مساحة إعلانية

لمن يكتب المثقفون ؟ تتسائل الكاتبة حورية عبيدة

عاطف عبدالعزيز عتمان أغسطس 26, 2014


قضية للنقاش ..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛

سؤالان لا ثالث لهما ؛ لمن يكتب المثقفون ؟
ومن لزاما عليه أن يقرأ ؟

بقلم : حورية عبيدة
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛

نتفق أن المثقفين والحكماء والعلماء ذاكرة الأمة ، هم من خصتهم الإرادة الأزلية بالبلاغة والوعي والحكمة ، هم أصحاب الهمم العوالي والغوالي والمهام الجسيمة ، هم الثقات الذين يبذلون الأكباد ليقدموا لمجتمعاتهم الرؤى المعتبرة في كافة قضاياه لينعم بسعادة سرمدية ، خاصة الذين لا يدينون إلا للساميات من القيم ولا يتخذون " أيدولوجيات " بعينها يعلون من شأنها وإن تعارضت مع مصالح مجتمعاتهم ، غايتهم وقبلتهم الحقيقة لا يغرنهم المادحون ولا يضرنهم القادحون أو هكذا يجب أن يكونون ، يقدمون رؤاهم لأوطانهم إخلاصا وتقربا لا تخلصا وتكرما ، مقاومون مثابرون مكرسون حياتهم وعقولهم وضمائرهم لصناعة أوطان بريئة من عللها الدفينة ، يحاربون بنبل محاولات تغييب العقول وتسطيحها ، يضعون أيديهم على الخلايا الفاسدة الخبيئة بجسد الآمة ليقدموا الناجع من الحلول.
أتساءل عن هؤلاء الذين يحملون مشاعل الإفاقة ؛ مَن يأخذ برؤاهم على اختلاف تخصصاتهم ومجالاتهم ؟ حكماؤنا الذين كان نهجهم " خير الكلام ما زاد وفاد " تحول إلى " ما قل ودل " ، والآن يمارسون الانسحاب والانتحار العقلي والخرس القلمي واللساني بل والضميري وهكذا يفعلون ، هم أنفسهم من أصيبوا بالإحباط ( ولن أقول داء الحُباط الذي يصيب الدابة قبل موتها ) ، بل يهربون أو يرغبون بعد أن تيقنوا أنهم للبحر يحرثون ، لأن شعوبهم لهم لا يقرؤون ، وبهم لا يهتمون ، وعليهم لا يفهمون ، ولرؤاهم لا يطبقون بل يستمتعون بأنهم في غيهم يعمهون ، والعمه للبصائر والقلوب ، لا عمى الأبصار والعيون.
المثقفون حائرون يتساءلون لمن يكتبون ؟ وماذا يكتبون وآراؤهم لا تُثَمًن ولا يُؤخذ بها في مجتمعات تبدلت قيمها وطفا غَثُها وجُرّم مفكروها وبضاعتهم ، يشعرون بغربة الأوطان تماما كما قيل للنبي سليمان عليه السلام : ما أشد العذاب ؟ قال : أن تضع الرجل في قوم لا يعرفون له قدرا..
نحن ندعوا مفكرينا للبؤس والكآبة والتصحر العقلي والفكري وسوء المنقلب حين نجبرهم على تجفيف أقلامهم ورفع صحفهم وإصماتهم ، لأن الأغبياء هم المسيطرون على ساحات ومنابر هتكوها حتى أفسدوها ، هل نرثيهم ؟ أم نرثي أنفسنا حين يتحولون طوعا أو كرها من أصحاب أفكار إلى أصحاب " مذكرات شخصية " كالتي كنا ندونها ونحن صغار ؛ نُسَطّر فيها أحلامنا وأمنياتنا ونفرغ أفراحنا وأتراحنا وشجوننا ، ثم نتقن غلقها ونضعها بعناية في مكان خبيئ ؟ لقد حولناهم من مفكرين إلى مدونين مفضفضين .

" أن نكره أناسا بأعينهم فليس هذا بإثم ، أما أن نتجاهلهم فتلك هي الوحشية بعينها "، هكذا أصدقنا القول " برنارد شو " ، إن المجتمعات التي تنبذ مثقفيها وتتجاهل علماءها ، لها التعاسة التي تستحقها لأنه دليل نقصان حظها ، فهم من يمنحوننا كنوزا من الفكر الثاقب والمعرفة لم تكن لنا ببال ، ولكن حين يدرك الحكماء أن أعمارهم وأفكارهم مجرد هباء منثور بخس ٌ ثمنه ؛ فسنعلم وقتئذٍ أن المهزوم الوحيد هى الأوطان وذلك هو الخُسران . ... حورية عبيدة
مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام