الرئيسية
»
مقالات وخواطر الأريام
» الفرعون والثعلب والمحكمة..بقلم د عاطف عتمان
الفرعون والثعلب والمحكمة..بقلم د عاطف عتمان
د عاطف عتمان
الفرعون والثعلب والمحكمة
هناك من بعيد تلوح فى الأفق المحكمة مكتوب على بابها لا ظلم اليوم
ميزان العدل والحق منصوب
حر شديد عرق غزير
قلوب ترتجف همس هنا وهمس هناك
ألسنة متحجرة أطراف مرتعدة
الشمس تقترب من الهامات وتكاد الأجساد تحترق
العرق يكاد يكتم الأنفاس
ويخيم الغموض على المشهد
مشهد مهيب وموقف عظيم ولا يفوق المكان عظمة وهيبة ورهبة إلا عظمة القاضى
هناك حيث عطبت الساعات وتوقفت عجلة الزمان فاليوم قد يكون عام وقد يكون خمسين ألف سنة من الزمان
هل لهذا اليوم العصيب من نهاية؟
هل للشمس من زوال؟
هل من ليل للسكينة؟
هل إلى خروج من هذا الموقف من سبيل ؟
لسان حال كل الحضور
القاضى
ملك الملوك أحكم من حكم وأعدل من قضى
العدل من أسمائه والحكمة وطلاقة القدرة من صفاته
لا وكلاء للإدعاء ولا محاميين ولا نقد ولا إستئناف فالقاضى أحكم الحاكمين من لايعزب عنه مثقال ذرة فى الأرض ولا فى السماء
الفرعون
نعم الفرعون يقف فى إرتباك شاشات العرض تعرض أمام عينيه كل جرائمه ما يذكر منها وما ينسى أو يتناسى
لم يعى بعد نوع المحكمة ولا القدرة المطلقة للقاضى
فما زال يتعلق بأستار الوهم ومازالت تسول له نفسه أنه ضحية وأنه مجنى عليه لا جانى وأن الجميع خانه ولم يقدر تضحياته
ذهنية مريضة ونفس إعتادت الإفك والكذب حتى صدقت نفسها
قلق رعب حيرة وأحيانا إرتباك وشعور بالمظلومية
توتر أرق وقلق
تتعلق عينيه بالثعلب الماكر ذالك الذى لم يهزم فى محكمة ولم تقهره قضية
فلقد أجاد الباطل وأتقن قلب الحقائق وتلاعب بالقوانين والضمائر
نسى الفرعون وثعلبه أن حيله ومكره قد بطل وأن المكان غير المكان والزمان غير الزمان والقاضى ليس كأى قاضى
المظلوميين وأصحاب الحقوق
نظرتهم مختلفه وإدراكهم للواقع أكبر فكم إنتظروا المحكمة وكم نادوا وإستغاثوا بقاضيها
صبروا وتحملوا وظلموا وجاء يوم الفصل فى مظالهم
أصحاب الحقوق المهمشين والمقهوريين والمظلوميين
من يتحدث من يشكوا من يقتص أولا
هذا الشهيد هذا من جاد بدمه وقتل مظلوما وحرمه الطغاة نعمة الحياة
وإلى جواره غرقى العبارات وضحايا الطرق يتسألون لما لم تحفظ حياتنا أين دمنا أين حقنا
القصاص القصاص
أه من آهات المرضى التى غطت جوانب المحكمة ممن عانوا السرطان والفشل الكلوى بفعل فسادالضمائر
أه ممن لم يجد دواء لدائه ولا رحمة ببلواه
ويصرخون جميعا أين حقوقنا أين من سممونا وأهدروا عافيتنا وأسرفوا فى إزائنا
القصاص القصاص
هناك من بعيد يظهر فى الصورة من ماتوا جوعا وهم يرون موائد اللئام مكتظة بأجاود الطعام وهم ينادون
القصاص القصاص
وهذا جاء يهرول من بعيد يريد عرض مظلمته
فقال
عبثوا بجسدى حىّ وإنتهكوا حرمتى وهتكوا عرضى فى أجهزة قمعهم ولما قتلونى سرقوا أعضائى فعبثوا بى حيا وميتا
القصاص القصاص
أماه تعالى تقدمى تكلمى لا تخافى فاليوم عدل وقصاص
تحكى الأم الثكلى مرراة الفراق للأحبة فلقد ضاع ضياء بصرها أسفا على ولدها
الذى إختطفته الخفافيش فى الظلام ولم يعد بعدها وكأن عينيها فقدت وظيفتها
فأظلمت حتى لا ترى قبح الفراعيين وجنودهم من جديد
أه إنهم ألاف بل ملاييين بل بلايين المظلوميين و الشكاوى
من محروم لعاطل ليتيم ضاع حقه
لطفل تربى على الأرصفة
لمسجون ظلما
لمقهور لمغبون
لثروات منهوبة
لنفايات مدفونة لإفساد الماء والهواء بل إفساد العقول والأذواق
الفرعون
بدأت ترتعد فرائسه وتجزع نفسه ويزداد خوفه وتتعلق عيناه بثعلبه ويصيح تكلم ضيعتنى الله يخرب بيتك ويرتد صدى الكلمة فى أذنيه
الله الله ما أكثر ما نسيتها فنسيت الحق وكنت اليوم منسيا نعم
الله هو الملك الحكم العدل قاضى المحكمة فى يوم الفصل
الثعلب
جف ريقه وزاد عطشة وإرتعدتت فرائسه وبدا المكان أضيق من ثقب إبرة
أين الفصاحة والبلاغة
أين المكر والمهارة
أين الأتباع والمريديين
الثعلب يحاول أن يستجمع شجاعته المهدرة
يحاول أن يحرك لسانه ولكنها محاولات عبثية
وفجأة
تحدث المفاجأة
ويخيم الصمت على المكان ويبدأ
القول الفصل الذى لا يجدى معه نكران أو تنصل
الحدث الأخطر والقنبلة المدوية
لسان الفرعون ينطق رغما عنه وبلا إرادة ويعترف بكل مخازيه
ولسان حال الفرعون يقول له تبا لك أهلكتنى
وتتوالى المفجآت وتتوالى الشهادات من الشهود
وما أدراك ما الشهود لا يشهدون الزور ولا يقبلون الرشى ولا يستمالوا ولا يميلوا فلا ينطقون إلا حقا ولا يقولون إلا صدقا
الأيدى والأرجل والأعين
كل ينطق بما إقترف
تبا لكم إصمتوا من أنطقكم
ياالله الأعضاء ترد وتنطق بالحق
أنطقنا الله الذى أنطق كل شىء
والفرعون وجنوده وثعلبه يصطرخون
ربنا فهمنا وبصرنا أرجعنا نعمل غير الذى كنا نعمل
كلا....كلا...هى كلمات وإن عدتم عدتم
.قضى الأمر
آن للمظلوم أن تهدأ نفسه وتقر عينه وتهنأ سريرته
قضى الأمر وصدر الحكم وجفت الأقلام
اليوم تجزى كل نفس بما كسبت
لا ظلم اليوم
دعاطف عتمان
ليست هناك تعليقات: