مساحة إعلانية

حكاية مصرى ....صراعات عائلية ..د.عاطف عبدالعزيز عتمان

عاطف عبدالعزيز عتمان أكتوبر 21, 2013


                            الباب الثاني

                         الفصل الأول  ..

                       صراعات عائلية



حكاية مصرى ..متوفرة بأكشاك ومقار جريدة الجمهورية 

     إسم الكتاب ..حكاية مصرى 
النوع...رواية
المؤلف ..د.عاطف عبدالعزيز عتمان
المقدمة ..الأديبة والشاعرة أميرة الرويقى
الناشر...دار الجندى للطبع والنشر 
الطبعة الأولى ...يونيو 2013
الغلاف..محمد عاطف

رقم الإيداع ..11930
رقم الترقيم الدولى ...0-741-90-977-978





أشرقت الشمس من جديد فى يوم جديد.
وهذا ديدنها قد تغيب وقد تحجبها السحب وتعاندها الغيوم وقد تعانى الكسوف للحظات أو الإحتجاب لساعات ولكنها أبدا لن تغيب لا ليلا ولا نهار...إلا فى اليوم الموعود
فهي باقية بقاء الحياة
 صامدة صمود الجبال الرواسي .
فهي السراج المنير ومصدر الدفء الأمين لا تختفي ولا تخفت جذوتها حتى اليوم الموعود يهرب منها جزء من الأرض أحيانا ولكنه ما يلبس أن يشتاق إليها  بعد سويعات قليلة . ..

مرت ليالي وأيام ومصري يحاول أن يتغلب على أحزانه وإنهمك فى الدراسة وكان الأستاذ أحمد مدرس الابتدائي شبه متبني لمصري ويجعله يحضر دروسه مع التلاميذ الأعلى منه فى المرحلة السنية.
الأستاذ أحمد ...
 كان شخصية طيبة حنونة كان ممتلئ الجسد ومميز بنظارته  الكبيرة والتي يطلق عليها قعر الكوب من باب الدعابة ..
 وكانت قسمات وجهه القمحية تبشر دائما بالأمل ..
الأمل المقترن بالعمل والإصرار على النجاح .
وكانت تربطه صلة قرابة بعائلة مصري وكان معجب بذكاء مصري الواضح وتفوقه فى دراسته ...
وساهم كثيرا فى تنمية مهارات مصري اللغوية  وكان أهم ما يميزه الحنان الأبوي الذى نقله لوجدان مصري فى مرحلة كان فى أمس الحاجة لذلك..
وكان له أثر ملموس فى وضع اللبنة الأولى فى شخصية مصرى
لأنه كان شمعة مضيئة فى ظلمات الدنيا الكثيرة ....
الأستاذ أحمد يقول لمصرى ..
يا مصرى  حدد هدفك وإرسم طريقك وإعلم أن المشوار طويل وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا ...
كانت تلك الكلمات هى الطاقة التى تشحن بطارية مصرى كلما إنخفض مخزون الطاقة لديه ...
 الحاجة فاطمة تغيرت كثيرا بعد وفاة الحاج منصور فأصبحت الأم والأب فى آن واحد وحاولت المزج بميزان حساس بين الحنان والعطف والشدة المطلوبة لإحسان التربية
 وإنتهجت منهج المشاركة فجعلت من مصري زوجها وإبنها وأخيها ..
أصبح بالبلدي راجلها...
 بل أصبح الماء الذى تحيى به فلم تخرج من الدنيا التي عاندتها كثيرا إلا بمصري فلذة كبدها ومهجة فؤادها ونور عينيها......
لا تشبع حتى يشبع ولا يغمض لها جفن حتى ينام وتستيقظ من الليل لتغطيه بعد أن تتعارك قدماه مع الغطاء فتطيح به بعيدا ..
جعلت من حضنها الدافئ سريرا ومن رموش عينيها الحانيتان غطاء ..
ومع كل هذا الحنان وهذه العين الزمزمية التي تضخ الحب بلا إنقطاع ولا تنتظر مقابل ولا تحسن ولا تجيد سوى العطاء ...
كانت حاسمة قاسية أحيانا أو هكذا تحاول أن تبدوا حتى تقوّم السلوك وتصلح الإعوجاج وتضع العلامات الإرشادية الفسفورية على الطريق حتى لا يضل مصري أو يتوه ..
كانت إذا قست عليه يوما تحبس دموعها حتى تختلي بنفسها فتسح الدمعة وراء الدمعة.
 وتلوم نفسها على ما كان يبدو وكأنه قسوة ولكنه حزم التربية لامرأة أضحت بين ليلة وضحاها الحامي والعائل والأب والأم  ..
نعم كان حنانها وقسوتها عينا زمزمية ..
نبع فطرى صافى .
رحمة من فيض الرحمن ..كان نبع حبها لما شرب له .
.حب يربى ويهذب السلوك ..حب يحث على التدين والأخلاق  حب يقوم ويقسو أحيانا ....
ولما لا وقد كانت عينا زمزمية .....
تختلى الحاجة فاطمة بنفسها ...وتفكر فى واقعها ومسؤوليتها تجاه ولدها وتقلق على المستقبل التى تصارع أمواجه وحدها دون دعم أو سند إلا من الله
تفرج همها بدمعة أو صرخة فى سجدة يا الله ....

فى تلك الفترة ..
حدثت صراعات أسرية وحدث ما كان يخشى منه المرحوم منصور وتصارع الإخوة الغير أشقاء حول الميراث وأمور أخرى من صراعات نفسية ومشاعر كراهية لا يجد لها مصري مبرر أحيانا فهو الطرف الأضعف  ولا يملك من مفاتيح القوة هو وأمه سوى الحق والرغبة فى الإستمرار ...

كان المرحوم منصور دائما ما يحذر مصري أن يتناول شيء من أي من إخوته خوفا عليه منهم أو أن يستمع لأحدهم أو أن يختلي به أحدهم
فكان يخاف عليه سما فى طعام ..أو غدر فى خلوة  وهذه الأمور تركت  أثرا فى مصري لبعض الوقت وإستغرق بعض الوقت حتى ينفك من قيودها
 فكان لا يأكل خارج المنزل ودائما فى نفسه هواجس وخوف وقلق وخاصة من بعض إخوته ..

إنقسم إخوة مصري لمحايد حيادا سلبيا  ولمعادي شديد العداء
وكانت قمة الصراع هو ما فعله شديد  أحد إخوة مصري الكبار
شديد ..
الثلاثيني العمر الشاحب الوجه غليظ الحاجبين الأصفر اللون صفار باهتا كمن يعانى مرض الصفراء
كان عنيفا حاد الملامح وجهه متجهم
عصبي المزاج لدرجة تفوق أي إحتمال طويل نحيف تبرز عظام وجنتيه و يطل العنف والكراهية من خلال شهيقه وزفيره بإختصار كان كاره لنفسه  ..
كان يجلس ليحدث نفسه ..لماذا تزوج أبى وأنجب هذا الطفل ؟وما سر حنانه المفرط والذي لم أشعر به يوما ما ؟
لماذا كان قاسيا على ..وجاء هذا الطفل ليشاركنا الميراث ....

وفى ليلة من ليالي الشتاء الباردة ومصري على السرير غارق فى النوم إذا به يفزع نتيجة صوت إنفجار عالي إتضح أنه صوت كسر باب المنزل فزعت الحاجة فاطمة وتصلبت رقبتها من الفاجعة وفقدت النطق لبعض الوقت ..
وإذا بشديد يدخل المنزل ويصعد بآلة حادة على السطح ويحاول هدم السقف على رأس مصري وأمه
ويعلو الغبار وتتطاير الشظايا هنا وهناك  وبعض الإخوة الآخرون والجيران يحاولون اللحاق به وإنزاله وينزل شديد وهو فى حالة هياج ويدخل غرفة مصري وهو جالس على السرير ويشعل النار فى السرير و يطفئ باقي الإخوة النار من خلفه ويحاولون السيطرة عليه
 وكانت هذه إحدى حلقات مسلسل تهجمات شديد
التي إستمرت مناوشاته إلى أن جاء يوما حاول ضرب أرملة أبيه

وأمام هذا المشهد وإهانة الأم أمام نظر مصري لم يتمالك نفسه وثار الدم فى عروقه وحمل سكينا وحاول الدفاع عن عرينه وكرامته وكانت المرة الأولى التي يتواجه فيها مصري مع أحد إخوته وكان عمره آنذاك الثانية عشر تقريبا وكانت نقطة فاصلة فى حياة مصرى  تحول فيها مصري لبطل مسرح الأحداث ونحى أمه جانبا ليحميها من غدارات الزمان ومكر اللئام  فى زمان صار الظالم ضحية والمظلوم جاني  ...
وجلس مصرى يتأمل السكين ويبكى الأخوة الضائعة  والكراهية التى لا يفهم  مصدرها فى ألم وحنين ...وبكت الحروف والكلمات مع أنينه
فقال ...
تلقيت الخنجر فى ظهري..خنجر مسموم يا قلبي ..
خنجر تلو خنجر..مات الألم يا نفسي ..
وما أشد الطعنة فى ظهري..
نظرت إلى السماء...فإذا قمري بالغيم محجوب..
وإذا نجمى بالهم محزون ..تراقص أمام عيني خنجر..
إلتوى حتى أوهمني أنه قمري...
خدعت  منه   ....خدعت فيه..
فيا بصري ..أمن سراب تهوى وترتشف....
الحب كاسات وأوهاما ...
بحت له وهمست فى أذنيه..وتركت الدنيا ونمت على ضفتيه...
حكيت ...  بكيت  ..   شكيت ..
همي وآلامي ..
وبحت فى أذنيه بكل أحلامي ....عشت الوهم ..
بين معسول الكلام ..وإبتسامات ظننتها صادقة ...
ومن سويداء القلب منبتها....فإذا بها غدرات وحسرات...أعطيت الأمان ..وغفت العينان..
ونام القلب على الأغصان..وإذا بالقمر المزعوم يطعنني...
طعنة فى الخصر آذتني ..وأخرى فى العين أبكتني..
والثالثة فى القلب أدمتني..سرى السم فى جسدي ..
سريان النشوة فى الحب..فأنساني السم أنساني ..
طعنات الغدر والحقد..وألام الطعن واللعن....
تمدد الجسد ...وسرى السم فى الأحشاء
قطعها ....ورأت العينان قاتلها..
وظهر الخنجر الدامي..
ورأت الروح ما عجزت.....عن إدراكه العينان..
رأت تاريخا أسود الصفحات..أقنعة الغش فى خريفها تتهاوى...
كسقوط الورق عن الشجر...ويظهر الوجه القبيح بأمه..
وينكشف زيف القول والكلم..ويظهر الخنجر المسموم ..
منقوع فى السم بالعسل ....لا هو قمر ولا بالحب مغمور....
هو خنجر أسود وإن حاول الكذب..
وفاضت الروح إلى باريها..فاضت مجروحة بطعنات..
ومدرجة بالجراحات...تعانى السم فى العسل...
فاضت إلى الرحمن تشكوا...خناجر السم والحقد....
فيا روحي إهدائي....و يا روحي إسكنى ..
فعدل الله لن يغب...ونامى قريرة العين....
فرب العرش غضبان...وأسمع قسم الجبار...
من علياء..
لأنصرنك يا روح المظلوم...فإسكنى الجنات....
ولو بعد حين...
فعدل الله آتى...فعدل الله آت آتى....



مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام