الحقيقة لا تُقطفُ، بل تُكتَشَفُ
لربما أنك باحثٌ في الأغصانِ عمّا لا يَظَهَرُ إلا في الجُذُور.
مولانا جلال الدين الرومي (قُدّس سرّه)
وقفت الأريام طويلاً أمام هذه الحكمة، فلربما قضت ما مضى تبحث بصدق نية، ولا تجد مُناها، مع أنها تجد مُتعة في البحث، وذلك نتيجة أنها تبحث في مكان جميل لكنه ليس موطن المراد. فلما أدركت ذلك واتجهت إلى المكان الذي هو موطن المراد، بحثت أيضًا بجد، لكنها لم تعثر على شيء، فاشتدت حيرتها، وأطبق ليل اليأس مخالبه السوداء.
عندها، رفعت بصرها إلى النجوم، فكانت مبهرة، وشعرت بهدوء غامر. نظرت إلى هذا الشعور لتراه، فعجزت... وكان الإلهامُ!
أحيانًا نبحث عن الإجابات في الأمور الظاهرة والمباشرة (الأغصان)، بينما الحقيقة والمفاتيح الحقيقية تكمن في الأعماق والأصول (الجذور).
إنَّ المكان الجديد فيه المراد، لكن وسيلتك البصرية تصلح لترى الأغصان، أما ما في الجذور فهو بحاجة إلى بصيرة أخرى، تخترق الظاهر، وترى ما لا تراه العيون، لأنه أصل ما تراه، وفيه تكمن حقيقة الرواية كلها.
هذا هو سرّ الحقيقة: أنّها لا تُقطفُ، بل تُكتَشَفُ؛ ومكمنها ليس في ثمار العمل، بل في بذور النية، وشريان الإدراك الخفي.

ليست هناك تعليقات: