حوار اليوم مع الدكتور يوسف قدو الأستاذ في مقارنة الأديان بجامعة بغداد بوصفه الأكاديمي وبوصفه مسيحي عربي وصوت مميز له مواقف واضحة وإن خالفت التيار ، حاولت أن أسمع الصوت المسيحي العربي ، وكان للدكتور يوسف وجهة نظر أن يكون الحوار مع رجل دين مسيحي كما إستضفت رجل دين شيعي حتى لا يتم الإتهام أنني حاورت علماني .
وجهة نظر محترمة ولكني إختلفت معها لأسباب موضوعية أهمها أنني لا أكتب عملا تحقيقيا أو نقديا للعقائد والمذاهب ولا أسعى لنقل كلام رجال الدين الرسمي والذي أحملهم معظم المسئولية عما يحدث لنا .
أنا أكتب لأبحث عن الآخر وأسمع صوته من خلاله وليس من خلال وسيط ، أبحث عن المشتركات وكيفية تجاوز الإختلافات
أبحث عن أصوات من نوع فريد تفهم حقيقة الدين سواء كانت ممن يتزيون بزي رجال الدين أم لا .
أيها الأخر المختلف أين أنا منك ؟
أين أنت ؟
فأنت تسكنني وأرى نفسي من خلالك .
شكرا للدكتور يوسف قدو على قبوله حواري هذا وأحييه بتحية الإسلام
السلام عليكم
نتمنى حوار بطعم مختلف نسمع فيه منك وبكل وضوح وصراحة دون خطوط حمراء مالم يسمعه الكثيرين .
-----------------
د.عتمان :
من هو الدكتور يوسف قدو الإنسان والأكاديمي ؟
من هو الدكتور يوسف قدو الإنسان والأكاديمي ؟
د.قدو :
تحية إكرام وإجلال لك دكتور عاطف عتمان، منك السلام وإليك السلام، أيها الصديق الذي طالما كنت أتوق لصحبة نموذجه النادر.
تحية إكرام وإجلال لك دكتور عاطف عتمان، منك السلام وإليك السلام، أيها الصديق الذي طالما كنت أتوق لصحبة نموذجه النادر.
ــ أنا عراقي مسيحي من مواليد بغداد، الدورة، في سنة 1980، من أب عراقي وأم لبنانية، متزوج ورزقت بابنتين هما جيهان وسمر، درست في مدارس الجذب الجيد في بغداد، وأكملت دراستي الجامعية الأولية والعليا في بيروت، إذ اشتغلت على موضوعة
(الأثر السياسي في تمذهب الأديان- دراسة مقارنة بين الديانات الرئيسة الثلاث)
، وكان هذا الموضوع من نتاج مراسلاتي مع أستاذ نقد التراث العربي في جامعة بغداد البروفيسور حسام الدين الآلوسي، وبعد إكمال دراستي العليا عدت إلى بغداد وفي جامعتها العريقة.
-----
د.عتمان :
العقائد ليست محل تقريب وما يجوز تناوله داخل أروقة البحث لا يجوز التنابذ به أمام العامة فنخلق حالة من الصراع الكل فيها خاسر .
العقائد ليست محل تقريب وما يجوز تناوله داخل أروقة البحث لا يجوز التنابذ به أمام العامة فنخلق حالة من الصراع الكل فيها خاسر .
مع أننا شركاء أوطان مع المسيحيين إلا أننا نجهل الكثير عن المسيحية ، أريد أن نعرف المسيحية من خلالكم
ما هي العقيدة المسيحية وما هو جوهر الخلاف بين الكاثوليك والبروتستانت والأرثوذكس وغيرهم ؟
د.قدو :
الخلل يكمن في لغة التخاطب المتبعة من قبل الباحثين وليس في العقيدة.
يقال في فلسفة الجمال إنّ الرمز لغة الفن، فلو استعملنا هذه اللغة بلحاظ أثر الدين في نشأة الفن، لأمكننا أن نجعل من العقائد محلاً للتقريب، متخذين من التأويل منهجاً لتفسير العقيدة على طريقة ابن رشد، وبهذا سنرى الجميع يتسابق للبوح بنتائج بحوثه العقائدية، متجاوزين حالة الجذب والاستقطاب التي يدعو لها التمذهب على لسان اللاهوتيين والمتكلمين والسياسيين، فالخلل يكمن في لغة التخاطب المتبعة من قبل الباحثين وليس في العقيدة.
الخلل يكمن في لغة التخاطب المتبعة من قبل الباحثين وليس في العقيدة.
يقال في فلسفة الجمال إنّ الرمز لغة الفن، فلو استعملنا هذه اللغة بلحاظ أثر الدين في نشأة الفن، لأمكننا أن نجعل من العقائد محلاً للتقريب، متخذين من التأويل منهجاً لتفسير العقيدة على طريقة ابن رشد، وبهذا سنرى الجميع يتسابق للبوح بنتائج بحوثه العقائدية، متجاوزين حالة الجذب والاستقطاب التي يدعو لها التمذهب على لسان اللاهوتيين والمتكلمين والسياسيين، فالخلل يكمن في لغة التخاطب المتبعة من قبل الباحثين وليس في العقيدة.
ــ إنّ الذهنية العقائدية التقليدية كانت سبباً رئيساً في التقوقع الذي أصاب الديانات على السواء، فهذه الذهنية تعاني من أزمة ثقة بالنفس، بدلالة أنها تخشى الانفتاح على الآخر، فسمة الانغلاق التي تتسم بها هذه الذهنية المهزومة التي سادت المجتمع من حيث لا يشعر ولـّدت جهل الذات بالآخر، فأصبحت الذات فاقدة لأي سبب من أسباب التوجه نحو الآخر الذي أعتبره ضروري المعرفة، فهذه الذهنية أغلقت المذهب وأغلقت الدين وأغلقت الوطن أيضاً، حتى أنني أكاد أجزم- في الإسلام مثلاً- أنّ السني لا يدرك إلاّ قشور المذهب الشيعي، والشيعي لا يدرك إلاّ قشور المذهب السني، مع أنّ كلا المذهبين ينتمي إلى الدين نفسه وهو الإسلام، فما بالك والحال مع دين آخر كالمسيحية؟!
وربما البعض يخشى من فتح الإنجيل، أو يخشى حتى من لمس الصليب، كما هو حاصل مع بعض رجال ديننا الذين يخشون من (ألم) (ألف لام ميم) القرآن!
والطريف في الموضوع هو أنني هنا لا أتحدث عن جهل العامة، بل أتحدث عن جهل المختصين بالعقائد والمثقفين وأصحاب الشهادات العليا، بل وأتحدث عن العلماء أنفسهم.
العقيدة المسيحية هي امتداد للعقيدة الإبراهيمية في التوحيد
العقيدة المسيحية هي امتداد للعقيدة الإبراهيمية في التوحيد
العقيدة المسيحية هي امتداد للعقيدة الإبراهيمية في التوحيد، وهي تتمحور حول الكتاب المقدس واليسوع، وبداية الخلاف بين الطوائف المسيحية الرئيسة الثلاث خلاف فكري بحت، وهو خلاف مشروع، هو خلاف (التراث والتجديد)، خلاف (الانفتاح والانغلاق)، خلاف (النص والاجتهاد)، خلاف (القديم والجديد)، ودليلي على هذا هو أنّ كل طائفة قد ولدت من رحم الأخرى، فالكاثوليكية ولدت من رحم الأرثوذكسية، والبروتستانتية ولدت من رحم الكاثوليكية، ولكن الخلاف الفكري انجر إلى صراع غير مشروع حين دخلت السياسة على الخط ، فأفقد الصراع هذا التعدد الجمالية والمشروعية ، تماماً مثلما حصل في الإسلام كلامياً، حيث ولدت عقائد الشيخ واصل بن عطاء المعتزلي من رحم عقائد الشيخ الحسن البصري، ومن ثم ولدت عقائد الأشاعرة من رحم عقائد الاعتزال ، فهذا التوالد الفكري توالد مشروع وممدوح ، لكن تحول إلى خانة النقد والنقد اللاذع حين تدخلت الخلافة (السياسة) في وسط المتكلمين، وأصبحت تقرب هذا المتكلم على حساب هذا، ومن ثم جاء خليفة آخر قرب المبعد وأبعد المقرب، مع أنهار من الدماء، وكما يحصل الآن من احتراب طائفي دموي مقيت في العراق بين أبناء الدين الواحد من السنة والشيعة، مع أنّ أصل الخلاف بين هذين المذهبين الكبيرين هو خلاف عقائدي فكري، لكن حين تتدخل السياسة وتستغل الظرف العقائدي وتفعل فعلتها يحصل المحذور، هذا الذي حصل عندنا.
في الحلقة القادمة ...
باختصار من مفهوم أستاذ مقارنة الأديان ما هو مفهومك للمسيحية وما يميزها عن غيرها من ديانات ؟
ليست هناك تعليقات: