تاكسي...
وقف التاكسي متواضع الحالة يشكو غدر الحفر والمطبات وعلى عجلة قيادته سائق من كثيفي اللحى الذين لا تألفهم نفسي، فتحت الباب وركبت فسأل السائق عن الوجهة فأخبرته وشغلت نفسي بالموبايل وإذا بصوت عذب خافت بدأ يتسلل إلى نوافذ القلب فيترك العقل الموبايل ليسبح مع هذا الصوت الشجي الذي يمارس حفظ القرآن بصوت خافت أكاد أسترق سمعه.
تركت الموبايل لأتلصص حال هذا الصوت فإذا بإحدى يديه وهي على التارة تمسك مصحفا صغيرا قديما تعاني أوراقه وجلدته عوامل الزمن وإصبعه يحدد مكان ما يستغيث به إن خانته الذاكرة.
الأكيد أن هذا الصوت الذي لم يلق مظهر صاحبه ارتياح مبدئي أخذني إلى دقائق من السلام النفسي والتوافق العقلي والوجداني والعاطفي جعلتني أتمنى طول المسافة ولو زاد جريان مؤشر العداد ولكنها سنة البداية التي يعقبها نهاية وكان ختامها مسك إذ كان سلوك السائق عند الحساب متناسق مع همسه فأخذ حقه بالجنيه ورد الباقي فشكرته وطلبت منه الدعاء وبدأت أتفكر في تلك الحالة.
سكينة لم تصبني وأنا أستمع لمشايخ يقرأون من جوف الكعبة أو من روضة من عليه أنزل الكلم!
مصحف فقير المظهر ضعيف المتانة صغير الخط في يد تعمل وهي ذاكرة بصوت تخاطب به أذنها وسلوكها خاشع كصوتها!
تذكرت نفسي وقريني يسوق لي الأماني فأنتظر حتى أشتري مصحف ملون، لا صغير حتى يسهل حمله، له أغير الموبايل وأجيب ذاكرة كبيرة وأحمل برنامج مصحف، لا في رمضان أبدأ، لا الجمعة القادمة!
أتراني من الذين يقول عنهم الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا؟
نفسي تحدثني أنني سأبدأ استعادة ما كنت أحفظ عندما أشتري آي فون 6s الجديد وأشترى سيارة وأستغل الزحام في الحفظ!
قيل رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت، كلا كلا كلا.
اقتنوا الآن كتاب «صلاة الإنسانية» للكاتب الدكتور عاطف عبد العزيزمن خلال خدمة التوصيل المتاحة في كل أنحاء الجمهورية، والدفع عند الاستلام، من هنا:https://goo.gl/rQqyL6
رمضانيات الأريام 6
واحة الأريام عاطف عبدالعزيز عتمان
ليست هناك تعليقات: