د.عاطف عبدالعزيز عتمان
.............
حالة من الفوضى والكراهية والتكفير والدماء تسود الساحة العربية والإسلامية وأبواق التطرف والتافهون يتصدرون المشهد وأصوات الإعتدال ودعاة الحوار يختفون تارة خلف أصوات براميل الحقد المتفجرة وتارة خلف ضجيج أبواق التطرف .وأخطر أنواع التطرف هو المستند إلى عقيدة دينية حيث يتحول المتطرف وعقيدته ومذهبه إلى سيف لله على الأرض لا يمكنه بحال قبول الآخر.
دائما ما أسعى لكسر الأطر الفكرية والبحث عن الآخر بعين الشك للوصول للحقيقة ، فصاحب اليقين لا يمكنه أن يكون باحثا .
تجولت بين صفحات تدعي المسيحية وأخري تدعي التشيع وثالثة تدعي التسنن ووجدت دواعش فكرية في كل دين أو مذهب وهنا مكمن القنابل الموقوتة التي تهدد مصيرنا .
وسط أبواق التكفير ودق طبول الحرب ظهر صوت لعالم شيعي لبناني له إجتهاداته ومواقفه وفتاويه وأهم مرتكزات فكره ،أنه يحرم السب واللعن ولا يكفر من لا يؤمن بالإمامة وله موقفه من الكثير من الأمور العقائدية التي تؤجج الخلاف السني الشيعي ويدعو لإحترام الأوطان والولاء لها ،والحوار ، ويؤمن أن المذاهب ليست دينا ولا حرما مقدسا لا يجوز التفكر فيه وتصويب الأفكار والإجتهادات ، وصدر له كتاب مؤخرا بعنوان الشيعة والسنة أمة واحدة ، وتصدر بحثه هذا مرتكز فكري هام وهو أن الرسول الكريم وصحبه لم يكونوا جعفرية ولا أحناف ولا حنابلة ولا شافعية ولا مالكية .
هذا هو فكر سماحة السيد العلامة علي الأمين الذي طالته يد التطرف من مذهبه قبل غيره .
الرجل لم يدعو لإلغاء المذاهب بل للتحرر من قيودها ووضعها في إطارها الطبيعي ، وهي أنها مدارس فكرية وفهم للدين وليست هي الدين .
فوجدت من واجبي أن أرسل رسالة مفادها تسليط الضوء على تلك النماذج والبناء على فكرها ومواقفها لمحاولة الخروج من مأزق الحروب الطائفية التي إشتعلت ، و التمسك بالقواسم المشتركة ، وتأصيل لقاعدة مهمة أنه ليس بالضروري أن نتفق بل يكفيني حمل رسالتي إليك وبيانها وتقبل رسالتك منك وتفهمها وإحترام الإختلاف جزئيا كان أم كليا ، وتبقى آدمية الإنسان ودوره في خلافة الله في أرضه وإعمارها مشترك لكل البشر .
للأسف لعبة السياسة القذرة والتي دائما لا مقدس فيها -حتى الدين- تفسد أية محاولات للتقارب .
مواقفي من النفوذ الفارسي والهيمنة الإيرانية وتآمرها على الوطن العربي واضحة ولكن بمجرد الكتابة عن فكر السيد علي الأمين إنهالت التهم بالتشيع تارة و بالدعاء علي أن أحشر معهم تارة وتم إستحضار فيديوهات سب بعض المعممين لأم المؤمنين وللصديق والفاروق في غير موضعها ووو..
وأنا ألتمس العذر لهؤلاء ، فالعقل البشري وخاصة من لا يدرك أنه أسير أطره الفكرية والإجتماعية دائما ما يرفض تلقائيا أي جديد يخرج عن حدوده المألوفة ، ودائما تهم الزندقة ما تلصق بأي فكر يخرج عن الأطر المقيدة لهذه العقول ، إن هذا الإرهاب الفكري الذي يمارسه البعض في حمية ظنا منهم أنهم حماة العقيدة يجب أن لا يثنينا عن أخذ زمام المبادرة والثورة علي المورثات الخاطئة والتجديد الفكري والذي إن كان اليوم غريبا مستهجنا ففي الغد سيصبح محافظا وهناك تطور آخر يتجاوزه فتلك سنة التطور .
ستظل الإنسانية بإطارها العام وسلامتها هي رسالتي الأولى وستظل وحدة أمة محمد صل الله عليه وسلم بالعودة لنبع الوحي الصافي وتنقية الإنحرافات الفكرية هي دعوتي ، يرضى من يرضى ويغضب من يغضب ، ودعوتي الأخيرة للإخوة الشيعة الجعفرية العرب أن يقاوموا المتطرفين والسبابين واللاعنين وأن يقدموا أنفسهم لإخوانهم السنة بعيدا عن فضائيات الحقد الفارسي وليعلموا أنا والله شركاء في حمل راية الحسين الحقيقية ، وهي راية جده المصطفي وأننا معشر السنة نتعبد إلى الله بحب آل بيت النبي ونفتدي آل بيته بدمائنا .
إن حل أزمة السنة والشيعة هو بناء جسر الأئمة في العقول ، إن الأعظمية والكاظمية هما الداء والدواء ، وتقديم أهل الفكر الوسطي التعايشي هو الحل ، فهل يتغلب صوت العقل على أبواق التطرف ؟
ليست هناك تعليقات: