دخلت مسجد الإمام الحسين مع آذان الظهر وشعرت بروحانية غريبة لست أدري هل بسبب المكان أم الزمان أم إسم من ينسب إليه المكان وللحسنين والسيدة زينب والسيدة نفيسة وباقي السادة في القلوب حنين حتى لو كان لا يربطهم بالمكان إلا الأسماء
وبعد الصلاة حان وقت دخول المقام الذي يظن بوجود رأس سيد الشهداء فيه وتشتد حالة الصراع بين أريامي وتشرد أحداها وترفض الدخول رفضا للنذور ومسح القبور والظن بنفع أو ضر من في القبور
وتطاوعني باقي أريامي وندخل الضريح مسلمين على صاحبه ومصلين على النبي وآل بيته الطيبين
وتركت الحرية لأريامي في التجول في الضريح يعيشون مع كل زائر على حده فما بين من جاء مثقل بالهموم ومن أعجزته الديون ومن ضاقت نفسه عليه ومن هو من البنين محروم ومن جاء وفاء بالنذور ومن جاء لا يطلب حاجة بل طلبه العشق للقاء بفيض من نور المحبوب
ألوان شتى وأجناس عديدة لا أظنهم يهتمون بتفاصيل المتكلمين ولا أظنهم بما يعتقد أنه شرك يتعمدون
بل أظنهم بفضل صاحب المقام وطهارة نسبه يتوسلون لرب البرية أن يفرج الكروب .
هم في دنيا وأنا في دنيا أخرى فلم تشغلني أخذ البركة من حدود الضريح ولا التمسح بجدران المقام وحتى رائحة المسك التي غمر المكان لم يعد في أنفي متسع لتشمها فقد كنت هناك حيث الحسن والحسين على ظهر جدهمها المصطفى وتمر الأيام وأرى حسينا يرفض التواكل والظلم والجور ولا يركن لنسبه ولا لفضله يخرج طلبا للإصلاح ولإستعادة جوهر الدين وحقيقة الرسالة
ويخذله المتخاذلون بعد أن قطعوا العهود وبعد مقتله عليه يتباكون ويلطمون الخدود ويشقون الجيوب وما لطم الحسين ولا شق الجيوب
أرى حسينا ما سفك دما حراما وحاول جاهدا تجنب إراقة الدماء ولكن الظالمين كانوا يدركون أن صوت الحسين لن يترك عروشهم تستقر فقتلوه أسدا شامخا يزأر بالحق .
كان الزوار يشمون رائحة المقام وكنت أشم رائحة دماء الحسين الذي خرج بنفسه وسيفه وصبر وسط قسوة الخيانة والغدر ولم يهرب لضريح جده ليستغيث به أن يرسل الله الطير الأبابيل لأن حسين يدرك حقيقة دعوة جده فلم يكن رضي الله عنه متواكلا ولا متزهدا ولا مبتدعا ولا مفرقا بل كان رسالة عدل وحب وتسامح
وأيقظتني أحد أريامي بسؤال لم أجد له جواب
ماذا لو حضرت كربلاء هل ستكون مع الخائفين أم مع الغادرين أم تنحاز لجيش السبعين وماذا عن هؤلاء الزوار والمحبين هل حالهم حال المعاهدين فإن اشتد البلاء كانوا من الهاربين ؟؟
سؤال ما أصبعه وأمره وليس له عندي من جواب .
ليست هناك تعليقات: