مساحة إعلانية

الإعلام الذي أعرفه وأسعى إليه ... بقلم د.عاطف عتمان

عاطف عبدالعزيز عتمان نوفمبر 11, 2014



الإعلام بكل أنواعه مقروء ومسموع ومرئي يعاني أزمة حقيقة ،أزمة أخلاقية في المقام الأول ومهنية إلى حد كبير ، وبدلا من أن يكون طوق نجاة لمجتماعاتنا وأوطاننا المأزومة ، تحول في كثير من الأحيان لأزمة في حد ذاته ، وبدلا من أن يرشد سلوك الشارع ويقود الرأي العام برشد للعبور من تلك المرحلة الحرجة من عمر أمتنا أصبح كثير منه منقاد وتحكمه الأهواء والمصالح والصراعات .
عندما أحببت الكتابة والخطابة منذ طفولتي وحتى عندما اتجهت لكلية الصيدلة بدلا من الإعلام بعد صراع نفسي مرير ، لأني أزعم أنني كنت أرى حقيقة الصورة ، كنت أحمل بين جنبات نفسي رسالة أود وجود منبر يسمح لي بتوصيلها ، حتى بعد ما تخرجت من كلية الصيدلة واتجهت للإعلام والكتابة ليس بحثا عن عمل ولكن للبحث عن نفسي .
جئت أبحث عن إعلام آمنت به وقرأته في الأدبيات وسعيت كثيرا لتعلم فنياته وأصوله وأحلم برسالة أحملها لمحاولة تغيير شيء ما في واقعنا المرير ، وهذا لا يمنع وجود رغبة في الشهرة وطلب المجد والعلاقات لكن من خلال حمل رسالتي وليس على حسابها .
ربما رأيت واقعا مريرا من خلال ممارستي الصحفية ولكن ما إن وقفت أمام الكاميرا حتى تكشفت لي أمور كثيرة ، سيطرة الإعلان على الإعلام ، الإبتزاز من البعض وإستخدام المنبر لحسابات ومصالح شخصية ، التمجد بدلا من طلب المجد ، التجارة أحيانا بالآمال والآلام لصناعة هالة وبطولة وهمية ،الضغائن والصراعات الخفية ، ضياع القيم والتلصص والطعن بالذمم والأعراض وبحرفية للهروب من سيف القانون ،
تصيد الأخطاء وإفتعالها أحيانا لمن لم يوافق الهوى والتعامي عن أهل الرضى .
ليس هذا هو الإعلام الذي سعيت إليه ، فقد سعيت لحمل رسالة ، ولخدمة أمتي وللبحث عن نفسي ولن أدعي مثالية وليس عيبا أن أسعى أن أكون شيئا مذكورا وأن أطلب المجد من خلال تعب و إجتهاد والمساهمة في إنقاذ أمتنا وإرساء ثقافة الحب والتعايش والتعاون بين كل البشر ، إن كنت درست الصيدلة بدلا عن حلمي في الصحافة و الإعلام خوفا أن أخسر نفسي ومن عدم توفر فرصة عمل ، فلن أخسرها الآن ولا أظن أنه تبقى من العمر ما يساوي ما مضى ، فإما أن أكون نفسي وأحمل رسالتي أو أعود لقلمي ومدونتي أهذي فيها جنونا في عصر القرد .
الإعلام الذي أحلم به يحمل بيت أمير الشعراء على أكتافه
(إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا)
إعلام يقود ولا ينقاد ، لا ينفصل عن الواقع لكن ينهض بالمجتمع لتغيره ، يعلي من القيم ومصالح الوطن ويحترم صرخة الألم ويسابق إلى إبراز بسمة الأمل .
سأظل إنسان أحاول أن أضع روحي وجسدي في الميزان وأضبط إيقاعي معترفا ببشريتي وأخطائي ومقيما لتصرفات غيري ومواقفهم وليس لأشخاصهم وفق الميزان ، فلا يوجد شيطان مارد ولا ملاك طاهر في بيني آدم ، كل له وعليه والإنصاف يقتضي النظر لكفتي الميزان ، من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره .
مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام