نشرت مجلة النذير – التى كانت مملوكة لجماعة الإخوان المسلمين عام 1940م – مقالاً للعالم الكبير محمد عبد السلام الشقيرى مؤلف كتاب ( السنن والمبتدعات ) وقد حرص الإمام الشهيد حسن البنا على تقديمه للقراء بقلمه فكتب تحت اسمه : النائب الثانى لجمعية أنصار السنة المحمدية، ومسئول شعبة الحوامدية لجماعة إلاخوان المسلمين! ومعنى ذلك أن الأمام البنا لم يمنع أو يمانع مسؤلاً لشعبة هامة من شعب الجماعة أن يكون فى ذات الوقت قيادةً كبيرة فى جماعة إسلامية أخرى، ذلك أن مصطلح البيعة فى فهم الإمام البنا كان مختلفاً اختلافاً كبيراً عنه فى مفاهيم كثير من العاملين فى حقل الدعوة الإسلامية اليوم، فالبيعة الواردة فى أحاديث نبوية كثيرة، والتى يتم توظيفها فى طاعة الحاكم حتى عند انحرافه، مستخدمة ضد معارضية السلميين، أو لطاعة رؤساء الجماعات الإسلامية، استناداً إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " من مات على غير طاعة الله مات ولا حجة له، ومن مات وقد نـزع يده من بيعة كانت ميتته ميتة ضلال " فالمقصود بتلك البيعة هى البيعة على الإسلام والإيمان، والتى بها ينتقل المبايع من الجاهلية للإسلام، ومن الضلالة إلى الهدى " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله " سورة الفتح ( 10 ) " من يطع الرسول فقد أطاع الله " سورة النساء ( 80 )، إذاً فهى ليست البيعة السياسية لحاكم من الحكام أو أمير من الأمراء أو رئيسٍ لأى من الجماعات الإسلامية، وإنما هى بيعة خاصة على الإيمان والإسلام، ومقام خاص لرسول الله صلى الله عليه وسلم كمبلغ عن الله، فبيعته بيعة لله، وطاعته طاعة لله، وموضوعها الإسلام، إسلام الوجه لله، بلا اجتهاد ولا رأى ولا شورى !
والقول بغير ذلك معناه – معاذ الله – أن فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم ماتت ميتة جاهلية، فقد ماتت ولم تبايع أبا بكر الصديق رضى الله عنه بالخلافه، كما أن على ابن أبى طالب ظل فترة لم يبايع أبا بكر الصديق، وغيره من الصحابة، وأما ما يساق من الأصل الخامس من الأصول العشرين للإمام البنا عن رأى الإمام ونائبه، فإنه كان يقصد إمام المسلمين المختار من قبل الجميع، ولم يقصد الإمام الشهيد مطلقاً المسؤل الدعوى، أياً كانت درجته التنظيمية، وإلا لأطلق ذلك على نفسه، فهو الأجدر بلا جدال .
أردت أن أبين هذا بمناسبة أسئلة كثيرة عن البيعة وجهت إلّى من شباب أحبهم وأعتز وأفخر بهم وأعتبرهم من أنقى شباب مصر، لهم اختيار آخر لمرشح رئاسة الجمهورية، يخالف اختيار جماعتهم.. ندعو الله أن يتقبل منا جميعاً .
النائب عصام سلطان
ليست هناك تعليقات: