حكاية مصرى ..متوفرة بأكشاك ومقار جريدة الجمهورية
إسم الكتاب ..حكاية مصرى
النوع...رواية
المؤلف ..د.عاطف عبدالعزيز عتمان
المقدمة ..الأديبة والشاعرة أميرة الرويقى
الناشر...دار الجندى للطبع والنشر
الطبعة الأولى ...يونيو 2013
في
القصر العيني
فى القصر العيني بدأت رحلة طويلة استمرت ستة سنوات
حفظ مصري فيها ملامح المستشفى الجديد الفرنساوي
والقديم ومباني الكلية وحفظ ملامح وجوه المرضى من النوبة في أقصى الجنوب
حتى مطروح وسيناء .
فرأى مصر بكل ملامحها في القصر العيني ولكنه للأسف
رأى مصر المريضة التي تعانى الأمراض التى تنهش فى أجسادها .
وضعف الإمكانيات والفساد والتجارة حتى بآلامها ...
وهنا كورنيش
النيل المحيط بالمنطقة فكم تحاور مصري مع
أسود كوبري قصر النيل وبثها همومه وشكي إليها قسوة المصريين على مصر .....
دخل مصري الجامعة الكبرى جامعة القاهرة ..
لم تكن تلك الجامعة التي خرجت القامات الفكرية والتي
تربى فيها الوطنيون والمناضلون ..وكانت حاضنة الحركة الوطنية
فالعمل السياسي محظور وأمن الدولة تدير الجامعة من أمن البوابات حتى
رئيس الجامعة ....
ولا توجد حركات سياسية فاعلة على الساحة سوى التيارات
الإسلامية ....
بحث مصري عن الناصريين فلم يجدهم إلا فرد مؤمن
بالفكرة هنا أو هناك والحزب العربي الناصري غارق فى صراعاته وإختراقاته من قبل أمن
النظام ...
بحث مصري عن
الليبرالية الوطنية فلم يجد لها وجود فاعل ونظر للوفد التاريخي فوجده جثه هامدة
وخاصة بعد فؤاد سراج الدين رحمه الله ..
وربطت الذاكرة بين فؤاد سراج الدين وزير الداخلية الذي
جابه العدوان وأسس ليوم مجيد فى تاريخ الشرطة المصرية وتم إتخاذه عيدا وبين غيره
الذين حولوا الشرطة من حامى للوطن من الداخل إلى رصاص وسياط موجهه لصدر الوطن
لحماية النظام .
هنا التجمع أصبح يدار من لاظوغلي ولا هم له سوى صراعه
مع الإسلاميين..
والإسلاميين منقسمين وتصل الحالة بينهم أحيانا إلى حد
الكراهية
فكل طيف يظن نفسه الإسلام ويعتقد أنه الحقيقة المطلقة
ويسيطر عليه التعصب الذي عادة ما يعمى البصائر ويغطى على الحقائق وجال طيف الأستاذ أشرف والشيخ إسماعيل فى خيال مصري
.
..حاول مصري إشباع رغبته الأدبية وممارسة النقد الخفيف لمحاولة
تصحيح وإنقاذ ما يمكن إنقاذه
وشارك فى مجلة الحائط وحاول أن يكون صوت المواطن
الدرجة الثالثة....
ويوصل صرخاته وهمساته
ويبدو أن صوته الضعيف كان مصدر إزعاج مع ضعفه وخفوته
وهذا إن دل فإنما يدل على
هشاشة مملكة الفساد مهما بدت متماسكة وقوية .
تلك المملكة العنكبوتية والتى قد تنتشر وتملأ الأركان وتبدو ضخمة
مترامية الأطراف ..وتعتمد على الخداع فى رسم صورة مرعبة عن حجمها وقوتها .
خداع بصري وفكري فهي قائمة بالأساس على الخداع ..
لأنه لو زال عنها القناع وتم كشف حقيقتها فستهدم ذاتيا قبل أن تمتد إليها أياد طاهرة
لتنظف منها الوطن ..
تم تمزيق قلب مصري عندما قام عميد الكلية بتمزيق مجلة
الحائط لوجود موضوع يشير لسوء حالة المستشفى وسوء الخدمة والفساد المستشري من
الأعماق حتى الأطراف ....
صرخ العميد فى وجه مصري ...ما هذا الهراء
أسلوب تهييج وتدمير لا ترون غير النصف الفارغ من
الكوب ...
مصري ...
حضرتك ده الواقع يا دكتور
العميد ..
أى واقع تقول ..ألم تنظر للمبنى الجديد وكم تكلف من
الملايين ..
ألم تلاحظ الرخام والسيراميك ..ألا ترى المواليد وغول
السكان العنيد الذي يلتهم كل إمكانياتنا
مصري ...
وحضرتك ألم ترى المرضى والمصابين والصيدلية الخاوية
إلا من الأسبرين ..والإسراف والنفقات بلا حساب إلا على المرضى المعذبين ..
العميد ...
بلاش فلسفة فارغة وتصيد للأخطاء وده تحذير وبعده يكون
العقاب
مصري ...
يا دكتور ده رأى وتسليط للأضواء يمكن يكون فيه مفتح
وسط العميان ..
العميد ....
خلص الكلام و إنتهى وده الإنذار الأخير
إعتزل مصري العمل داخل الجامعة لفترة وإكتفى بالدراسة
وأصيب بحالة من الإحباط من إمكانية الإصلاح ..فالصورة تبدو قاتمة..
ظل يتابع من بعيد ويرصد التحركات والكلمات ويعتبر
راحته النفسية إن أسعفته قدرته على تقديم يد العون لمحتاج ..
وشعور الغربة يحرك وجدانه
غريب أنا وهذى حالي....
العيب فىّ أم أعيب على الزمان....
أهذا طبعي أم عهد الليالي...
عجيب ....
غريب......
أمري وحالي ...
وحدة .......غربة ..
لوعة .....وإشتياق..
بين جحافل الأهل والخلاّن...
مرت السنوات ومن خلفها الأيام...
ضاعت اللحظات وتاهت الأحلام...
وظلّت الكوابيس تكتم الأنفاس...
والغربة تأسرني...
تعذبني ...و تحبسني...
فى سجون الذكريات..
والسجّان ينهرني...
والقيد يدميني....
والسجن بئر عميق...
وأنا فى العمق السحيق أنادى...
صوتي محبوس وأنيني وآهاتي...
سلاسل الغدر تثقلني ...
بهموم وغموم كالجبال.....
من أنا؟
ولما هنا؟
ومن الجانى؟
غريب
أنا..أسير هنا
وجال بخاطري غدر الأحبة...
وطول الليالي الخوالي...
وأسكت الصوت الظلام...
وصرخ القلب ينادى ...
من للأسير فى الظلمات....
من للسجين يخلصه من الكربات....
هل من فارس يفك القيد....
فالقيد أدماني وأبكاني.....
أم إنني فى زمان عزّ فيه الفرسان....
بكيت التاريخ وهمّنى الآتي..
ونظرت حالي فى بئري وأنّاتى....
قلبي رأى البدر فى الظلمات....
فنادى بدقاته على الحبيبة ...
وأكثر من الآهات...
آه من حب مليء الفؤاد والهوى...
آه من لوعة قلب أدماه الجوى ....
آه من خيال طاف بالهوى فهوى...
أه من فراق طال فزاد الحنين وأرق ...
آه من حلم جميل أرق المضاجع وأسهرا...
أه من بئر هوى فيه القلب وما نجا....
آه من بكاء الليل الحزين...
آه من أنين الفجر الجريح من الهوى...
آه من شوقي لنور الصباح...
ونسمة الفجر العليل..
آه من الآهات..
غريب
أنا...أسير هنا
مرت سحائب الذكريات...
سحائب رعدية...
وسحائب برقية....
سحائب صيفية....
وأخرى شتوية ....
هيا أمطري ...
أمطري حبا وشوقا..
أمطري سلوى من البلوى...
أمطري .....
حتى تذوب القيود..
وتداوى بعذب فيضك الجروح
أمطري..
حتى وإن كنت صيفية ...
وبفيض مائك طهري وإغسلى..
وبعذب فيضك أروى وأنبتي...
لوّنى الصخور باللون الأخضر...
وأنبتي الأمل من جديد...
وأحيي الغد وأيقظى الوفاء...
وأنبتي الصداقة والأخوة من جديد....
فقد غدت غثاء أحوى من بعيد...
أيقظى الحب...
فى القلب العليل ...
وأحيى المشاعر..
بعد الغياب..
أمطري وأمطري...
حتى وإن كنت سحائب صيفية....
غريب أنا..أسير هنا..
مرت السنوات ومصري مشغول بدراسته ويحاول أن يحلق بين
مختلف الإتجاهات والأفكار وينظر أقصى اليمين ويلتفت أقصى اليسار باحثا عن المحبوبة
...
ونظره هائم بين الوجوه يقلب فيها بحثا عن مصرية ..!!!
فى هذه الفترة وبفضل العقلية العلمية المنظمة التي
بدأ يكتسبها مصري بحكم دراسته العلمية
بدأ مصري يغوص فى التجارب الفكرية وحاول أن يفهم بعض
الإشكاليات المعقدة كعلاقة الليبرالية بالإسلام ..ولماذا يوجد صراع واضح بين
القوميين والإسلاميين تارة
وبين الليبراليين والإسلاميين تارة أخرى وبين الإسلاميين أنفسهم فى أحيانا كثيرة ...
فى هذه الفترة تعرف مصري على الدكتور نور الدين أستاذ
علم الإجتماع بكلية الآداب والذي تعرف عليه فى ندوة وصارت بينهما صداقة
الدكتور نور الدين الذي حصل على الدكتوراه من جامعة السور
بون فى فرنسا وعاش المدنية فى مهدها وتشرب الحرية من نبعها ...
والمفارقة التى جمعت بينه وبين مصري أن الدكتور نور الدين نهل من فيض كتاب القرية كمصري
..وتشرب بالحضارة العربية وثقافاتها فأصوله تمتد لقرية مصرية ...
نور الدين الخمسينى العمر الأبيض الشعر صاحب الوجه
المستدير
والابتسامة الصافية والهدوء والعمق فى التفكير
وجه نور الدين كان يشع نور بسبب بشرته البيضاء ربما
..وربما يكون بسبب نقاء سريرة تلك الشخصية
وكفاءته فى مجال عمله ومصريته الصادقة..
نور الدين يميزه أنه يحيى كإنسان ولا يصطنع تلك
الهالة التي تصبغ ورعا أو مثالية زائفة ولا يدعى إمتلاكه للحقيقة ...
يعلم أن الإنسان سيظل إنسان يدور فى فلك إنسانيته
المكونة من الطين وما يمثله من مادية جافة ..
وروح وما تمثله من سمو و علو ..
يدور فى فلك ما بين الشياطين والملائكة ..
كلما غلبته شهواته وطينيته وتحكمت فيه وساقته إقترب
من الشيطان ..
وكلما سمت روحه وتحكم فى رغباته وغلّب مبادئ الحق
والعدل والخير كلما إقترب من الملائكية ولكنه لن يصبح ملاكا ولن يصير شيطانا
الدكتور نور الدين يحلم حلم يقظة وهو أن يرى القاهرة
فى ثوب باريسي فى الحضارة والمدنية والتقدم ويراها فى ثوب المدينة المنورة فى
الروحانية والحب والقيم ..
أن يرى جسد القاهرة باريس وروحها المدينة المنورة ...
كانت ندوة شيقة بقيادة الدكتور نور الدين جمعت من
يمثل الفكر الإخوانى وأخر سلفي ويوجد أيضا والقومي الليبرالي ...
وكان موضوع النقاش عن الحقيقة ..من يملكها ؟
وعن المستقبل من يستشرفه...؟
وعن الأمل والحلم فى عيون الجميع .
الدكتور نور الدين يعطى الكلمة للإخوانى .
الإخوانى ..
الحقيقة فى الإسلام ..والمستقبل فى نور الرحمن
والدستور هو القرآن ..والطريق هو الجهاد
والأمل فى الوحدة ودولة السلطان ...وبداية الحلم
من القدس وللقدس ...
هنا نرضى الرحمن ونسعد فى الدنيا ونبلغ أعالي الجنان
..
مصري ...
داعبت مشاعره الكلمات وتخيل ما كان فى رحلته مع
الإخوان ..وظل يتابع الحوار
الدكتور نو الدين ...
صدقت حروفك وأشعت على المكان روحانية .
ولكن هل يختلف صديقي السلفي مع ما قلت ...
السلفي ..
الحقيقة هناك فى خير القرون ومع خير البشر بعد رسول
الله ..
يردد الجميع بما فيهم المسيحي ..صل الله عليه وسلم
يكمل السلفي ...
الحقيقة فى الإتباع والبعد عن الإبتداع وفى فهم الصحب والأتباع فهم النبع الصافي ولا
فهم بعد فهمهم ولا قول يعلو قولهم..
القرآن والسنة بفهم سلف الأمة ..
سياستنا شرعية على الشورى نبنيها ولإقامة العدل
ولتعبيد الأرض لرب الأرض نبتغيها
الإخوانى مقاطعا ..
عقولنا لا يمكن أن نلغيها والإسلام صالح لكل مكان
وزمان والمجددين على رأس القرون يضيئون الدجى ..
الدكتور نور الدين ..
رجاء عدم المقاطعة وترك الجميع ليعبر عن كامل رأيه
السلفي متابعا ...
لا خلاف على الجهاد ولا تحرير القدس ولا دولة الخلافة
السلفية ..
ولكن الطريق من هنا من النفس البشرية ..والبداية
تصحيح للعقيدة المنسية
وإتباع السلف خير البرية ..والحلم شهادة وفى الجنة
حورية وحورية ...
الشريعة وتطبيقها هو حلم البشرية ...
مصري يضم
كلامات السلفي مع الإخوانى ويحاول التمييز بينهما والربط بين المشتركات ...
الدكتور نور الدين ..
تحياتى لما قلت ولكن ألاحظ أمور
منها وجود التباين فنحن نتكلم عن مدرستين أو بالأحرى فهمين بشريين يتقاربان ويتباعدان وإن كان النبع واحد ..
والشورى وإحقاق العدل ومفهوم الجهاد قيم لا يمكن أن
تكون خلافية ولكن الشيطان يكمن فى الآلية
ولم يقدم أي منكما آلية لإنزالها على الواقع ..
فليتفضل رمز القومية ..
القومي ...
لا خلاف على الإسلام
وربما يكون الإختلاف فى الأفهام ..
الحقيقة هناك فى الوحدة العربية وإزالة الحدود
الجغرافية وإقامة الدولة القومية ..
مسجدها بجوار كنيستها ..يعدا للحلم ..للتحرير
تحرير الأقصى وتطهير الكنيسة ...
شعبها واحد من نيلها وفراتها يشرب الجميع ومن سودنها اللحم الوفير ومن مصرها القلب ينبض
بالدماء فيغذى الشرايين ..تحفظ للأمة كرامتها
وترفع رايتها ..
دستورها قومي
بثوب عربي وكان النبي عربي ..
تحترم القرآن
وتراعى الإنجيل
السلفي والإخوانى يقاطعان والليبرالي علامات غير
الرضا تطل من وجهه
ومصري يتابع الوجوه ويتذكر جلال والصورة التى كسبها فى النيشان وحلم جمال
الدكتور نور الدين نقطة نظام ..
من فضلكم فلنتعلم كيف نستمع وكيف نختلف ...
ممثل الفكر الليبرالي يتفضل ..
الليبرالي ...
فكرة القومية فشلت والإسلاميين أعقبوها بالفشل فى
تجارب كثيرة ..تعلوا الأصوات
الدكتور نور الدين يطالب بالهدوء ويوجه حديثه لممثل
الليبرالية ..
رجاء طرح رؤيتك بعيد التجريح فى رؤى الآخرين فلسنا فى
مناظرة ولكننا فى حوار نريد أن يتعرف كل منا على الآخر
يستجيب الليبرالي فى سلوك محمود ويتابع ...
الحقيقة هى الحرية ...
والعدل طريقه الديمقراطية
والشعب هو السيد وصاحب الولاية ومرجعيتي دستورية ..
حلمي وطن حر ..فيه كل المواطنون أمام القانون سواء
..وطن يحمى الحرية الفنية والرأسمالية وطن يلحق بركب الحضارة الإنسانية ..
والعقل هو السبيل وهو المايسترو ..هو صانع الحضارة
وواضع الدساتير ..
وبه يتميز
الإنسان عن الخرفان ..
فالدين
لله والوطن للجميع
تعلو الأصوات مرة أخرى وتتداخل
ويسيطر الدكتور نور الدين على الحوار
ويكرر هدفنا الإلتقاء وأن نحدد المشتركات ونبنى الثقة
ومن ثم نتحاور فى الإختلافات ونضع الميثاق
لنتعاون فى المشتركات ونقترب فى المختلف عليه ونتعاذر فيما فشلنا فى الإتفاق أو
التقارب حوله
ويعطى الكلمة الدكتور نور الدين لمصري ..
مصري ...
البداية تكون التحية ...فالسلام على كل البرية
..وبالسلام أرى السلم الأول للحقيقة التي مازلت أبحث عنها وإمتلاكى لجزء منها هو
إجتهادات بشرية وسأواصل السعي إليها فى الجميع ومع الجميع....
لا وطن عربي كبير بدون دولة وطنية قوية ..فاللبنة
أساس البناء ...
ولا شريعة ودعوة إلا فى ظل الحرية
والشريعة على حسب فهمى هى مصلحة الرعية فيما لا
يتعارض مع حدود رب البرية
العقل مناط التكليف
والمخير به الإنسان تحت التسيير ..
أما العدل والشورى والمساواة فآليات تطبيقها بشرية
قابلة للتغير أو التجويد حسب المتطلبات الحياتية
أما القرآن الكريم فهو دستور الدساتير وكلام الرب
العلى ..من يؤمن بقدسيته فهو السراج المنير وطريقه الطريق المستقيم ....
ومن يفهمه ككلام عربي بليغ ويحيط بجزء من ظلاله يجده
الحصن الحصين للحرية والعدل وواحة للفكر وللإبداع ومقرا بحق الإختلاف حتى حول
الذات الإلهية
أرى الحقيقة المطلقة أبعد من أن يستوعبها عقل أو أن
يدركها فرد ..أرى كل من سبقوني جزء من الحقيقة ...
ملامح الإعجاب تبدو فى عيني الدكتور نور الدين ..
وبعض الحاضرين ..
والبعض معترض ويراه كلاما فضفاضا لم يقدم رؤية
..ويتسم بالميوعة والليونة
الدكتور نور الدين ...
سعدت بكم جميعا وبآرائكم وحسن إستماعكم
ولو لم نحقق من تلك الندوة سوى أننا تلاقينا تحاورنا
لكانت نعم الثمرة وسنواصل المسير من أجل التحاور
والتقارب حتى نتمكن من التغيير ...
صفق الحضور وتبادلوا التحية وقام كل منهم ليسلم على
الدكتور نور الدين فى أجواء ودية وإنتهى اللقاء بوعود تجدد اللقاء
ساعد الدكتور
نور الدين مصري كثيرا فى ترتيب أفكاره وإستخلاص الدروس من تجاربه ..
ووصل مصري لأهمية قضية تحديد مفهوم المصطلح ومحوريتها
فى الخلافات الفكرية والصراعات الأيديولوجية
الدكتور نور الدين فتح الطريق وترك مصري ليعود لنديمه
وصديقه الكتاب ...وظل ينقب عن الآثار ويبحث عن الجواهر
هنا وهناك ..
يقرأ بعقل مفتوح ويسمع بإذنين إحداهما ناحية اليسار
والأخرى فى اليمين ويحاول التجرد قدر الإمكان
غاص مصري فى الليبرالية فوجدها مدرسة فكرية ربما
تخالف أديان أو معتقدات أو تقاليد في جزء هنا أو آخر هناك
ولكنها تظل منهج فكرى ..لا هي دين ولا عقيدة
و لا ينبغي أدلجة الدين فهذا ما يخلق حالة الصراع
المفتعلة .....
رجع مصري لبداية التقسيم وظهور الليبراليين
والإسلاميين
فرفع القبعة لنابليون فقد فعل ما عجز عنه الصليبين فى
حملاتهم المتعاقبة والتي لم ينسى نابليون بونابرت المنصورة !!!
مصري فى هذه الفترة مهموم بالقضايا العامة وبحالة
البلد التي تنحدر للأسوأ كل يوم وبدارسته وببحثه عن محبوبته ..
كل يوم خميس يسافر لقريته ليطمئن على أمه ويأكل أكلة
هنية تعوضه العدس أبو زلط والكوسة التي يبلغ حجم بزرتها حجم كوسة صغيرة واللحم البلاستيكي الذي يجود به المورد لقطاع
المدن الجامعية ناهيك عن ذلك البيض الذي
ربما تقشر البيضة فيخرج لك منها كتكوت!!!!!
..ويتبقى ربع الفرخة وهنا
يتدخل القدر وحسب دورك فى الطابور أو معرفتك بعامل المطبخ الذى يوزع قطع الفراخ
..ربما يكون نصيبك ورك وربما يكون الصدر ..
قد تكون فرخة غير مستوية وبها أثار من دم وقد تكون
عصفورة فى ثوب فرخة مستخبية ...
وبعد الأكلة
الهنية يذهب ليشرب الشاي هناك على الراكية تحت شجرة الصفصاف التى أصبحت جزء منه من
ماضيه وحاضره ..ويجلس يبث همومه لحمال المآسي والذي لا يضيق صدره من شكوة شاكى ..
إنه النيل الذي ما زال يجرى وسيظل يتدفق ....
وقف مصري عن ظاهرة غريبة لم يلحظها من قبل مع طول
صداقته للنيل ....!!!
كيف يطهر النيل نفسه بنفسه ...؟
كيف تغلب على كل المآسي ومازال يحتفظ بنقائه وصفائه
مع كثرة ملوثاته ومكدراته .....؟
وظلت هذه الظاهرة تجول بخاطر مصري وتبشر بفكرة عبقرية
لا يستطيع مصري الإحاطة بها فى الوقت الحالي فهي فى
حالة انسيابية ...
رجع مصري للقاهرة وكان على وشك إنهاء السنة النهائية
لينتقل لبداية الحياة العملية حيث التدريب كطبيب إمتياز بالقصر العيني
وفى هذه السفرية فاته ميعاد القطار فضحى بجزء من
المالية وركب السوبر جيت وعاد ليمتحن السنة النهائية وليتحول للدكتور مصري
ليست هناك تعليقات: