يفضل الكثيرون
ممن يغالطون دواخلهم التغني بالجفاف و الخور و الفساد في مناكب هذه الأرض الخراب وهم
يعلمون حق المعرفة أنهم يُرضون الغوغاء و يغضبون ضمائرهم في أعتى تجليات الشيزوفينيا
الجماعية التي تنخر كالسوس جسد هذا المجتمع
فردافردا وجمجمة جمجة!
لا بد من تعرية
هذا العفن الذي يدب بيننا دبيب الدم في الشريان و نحن نتجاهله و نعيش في وهم ينقشع
كلما عدنا إلى ضمائرنا في لحظة صفاء إنساني و صدق روحي؛ فلماذا تستمر هذه النخبة الموريتانية
في ممارسة العادة السرية في التفكير بين أروقة المونولوج المظلمة و تجبن عن إراحة ضمائرها
بملامسة شفاه الحقيقة التي تراودها عن أقلامها الملوثة كذبا و نفاقا و صفاقة؟!
يتحدثون عن الدولة
المدنية و عن عدم التزام المواطنين بالقوانين و يلومون المذبوح على النزف بينما السكين
المحمرة من دم المذبوح تبقى في المنطقة المعتمة من كتاباتهم خوفا من لعنة الغوغاء أو
غضبة السلطة الهشة هشاشة قناعات النخبة إن كانت لدينا نخبة أصلا؛ لأنك بالكاد تميز
بين سلوك المتعلم و الأمي فالكل في البداوة و نمط التفكير البدائي سواء.
لا بد من عقد اجتماعي
جديد مبني على المساواة و العدالة بين مختلف مكونات هذا الشعب المستعبد والذي يتصارع
من أجل توطيد القوى التي تدوس عليه إنه فعلا شعب كعقاب السيجارة الذي يسحقه المدخن
بعد أن يفرغ من التلذذ بدخانه..
المثقفون و المبدعون
الذين تنكروا لهذا المجتمع و جلسوا القرفصاء يتسلون بصرخاته المنبعثة من أعماق أوجاعه
ليسوا أقل خيانة ممن يجثمون على صدره كالقدر وهم يذبحونه من الوريد إلى الوريد بدم
بارد و بسمة خشبية تترجم صلابة قلوبهم الحجرية الهوى و الدموية الميول و الغارقة في
مستنقعات اللارحمة و اللاشفقة من غروب الشمس إلى غروبها!
يجب أن نكتب بالسكاكين؛بغضب؛
بنزق؛ بثورة؛ برفض و إلا فإن الحياد أعظم خيانة سيحاكم عليها التاريخ أصحاب الفكر و
الإبداع على رمال الظلام و الجوع و القهر هذه؛ فالحياد كلمة تنتمي لقاموس الجبن و اللامسؤولية
و العهر الفكري الرخيص..
تعالوا نغرس فسيل
الرفض في هذه الأرض فهذا زمن تخمُّر الملح ليصير عسلا؛ إنه الزمن الخارج من قمقم المعاناة
و الغابة المخضرة من بقايا حريق هائل؛ إنه النزق الذي يُخبز رغيفا للفقراء و يغزل جلابيب
للعرايا!
لا بد أن يغسل
أدران الأرض طوفانٌ من الرفض و المكاشفة و المصارحة و العُري وهذا مسؤولية الشباب و
القادمين من أزقة الظلام و دهاليز “الكبات” و أكواخ “الكزرات” لأن هذا الزمن كما كان
التاريخ دوما يصنعه المحرومون و الأصوات النائمة على قارعة الرصيف و إن كانت الاستفادة
منه لا تقتصر على هؤلاء فالمطر لا يعرف العنصرية!!
توقيع: الشيخ نوح
ليست هناك تعليقات: