#أريام_أفكاري
كنت في زيارة مع أريامي لمسجد الإمام الحسين سبط رسول الله صل الله عليه وآله وصحبه ومن تبعهم باحسان وسلم تسليما كثيرا
ومع شرود أحد أريامي وتمتمتها أن الرحال لا تشد إلا للمساجد الثلاثة وهمهمة الأخرى أن رأس الحسين لم يثبت على سبيل القطع وجودها في الضريح
قلت :
يا أريامي أعلم أنه مسجد الصلاة فيه كسائر الصلوات في المساجد ولا فضل في الأجر إلا للصلاة في المساجد الثلاثة وثالثهم أسير وغريب وغربته ليست في إحتلاله من قبل بني صهيون بل غربته أنه أصبح غريب على القلوب
يا أريامي لم آت المسجد حاجا ولا معتمرا ولكن جئته معتبرا
وسواء كان رأس سيد الشهداء في الضريح أم لا فالحسين عندي ليس شخصا ولا جسدا فالشخص فالجنة بموعود جده المصطفى أما حسيني أنا فهي رسالته وما مات عليه ومن أجله ويكفي المسجد حمل اسم الحسين كرمز لإستحضار سيرته
في الخارج على جوانب الرصيف نيام في غفلة حتى عن نداء مسجد الحسين يدعون تصوفا وهم في خمور الغفلة غارقون وبمظاهر العصيان يبارزون وأي غفلة بعد الصمم عن حي الفلاح فالصوفي الحق لا يسكر إلا بخمر المعرفة ولا يفنى إلا الفناء عن نفسه فيه .
نيام بل قل أموات لا يفقهون للجمال مخاصمون وللطهارة معاندون وعن الصفوف غائبون وعن نهج الحسين منصرفون وبمحبة الآل يدعون وعن رب السموات معرضون
وارتبكت أريامي من المشهد فهل هؤلاء فعلا محبون وهل هذا هو الوجد وكيف وهم عن شهود الموجود غائبون ؟؟؟
هناك بجوار مدخل الضريح الخارجي يافطة تحمل المعنى والمعاني
فيها يجتمع ذكر الصديق والفاروق وذي النورين بأبي الحسنين لتعلن أسمى المعاني وهو إجتماع أهل السبق والفضل وأهل التضحية والفداء من شهود البيعات وبدر وممن رضي الله عنهم ورضوا عنه
أهل الرسالة الواحدة والدين الواحد وهنا رأيت مصر بعشقها لآل البيت والصحب من النجوم التي دارت في فلك رسالة قمر بني هاشم وسراج البشرية في وسطية لا تعرف الإفراط ولا التفريط
وحول المسجد القاهرة التاريخية عصية على القهر مع كل الجراح النازفة تحمل أنينها في طيات القلب وتبتسم في وجه مريديها ولا تنفصل المعاني التاريخية والتراثية حول الحسين عن المسجد
فالحسين مرتبط وجدانيا بالقاهرة القديمة وبأسواقه ومقاهيه ومطاعمه ورواده من أنحاء العالم الإسلامي خاصة والعالم عامة
فتواجد الأجانب والمسلمين من اندونيسيا لكينيا للسنغال ومن العرب للأفارقة تتعانق أكتافهم ويعقبه الإبتسامة في أزقة الحسين هي رسالة حب وتعايش وكرم ضيافة
رسالة تعارف وتعايش ومحبة للآخر من رحاب مسجد مولانا الحسين .
دخلت مسجد الإمام الحسين مع آذان الظهر وشعرت بروحانية غريبة لست أدري هل بسبب المكان أم الزمان أم إسم من ينسب إليه المكان وللحسنين والسيدة زينب والسيدة نفيسة وباقي السادة في القلوب حنين حتى لو كان لا يربطهم بالمكان إلا الأسماء
وبعد الصلاة حان وقت دخول المقام الذي يظن بوجود رأس سيد الشهداء فيه وتشتد حالة الصراع بين أريامي وتشرد أحداها وترفض الدخول رفضا للنذور ومسح القبور والظن بنفع أو ضر من في القبور
وتطاوعني باقي أريامي وندخل الضريح مسلمين على صاحبه ومصلين على النبي وآل بيته الطيبين
وتركت الحرية لأريامي في التجول في الضريح يعيشون مع كل زائر على حده فما بين من جاء مثقل بالهموم ومن أعجزته الديون ومن ضاقت نفسه عليه ومن هو من البنين محروم ومن جاء وفاء بالنذور ومن جاء لا يطلب حاجة بل طلبه العشق للقاء بفيض من نور المحبوب
ألوان شتى وأجناس عديدة لا أظنهم يهتمون بتفاصيل المتكلمين ولا أظنهم بما يعتقد أنه شرك يتعمدون
بل أظنهم بفضل صاحب المقام وطهارة نسبه يتوسلون لرب البرية أن يفرج الكروب .
هم في دنيا وأنا في دنيا أخرى فلم تشغلني أخذ البركة من حدود الضريح ولا التمسح بجدران المقام وحتى رائحة المسك التي غمر المكان لم يعد في أنفي متسع لتشمها فقد كنت هناك حيث الحسن والحسين على ظهر جدهمها المصطفى وتمر الأيام وأرى حسينا يرفض التواكل والظلم والجور ولا يركن لنسبه ولا لفضله يخرج طلبا للإصلاح ولإستعادة جوهر الدين وحقيقة الرسالة
ويخذله المتخاذلون بعد أن قطعوا العهود وبعد مقتله عليه يتباكون ويلطمون الخدود ويشقون الجيوب وما لطم الحسين ولا شق الجيوب
أرى حسينا ما سفك دما حراما وحاول جاهدا تجنب إراقة الدماء ولكن الظالمين كانوا يدركون أن صوت الحسين لن يترك عروشهم تستقر فقتلوه أسدا شامخا يزأر بالحق .
كان الزوار يشمون رائحة المقام وكنت أشم رائحة دماء الحسين الذي خرج بنفسه وسيفه وصبر وسط قسوة الخيانة والغدر ولم يهرب لضريح جده ليستغيث به أن يرسل الله الطير الأبابيل لأن حسين يدرك حقيقة دعوة جده فلم يكن رضي الله عنه متواكلا ولا متزهدا ولا مبتدعا ولا مفرقا بل كان رسالة عدل وحب وتسامح
وأيقظتني أحد أريامي بسؤال لم أجد له جواب
ماذا لو حضرت كربلاء هل ستكون مع الخائفين أم مع الغادرين أم تنحاز لجيش السبعين وماذا عن هؤلاء الزوار والمحبين هل حالهم حال المعاهدين فإن اشتد البلاء كانوا من الهاربين ؟؟
سؤال ما أصبعه وأمره وليس له عندي من جواب .
ليست هناك تعليقات: