مساحة إعلانية

سألته عن مصحف فاطمة وعن نقصان القرآن فأجاب ...جزء من حواري مع سماحة العلامة السيد علي الأمين

عاطف عبدالعزيز عتمان نوفمبر 13, 2014


 أجرى الحوار الكاتب والإعلامي د.عاطف عتمان 

من حواري مع سماحة العلامة المفتي السيد على الامين
سألته

-هناك مصطلحات لا نفهمها جيدا وتمثل لنا غرابة ويراها البعض طعنا في ثوابت العقيدة السنية على الأقل ، منها عصمة الأئمة ، الولاية التكوينية ، الإمام الغائب ، مصحف فاطمة ، عدم تمام القرآن ، أحقية أمير المؤمنين علي بالرسالة وخطأ الوحي بنزولها على النبي صل الله عليه وسلم ، ما حقيقة تلك الأمور في المذهب الإثناعشري وما موقف سماحتكم منها ؟
ج١٢- لا يوجد اختلاف بين السنّة والشيعة على أصول الإعتقاد التي يندرجون بها في جماعة المسلمين، فهم سنّة وشيعة وعلى اختلاف مذاهبهم لله وحده يعبدون، وبرسوله يؤمنون ، وفي صلواتهم الخمس لقوله تعالى في كتابه(إياك نعبد وإياك نستعين) يقرؤون، وإلى بيت الله يحجّون، وفيه يجتمعون، وشهر الصيام يؤدّون، وللزكاة هم فاعلون، وهم جميعاً بالآخرة يوقنون، وهذا هو الإسلام في أصوله وفروعه المتفق عليها بين علماء الإسلام كما جاء في الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام:
" الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا ".

-القرآن واحد عند كل المسلمين
وما عدا ما تقدم من تلك الأركان المتفق عليها بين المسلمين وإن وقعت فيهرالإختلافات ولكنها لا تضر في صدق الإنتماء للإسلام، وهناك بعض من أقاويل تصب في الشائعات التي قد يطلقها البعض دون تدبر لزرع الفرقة بين المسلمين، فالقرآن الكريم هو كتاب الله الذي أوحى به الله إلى رسوله محمد عليه الصلاة والسلام، وهو حق من الحق لا يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه، وعلي بن أبي طالب كان يصف رسول الله بأنه أمين وحي الله، وخاتم رسله وبشير رحمته ونذير نقمته.
وليس عند المسلمين على اختلاف مذاهبهم نسخة أخرى عن القرآن الكريم غير الموجود بين أيديهم في مساجدهم ومدارسهم وبيوتهم وفي حاضرهم وماضيهم، وإن كان هناك من قائل فيما مضى بالنقصان فهو قول شاذ ومهجور ومعلوم البطلان، ولا يعبر بذلك إلا عن نفسه وفساد رأيه واختلال منهجه وليس عن عموم مذهبه،لأنه قول مخالف لإجماع الأمّة بكل مذاهبها في شتّى الأمصار ومختلف الأعصار.
-مصحف فاطمة
وما يقال عن وجود مصحف لفاطمة عليها السلام فهو مما لم أعثر على نسخة منه ولا هو موجود بين أيدينا ولم نقرأه في حوزاتنا العلمية ومدارسنا الدينية ولم نجد فيها من مصاحف غير القرآن الكريم المنتشر في كل بيوتنا وأماكن عبادتنا وهو المعروف والمسمى بمصحف عثمان برواية حفص عن عاصم وهو المطبوع مراراً في المملكة العربية السعودية والمنشور في كل البلاد الاسلامية، وهناك مؤلفات عديدة في تفسير القرآن الكريم لعلماء كثر من المسلمين الشيعة منذ مئات السنين ليس في آياته زيادة أو نقصان عن النسخ الحالية للقرآن الكريم،ولا يوجد لديهم تفسير واحد لمصحف فاطمة الذي قد يكون المقصود منه الأدعية والأوراد والأذكار التي كانت تقوم بها في عباداتها، ولعل منشأ الدعايات في الماضي كان من قلّة الإطلاع الذي يعود لأسباب مختلفة كانت تمنع من حصول التواصل العلمي بين مختلف الأطراف·
-الولاية التكوينية
وأما الولاية التكوينية فيقصد بها إعطاء السلطة على الكون من الله تعالى للأئمة، وهي ليست من أصول العقائد،وثبوت هذا النحو من الولاية للأئمة من المسائل التي لم يتعرض لها معظم علماء الشيعة، وإذا ذهب إلى هذا الرأي بعض العلماء فهو رأي ينسب إليه وحده، لأن هذه المسألة حديثة وغير إجماعية فلا تصح نسبتها إلى المذهب الشيعي باعتبار أن باب الاجتهاد مفتوح وكل مجتهد هو الذي يتحمل مسؤولية الرأي الذي توصل إليه، لأن اجتهاد شخص لا يكون حجة على اجتهاد شخص آخر.
والمأثور عن أئمتنا أنهم كانوا لا يرون هذه الأوصاف لأنفسهم، وكانوا يقولون :اللهم إنا عبيدك وأبناء عبيدك لا نملك لأنفسنا نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، اللهم من زعم أنا أرباب فنحن منه براء، ومن زعم أن إلينا الخلق وعلينا الرزق، فنحن براء منه كبراءة عيسى بن مريم عليه السلام من النصارى، اللهم انا لم ندعهم إلى ما يزعمون، فلا تؤاخذنا بما يقولون، واغفر لنا ما يدعون ولا تدع على الأرض منهم ديارا إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا ".
عن الإمام الرضا(ع).

-وعن الإمام جعفر الصادق(ع)
(وما نحن إلا عبيد الذي خلقنا،والله ما لنا على الله حجّة،ولا معنا من الله براءة،وإنا لميّتون وموقوفون ومسؤولون.

وقال الإمام جعفر الصادق(ع):
يا عجبا لأقوام يزعمون أنا نعلم الغيب! ما يعلم الغيب إلا الله عز وجل...

وروي أيضاً عن الإمام الصادق عليه السلام قوله محذرا الشيعة من الوقوع في حبائل أهل الغلوّ:
" لا تقبلوا علينا حديثا إلا ما وافق القرآن والسنة، أو تجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدمة، فإن المغيرة بن سعيد لعنه الله دس في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدث بها أبي، فاتقوا الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا تعالى وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وآله ".

وقد كان الإمام زين العابدين معلقاً بأستار الكعبة يبكي ويستغفر الله فقال له بعض من رآه أنت ابن رسول الله وتفعل ذلك!
فقال أما قرأت قول الله تعالى:{ فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذٍ} وقوله تعالى:{ وقفوهم إنهم مسؤولون}· والصحيفة السجادية المروية عن الإمام زين العابدين شاهدة على نظرة العبودية الخالصة لله تعالى وأنهم ليسوا فوق مستوى البشر·
وقد أكرمهم الله تعالى بالقربى من رسول الله وحكمها المودة كما في قوله تعالى: {قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى}.

- العصمة
- إنّ العصمة التي نؤمن بها لرسول الله (ص) هي بمعنى عدم صدور الذّنب منه بالإرادة والإختيار فإنّه لا معنى مقبول لرسول أو نبيّ يرتكب شيئاً هو قد نهى النّاس عنه!.
هذا على مستوى تطبيق أحكام الشّريعة على نفسه وأمّا على مستوى الإدارة والحكم فهو كسائر البشر قد يأخذ بخبر صحيحٍ في ظاهره ينكشف له خطأه فيما بعد، أو يعتمد في شؤون الإدارة على شخصٍ ينكشف له عدم أهليته للمسؤولية بعد ذلك .
وأما العصمة من الخطأ و النسيان في تبليغ الرّسالة فهي منحة من الله تعالى له أداءاً للرّسالة وإتماماً لها وهذا من مقتضيات بعث الرّسل والأنبياء لأنّ الله لا يرسل رسالةً مع من لا يوصلها تامّة لعباده وإلاّ كان ناقضاً لغرضه تاركاً لهدفه، وهذه العصمة في الأنبياء مقترنة بالوحي الإلهي.

وأمّا عصمة الأئمّة فهي بمعنى عدم تعمّدهم للخطأ في النّقل عن رسول الله ، فهم الصّادقون الّذين لا يكذبون وهي عصمة ليست مقترنة بالوحي لاختصاص الوحي بالرّسل والأنبياء بل هي عصمة تسديد كما في قوله تعالى
( والّذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وأن الله لمع المحسنين) .
وأمّا العصمة من الذّنب فهي كما أسلفنا بمعنى عدم صدور الذّنب منهم بالإرادة والإختيار وهي تأتي بالكسب والمجاهدة وتوطين النفس على الطّاعة لله والإنقياد له،وكذلك الكلام في صحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام ورضي عنهم ، فإن عنوان الصحابي لا يعطي براءة لحامله بل يحتاج ذلك إلى العمل الصالح كما قال الله تعالى (والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر )
وقد وعد الله الصالحين منهم جنّات تجري من تحتها الأنهار .
وقد جاء في بعض الأخبار أن رسول الله (ص) رفض قتل المنافق ابن أبيّ حتّى لا يقال أن محمّداً يقتل أصحابه . وهذا معناه أن عنوان الصحابي ينطبق على من خالف رسول الله (ص) قبل الفتح وعلى من حاربه وأسلم بعد ذلك فإن الإسلام يشمل كل من شهد الشهادتين والحساب عند الله سبحانه وتعالى.

وعلى كل حال فإن مانفهمه من الشريعة السمحاء أن الميزان في فضل الإنسان هو عمله وليس نسبه أو عرقه ولذا نقول بأن القرابة من رسول الله والصحبة له عليه الصلاة والسلام وإن كانتا من الشرف العظيم ولكنهما لا تعطيان لحاملهما امتيازاً في عصمة أو عدالة بمعزل عن العمل .

- الإمام المهدي الغائب
إن الخلاف حول الإمام المهدي بين الشيعة الإمامية وبين غيرهم من المسلمين المؤمنين به هو خلاف في حصول ولادته وعدمها وليس في أصل فكرة الإمام المهدي وخروجه وليس في دوره المنوط به تحقيقه في آخر الزمان . فقد روى الترمذي في صحيحه: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث الله فيه رجلاً من أهل بيتي يواطئ إسمه إسمي.
وروى الإمام أحمد في مسنده أنه قال: لا تنقضي الأيام ولا يذهب الدهر حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ إسمه إسمي. وروى هذا المعنى غيرهما أيضاً،وقال الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى:( والأحاديث الواردة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون حديثاً، فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر، وهي متواترة بلا شك ولا شبهة...).
ولا أرى في اعتقاد طائفة من المسلمين بالغياب سبباً للفرقة والإنقسام ما دامت الإمامة ليست أصلا من أصول الدّين وليست ركناً من الأركان الّتي أجمع عليها المسلمون فلا يحكم بكفر المخالف لها وغير المعتقد بها وهي لا تسيء إلى معتقدات الآخرين لأنّها لا توجب هذا الإعتقاد على من لم يقم لديه الدّليل عليها ولا تضرّ بالقواسم المشتركة التي يصير الإنسان المعتقد بها مسلماً وهي التّوحيد و النبوّة واليوم الآخر.
وقد عاش المسلمون مع النّصارى في بداية الدّعوة ولا يزالون في بلادٍ عديدة مع اختلاف عقيدتهم في السيّد المسيح عليه وعلى نبيّنا أفضل الصّلاة والسّلام،والنّصارى يعتقدون بالمجيء الثّاني للسيّد المسيح عليه السّلام وكثير من المسلمين يؤمنون بالخضر الحيّ صاحب النّبيّ موسى عليهما السّلام.وقد حدّثنا القرآن الكريم عن العمر الطويل الذي عاشه النبي نوح عليه السلام
(ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلاّ خمسين عاماً) وفي بعض الروايات أن المذكور في الآية المباركة هو عمر نبوّته وأمّا عمره منذ ولادته فقد كان أطول من ذلك بكثير. وعلى كل حال فإن طول الحياة ليس بالأمر المستحيل عقلاً خصوصاً بعد وقوعه وورود النقل به .
والمهم أن لا ينشأ من المعتقد سلوك يتنافى مع أصول الشريعة التي ينتمي إليها، وأن لا يسيء إلى معتقدات الآخرين وإلى حسن العلاقة معهم فإنّ هناك قضايا سوف تبقى محلّ خلافٍ بين البشر أمرنا الله بتجاوزها وبعدم إفساد العلاقات بيننا على أساسها كما قال سبحانه وتعالى:

( ... فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعاً فينبّئكم بما كنتم فيه تختلفون)
فالدّين ليس طقوساً مجرّدة عن بُعدها الإنساني في علاقات المجتمع بعضه مع البعض الآخر ولذلك ورد أنّ ( الدّين المعاملة ) في مضامين الأحاديث العديدة.
وقال الشّاعر :
ما دمتَ محترماً حقّي فأنت أخي **** آمنت بالله أم آمنت بالحجرِ.
ومما تقدم من روايات صحيحة ومتواترة في خروج الإمام المهدي في آخر الزمان ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً يظهر لنا أنه لا خلاف يستحق الوقوف عنده في هذه القضية التي يجب أن تكون من عوامل التوافق والتقارب وليست من مسائل الخلاف والتباعد.
ولا يصح لدى العقول بعد الإيمان بأصل خروج الإمام المهدي وبالدور الذي يقوم به أن نختلف على الإسم تارة وعلى حياته ومقدار عمره أخرى وعلى مشاهدته ثالثة!
فإن هذه الأمور لا علاقة لها بالمضمون الذي نؤمن به ونعتقده ، ولا فائدة تذكر من الإختلاف عليها!
فنحن نعتقد استمرار حياة كثير من المخلوقات كالملائكة وغيرها دون أن نشاهدها ، وإذا رزقنا الله تعالى البقاء إلى زمان ظهوره ومنّ علينا برؤيته والإنضواء تحت رايته يمكننا أن نسأله عن مقدار عمره وزمن ولادته وعن إسمه واسم أبيه رغم معرفتنا بجملة من ألقابه وأوصافه .

وأما الحديث عن علامات ظهور الإمام المهدي فلا نرى فيه كبير فائدة خصوصاً وأن أكثر الأخبار التي تتحدث عنها ضعيفة السند وصحة مثل هذه الأخبار التي تتحدث عن الوقائع ترتبط بحدوث مضمونها وليس للإمام المهدي وكلاء بيننا باسمه ينطقون .هذا مضافاً إلى أن تلك الأخبار لا تغير شيئاً من التكاليف الملقاة علينا في إقامة الفرائض والعبادات وفي سعينا لتحقيق العدل في مجتمعاتنا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والعمل على ما فيه خير البلاد ومصلحة العباد بالدعوة إلى وحدة كلمتهم وإبعاد الفتن عن صفوفهم فإن كل هذه الأمور من الأهداف التي نؤمن بأن الإمام المهدي يعمل لتحقيقها في دولة العدل الإلهي فهو يخرج في الأرض ليملأها قسطاً وعدلاً ولا يحصل ذلك بالسعي لإشاعة الفرقة والبغضاء والفتن العمياء فإن طلب العدل لا يستقيم بالظلم ولا يقوم،والحكم مع الجور لا يدوم ولا يرضى به الحيّ القيّوم ! فمن ينتظر العدل الشامل لا يمكنه إلا أن يكون ساعياً لتحقيق العدل في مجتمعه ووطنه ومحيطه!.
قالوا الظهور متى يا قومُ موعدهُ / قلْ عند ربّي، لديه العلم والخبرُ
والحكم فيه إلى الرحمن مرجعهُ / يقضي بما شاء لا ما شاءه البشرُ
مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام