فى ليلة بكى فيها الفرعون وغاب القمر ...
يوم خريفي تتخلله أجواء خماسينية ربيعية فى غير موعدها ...
يوم تعرت فى الأشجار من كل ستر وتساقطت الأقنعة المزيفة مع تساقط الأوراق ولم يلمح من الربيع غير أتربته الخماسينية التي تسبب الرمد .......
يوم كله غيامات حجبت نور الشمس فى النهار وينذر بليلة ليلاء...
وفرد الظلام أجنحته وغطى جنبات النفوس والأوطان ..
ليلة بكى فيها الفرعون ...فغاب القمر ...
ليلة ليلاء سوادها أظلم من ظلمات النفوس ..ظلمات تسكن ظلمات وتأنس بأنين المظلومين ...
ليلة بكى فى فيها الفرعون وهو من جرت الأنهار من تحته وشيد القصور وأقام الحضارة تناطح النجوم فى السماء ...
غاب القمر فى غير موعد الغياب ..
أتراه إحتجب حتى لا تظهر عبراته فيجرح كبرياء النجوم وتعايره الأقمار ..
ليلة سقطت فيها الأندلس من جديد بتآمر الأندلسيين على أنفسهم ...
ليلة ليلاء ...
قسمت قلوب العرب من جديد فصارت أشتاتا ...
ليلة إنتحر فيها الحب معدوما بحبال الغدر وبكته الإنسانية دما ولم تكن تدرى أنها تبكى نفسها ....
ليلة لم يهدأ فيها صهيل الخيل العربي ولا عويله وصام قلبه عن النبض وراودت عيناه غيامات الحزن وكست سماؤه سحائب الهم فأمطرته وأمطرته حتى أعلن صيام الدهر عن مائها وإن هلك عطشانا فما كان الملح يوما للظمآن عنوانا ...
ليلة جفت فيها مراعي تونس الخضراء وتاهت إبل السودان فى الفلاة وصرخ قصر الرشيد فى بغداد وأظلمت قاهرة المعز وبكت وبكت ...
ووقف الفرعون على أبواب الأندلس يبكى على الأطلال ويناجى الأميرة ..
وهى من أغضبته ..أهانته باعته فى سوق الدرهم والدينار ولكنه داء العشق ..
جثى على ركبتيه متوسلا ..
إني أحبك مولاتي فلا تتركيني فتقتليني ..
وراح يستعطف قلبها بالأيام الخوالي ومعسول الكلمات وحلو التنهيدات وتناسى غدر أمسه ومرارة الغدرات وخداع النظرات ولهيب العبرات...
نظرت من برجها العاجي....!!!!!!
ومن حولها حراب الحراس وسهام الرماة مشدودة على الأوتار
وأمطرته بزمهرير أحرق الوجنتين من سخونة العبرات...
أفق من الوهم أيها السكران ..
ما أنت إلا دمية أخذت وقتها وصرت باليا فانى ...
خرس اللسان وجف نهر الدمع وقطرت الدم العينان ..
تصلبت اليدان وخارت قوى القدمان وشهق شهقة فاضت فيها روحه وهى تئن وتشكو للرحمن غدر الأحبة وهجر الندمان
******************************************
قالت أحبك ..قالت وقالت حتى نضب بئر الكلام ..فلما إنتهت الحروف أشارت إلى الفؤاد وكتبت بدمعها على ورق الورد أحبك ...
صدقها وأغمض عينيه وحمل قلبه بين شفتيه ليقبل ورقة الورد فإذا أشواك مقنعة أدمت القلب مزفنزف ونزف وما زال النزيف ينهمر كالفيضان .......!
كل التصرفات كانت تنطق والكل يسمع ويرى إلا ذلك الأصم الأعمى ...أعماه الشوق فرأى الشوك وردا ..وأضناه العطش حتى رأى السراب زمزم ...فشرب وشرب حتى شرب الظمأ
الحمد لله ...بها السلوى من البلوى وفيها الرضى بالقضاء ...الحمد لله يقدر فيلطف فيما قدر ...
الحمد لله يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور ومع هذا يستر فلا يفضح ...
إن كان لابد من كشف أستار القلب فأكشفها لمن يعلمها قبل أن تكشفها وتكفل لها بالستر لأنه الستير ..
وإياك وتعرية نفسك إلا أمامه فهو الحبيب الأول والآخر ....وما دونه سراب
**********************
كرهت إدعاء الفضيلة والتمسح بالمثل فلنحيا كباقي البشر لأننا منهم وربما أقلهم وإن كان لنا فضل فالعيش فى ثوب الرهبان يغرى الذئاب.....
***********************
أخطر مشكلة أن يتحول الإنسان لواعظ أو يرتدى ثوب قديس ويأتي كل المنكرات التي ينكرها !!!
سرقة خداع زيف تبجح تعدد أقنعة ..... كوكتيل العذاب فى عصر القرود
عندما يصاب الإنسان بعقدة التقليد الأعمى وتتجمد مداركه الإبداعية يتحول لمسخ لا لون له ولا طعم ولكن له رائحة ..!!!!!!
إنهاء حواء ..النور والنار ..الضياء والظلام ...السعادة والتعاسة ...المكر والكيد ..إنها خواء ..فهمت كنه الدعاء اللهم إني أعوذ بك من إمرأة تشيبني قبل المشيب.....
يظل الإنسان يكرر الكذبة حتى يألفها ثم يصدقها فتخرج من عميق وجدانه ...
لا تلومن المخادع بل كل اللوم على من سمح له بالخداع
مر الحقيقة أهون ألف مرة من حلو السراب ...وألم المشرط أحن من قسوة الداء ...المرض الحاد مؤلم لكنه أهون ألف مرة من إدمان الإزمان
*********************************
أنين القلم
د.عاطف عبدالعزيز عتمان
ليست هناك تعليقات: