مساحة إعلانية

هنا محراب صلاة الإنسانية

 

 
اليوم أنا صائم صيام قضاء وعندي فطري سأدعو لنفسي وللدكتورة نوال السعداوي وأسال الله لي ولها رحمة، وأستغفر الله لنفسي بقدر مسؤليتي عن كثير من أفكار الراحلة التي أختلف معها.
بل سأصلي عليها صلاة الغائب.
لا يعنيني مصير الإنسان الأخروي ولا أملكه، كل ما يهمني دوري في حياة هذا الإنسان لأنه ما أحاسب عليه، وإن لم أقتنع بطلب الرحمة لإنسان أمسك لساني.
ما بيني وبين غيري مادام مسالما غير معتدي فكرة، نتفق ونختلف ونتصارع حولها لا حوله.
وأخيرا أعوذ بالله أن اكون ممن يصدون عنه بجهالة وتكبر وتأله وصلف وتزكية نفس. 

لا تتعجب فأنت في واحة الأريام!

🦌🦌🦌

لا تتعجب فأنت في واحة الأريام، إن كان اللعن خارجها فهنا طلب الرحمة، وإن كان القضاء على الناس خارجها فهنا محاسبة النفس.
إن كنت مسيحيا ستقرأ هنا آيات من القرآن، وإن كنت مسلما سترى هنا آيات من الكتاب المقدس.
إن كنت شيعيا ستجد هنا نور عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وإن كنت سنيا ستعرف هنا أئمة آل البيت عليهم السلام، وعلي الذي أخفوا معالم رسالته.
إن كنت عربي قومي ستجد هنا الأمازيغي والكردي والقبطي والأبيض والأسود.
إن كنت سلفيا ستجد هنا حلاج القلوب وصاحب الفتوحات المكية وإن كنت صوفيا ستجد عقل وعدل الاعتزال. 
 

قال برتراند راسل:

"التسامح هو عدم لوْم أي شخص أو معاقبته بسبب أفكاره ما دامت لا تنتج عنها أعمال إجرامية."

دعونا نتعلم أن نستمع من الجميع وأن لا يورثنا الاختلاف كراهية وإكراه، وألا يتسبب رفض البعض برفض الكل ولا قبول الكثير بقبول الكل وأن نفرق بين الفكر والمفكر.
دعونا نتقبل صدمات التفكير بعيدا عن التكفير.
هنا واحة الأريام.. رحم الله الكاتبة نوال السعداوي.
________

أمي كانت تصلي الفجر قبل أن تذهب إلى الحقل وتعود بعد المغرب لتصلي العشاء ... أبي لم أره قط يركع ركعة واحدة ، وفي رمضان يأكل ويشرب ويدخن الشيشة ويوزع لياليه بين أربع زوجات بغير عدل ، يعطي الزوجة الأخيرة ثلات ليال وأمي ليلة واحدة ... كنت اسمعه يقول : الله يغفر الذنوب جميعا إلا أن يشرك به ، إله واحد في السماء هو الله وحاكم فوق الأرض هو الإمام ... قبل أن يموت زار قبر الرسول في مكة ،  ثم عاد يرتدي عباءة بدل الجلباب ، وسمعته يقول زيارة قبر النبي تمحي الذنوب ولا يبقى منها شيء .. ومات أبي طاهرا بغير ذنوب ... وقبل أن تموت أمي قلت لها لماذا  لا تزورين قبر الرسول لتلحقي بأبي في الجنة؟  قالت : باع أبوك المحصول ولم يعطني منه شيئا ، ليس معي ثمن التذكرة إلى مكة ولم تمسح أمي ذنوبها.
* من كتاب ( سقوط الإمام ) للكاتبة الدكتورة نوال السعداوي

----

كتب دكتور سيد دسوقي :

إذا رأينا في نوال السعداوي نموذج من زلت قدمه بعد ثبوتها فمن قد يشار إليه بإصبع الإتهام؟
* لم تكن الراحلة نوال السعداوي من عامة الناس حتى ندعي أنها لو قرأت في الدين واستمعت لمنظريه ما خالفت ذلك المنهج الذي عليه أغلبنا الآن فقد كانت باحثة أكاديمية طبيبة كاتبة ابنة لرجل دين انتمى إلى مؤسسة الأزهر كبرت على مكتبة اسلامية قد لا يتوفر لأغلب منتقديها اليوم في مكتبته ربع ما توفر فيها.
* لم تمت السعداوي طفلة أو شابة حتى ندعي أنها لو أطال الله عمرها لراجعت نفسها وعدلت فكرها ومنهجها ورجعت للجادة التي حادت عنها ومالت ميلا عظيما، فربما أعادت ما تناولته عشرات المرات ولم يزدها التكرار الا ثباتا ولم تمنحها المراجعات الا رسوخا على ما توصلت إليه.
👈.. هل كرهت نوال السعداوي ذلك الموروث الذي أفنت عمرها في إظهار سلبياته -كما رأتها- لدرجة أنها لم تقدم منهجا بديلا؟ فجميع ما تركته ليس إلا نقدا للتراث وإظهارا لما تصورت فيه أنه مساويء لا تليق بدين ولا تستساغ كملة، كرهت الموروث لدرجة أنها لم تتجرأ فقط على مروياته وصناعته البشرية بل تجرأت حتى على ما وصفه -ذلك الموروث- بأنه إلاهي أو من عند الله، فكان منها ما كان من جرأة على ذات الإله وعلى كتابه العزيز.
👈.. ترى هل ستكون حجة السعداوي أمام الله "مقت الموروث"، ومحاولة البحث عن الإله الحق والدين الحق والنبي الحق والرسول الحق مرة أخرى بآلية أخرى ومنهج آخر طيلة التسعين سنة؟
👈.. ترى هل موت السعداوي على ما ماتت عليه من معتقد إدانة لنا جميعا كمتحدثين ومفكرين وباحثين في الدين؟ هل نفرت منا ومن حديثنا ومنهجنا فكنا نحن المنفرين؟ هل رأت فينا الدعاة إلى سبيل الله بالإكراه والنصيحة الفجة في الوقت الذي دعينا فيه أن تكون وسائلنا الحكمة والموعظة الحسنة؟
✋.. هل السعداوي جانية ام مجني عليها؟
هل مذنبة ام هناك من أذنب في حقها؟
هل سنرسل إلى الله قريبا نوال سعداوي أخرى بمنهج -لاشك في انحرافه- تكون حجتها إدانة لنا ولما قدمنا من آليات لعرض الدين؟
✋✋.. لا تفكروا في مصير الراحلة بل تدبروا حاضركم  ومصيركم -أنتم- أيها الباقون.
انتهى
-----

في الختام

مارس الكراهية كما تشاء والإكراه كما أوهموك أنه دين لكن إذا قصدت واحة الأريام فتوضأ وضوءها فهنا محراب صلاة الإنسانية.
 

مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام