ! فَبَلَغَ ذَلِكَ الرَّجُلَ فَأَتَى النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَارَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا
قَوْمٌ نَعْمَلُ بِأَيْدِينَا وَنَسْقِى بِنَوَاضِحِنَا وَإِنَّ مُعَاذاً
صَلَّى بِنَا الْبَارِحَةَ فَقَرَأَ الْبَقَرَةَ، فَتَجَوَّزْتُ فَزَعَمَ
أَنِّى مُنَافِقٌ! فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
يَا مُعَاذُ أَفَتَّانٌ أَنْتَ؟! -ثَلَاثاً- اقْرَأْ وَالشَّمْسِ
وَضُحَاهَا وَسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَنَحْوَهَا، أَخْرَجَهُ
الشَّيْخَانِ.
أحيانا نظن أننا نخدم الإسلام، فى حين أن النتائج غيرالمقصودة لأفعالنا تؤدى إلى ما لم نكن نستهدف أو نتوقع، والأمثلة حقيقة كثيرة وتستحق تفكيراً عميقاً، وهذه هى دلالة القصة التى بدأت بها المقال، حيث أراد معاذ -رضى الله عنه- أن يتقرب إلى الله أكثر، فانتهى به الحال مسئولاً أمام الرسول، صلى الله عليه وسلم، «أفتان أنت»؟!
وهو ما ينطبق على بعضنا ممن يثيرون الفتن وهم غالباً لايقصدونها؛ لأنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، قال لى صديق أثق فى خلقه إنه رفض أن يستأجر خدمات نجار ممن يطلقون اللحى بشكل مبالغ فيه، وحين استفزنى الموقف سألته: وما المشكلة تحديداً؟ وكانت الإجابة: «هؤلاء يتاجرن بالدين» وبما أننى من مدرسة ألا نتعجل فى الحكم على الناس ولا على التيارات وأن التعميم فى هذه المواقف ليس من الصحة فى شىء، كان سؤالى: وكيف عرفت أن هذا الشخص يتاجر بالدين؟
وهنا كانت الإجابة المزعجة بالنسبة لى أنه ربط هيئة الرجل بنتيجة الانتخابات الماضية وبعض ما صدر عن بعض النواب المنتسبين للتيار المحافظ دينياً.
وفى معرض نقاش مشابه، تبين لى أن آخرين قد عرضوا لمواقف مشابهة وكأن هناك من ربط ربطاً مباشراً بين سلوك البعض وبين ما أسموه «المتاجرة بالدين» إذن، نحن أمام معضلة تتطلب الكثير من الحذر والحيطة من قبل المنتسبين للتيار المحافظ دينياً؛ لأنهم أمام معضلة حقيقية: هم ينسبون أنفسهم لفكرة «المرجعية الإسلامية» بحكم انتمائهم لأحزاب ترفع أمثال هذه الشعارات، وهذا يوفر لهم ما لا يوفره لغيرهم من توقعات متزايدة بأنهم يلتزمون بالإسلام عقيدة وعبادة وخلقاً وسلوكاً؛ ولكن حين تحدث بعض الأخطاء، الجماعية أو الفردية، يكون لها دوى شديد؛ لأنها تأتى لمن رفع توقعات الناس بشكل مبالغ فيه، إذن نحن أمام معضلة حقيقية، وهى أن بعض من ينتسبون للتيار الدينى وقع فى الفجوة بين الدين وبين سلوكياتهم الشخصية، ولولا أن بعض العقلاء داخل التيار المحافظ دينياً يقومون بمعالجة الأخطاء وتقديم الاعتذارات وتقويم المخطئين لكانت الخسائر أكبر، ولكن هذا لن يكون كافياً على المدى الأطول.
هل أستطيع أن أطالب بعض المنتسبين للتيار المحافظ دينياً أن يتدارسوا حديث رسول الله: «وإذا حاصرت أهل حصن، فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله، فلا تنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك، فإنك لا تدرى أتصيب حكم الله فيهم أم لا».
فلنتواضع، ولنكف عن الزعم بالحديث باسم الشرع الشريف، ولنقل فى الأمور الخلافية والاجتهادية: «ما يغلب على ظنى كذا وكذا.. .»، وليس: «ما قرره الشرع كذا وكذا.. .» حتى لا يكسب الإسلاميون ويخسر الإسلام.
منقول من جريدة الوطن..12/5/2012
أحيانا نظن أننا نخدم الإسلام، فى حين أن النتائج غيرالمقصودة لأفعالنا تؤدى إلى ما لم نكن نستهدف أو نتوقع، والأمثلة حقيقة كثيرة وتستحق تفكيراً عميقاً، وهذه هى دلالة القصة التى بدأت بها المقال، حيث أراد معاذ -رضى الله عنه- أن يتقرب إلى الله أكثر، فانتهى به الحال مسئولاً أمام الرسول، صلى الله عليه وسلم، «أفتان أنت»؟!
وهو ما ينطبق على بعضنا ممن يثيرون الفتن وهم غالباً لايقصدونها؛ لأنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، قال لى صديق أثق فى خلقه إنه رفض أن يستأجر خدمات نجار ممن يطلقون اللحى بشكل مبالغ فيه، وحين استفزنى الموقف سألته: وما المشكلة تحديداً؟ وكانت الإجابة: «هؤلاء يتاجرن بالدين» وبما أننى من مدرسة ألا نتعجل فى الحكم على الناس ولا على التيارات وأن التعميم فى هذه المواقف ليس من الصحة فى شىء، كان سؤالى: وكيف عرفت أن هذا الشخص يتاجر بالدين؟
وهنا كانت الإجابة المزعجة بالنسبة لى أنه ربط هيئة الرجل بنتيجة الانتخابات الماضية وبعض ما صدر عن بعض النواب المنتسبين للتيار المحافظ دينياً.
وفى معرض نقاش مشابه، تبين لى أن آخرين قد عرضوا لمواقف مشابهة وكأن هناك من ربط ربطاً مباشراً بين سلوك البعض وبين ما أسموه «المتاجرة بالدين» إذن، نحن أمام معضلة تتطلب الكثير من الحذر والحيطة من قبل المنتسبين للتيار المحافظ دينياً؛ لأنهم أمام معضلة حقيقية: هم ينسبون أنفسهم لفكرة «المرجعية الإسلامية» بحكم انتمائهم لأحزاب ترفع أمثال هذه الشعارات، وهذا يوفر لهم ما لا يوفره لغيرهم من توقعات متزايدة بأنهم يلتزمون بالإسلام عقيدة وعبادة وخلقاً وسلوكاً؛ ولكن حين تحدث بعض الأخطاء، الجماعية أو الفردية، يكون لها دوى شديد؛ لأنها تأتى لمن رفع توقعات الناس بشكل مبالغ فيه، إذن نحن أمام معضلة حقيقية، وهى أن بعض من ينتسبون للتيار الدينى وقع فى الفجوة بين الدين وبين سلوكياتهم الشخصية، ولولا أن بعض العقلاء داخل التيار المحافظ دينياً يقومون بمعالجة الأخطاء وتقديم الاعتذارات وتقويم المخطئين لكانت الخسائر أكبر، ولكن هذا لن يكون كافياً على المدى الأطول.
هل أستطيع أن أطالب بعض المنتسبين للتيار المحافظ دينياً أن يتدارسوا حديث رسول الله: «وإذا حاصرت أهل حصن، فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله، فلا تنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك، فإنك لا تدرى أتصيب حكم الله فيهم أم لا».
فلنتواضع، ولنكف عن الزعم بالحديث باسم الشرع الشريف، ولنقل فى الأمور الخلافية والاجتهادية: «ما يغلب على ظنى كذا وكذا.. .»، وليس: «ما قرره الشرع كذا وكذا.. .» حتى لا يكسب الإسلاميون ويخسر الإسلام.
منقول من جريدة الوطن..12/5/2012
ليست هناك تعليقات: