مساحة إعلانية

أحاول إنقاذ آخر أنثى قبيل وصول التتار ...إلقاء د. عاطف عتمان

عاطف عبدالعزيز عتمان مارس 27, 2018



أُحَاوِلُ إِنْقَاذَ آخِرِ أُنْثَى قُبِيلَ وُصُولِ التتار .
أَعُدُّ فناجينَ قهوتِنَا الفارغاتِ، وَأَمْضُغُ آخِرَ كسرةِ شعْرٍ لدِيَ وَأَضْرِبُ جُمْجُمَتي بالجدارْ.. أعُدُّكِ.. جُزءاً فجزءاً.. قُبيلَ انسحابكِ منّي، وقَبْلَ رحيلِ القطارْ. أَعُدُّ أنَامِلَكِ النَّاحِلَاتِ أعدُّ الخواتمَ فيها.. أعدُّ شوارعَ نَهْدَيكِ بيتاً فبيتاً.. أعُدُّ الأرَانبَ تحتِ غِطاءِ السريرْ.. أعدُّ ضلوعَكِ، قبلَ العِناقِ.. وبعدَ العناقْ .. أعُدُّ مسَاَماتِ جِلْدِكِ.. قبل دُخُولي، وبعد خُرُوجي وقبلَ انتحاري . وبَعدَ انتحاري . أعُدُّ أصابعَ رِجْلَيكِ كي أتأكَّدَ أن الحريرَ بخيرٍ.. وأنَّ الحليبَ بخيرٍ.. وأنَّ بيانُو (مُوزَارْتِ) بخيرٍ.. وأنَّ الحَمَام الدمشقيَّ مازالَ يلعبُ في صحن داري. أعُدُّ تفاصيلَ جِسمكِ شِبراً.. فشِبرا وبَرَّاً.. وبَحْراً.. وساقاً.. وخَصْراً.. ووجهاً.. وظهرا.. أعُدُّ العصافيرَ تسرِقُ من بين نَهْدَيْكِ قمْحاً، وزهْرَا.. أعُدُّ القصيدةَ، بيتاً فبيْتاً قُبيْلَ انفجار اللُّغاتِ، وقبلَ انفجاري. أحاولُ أن أتعلَقَ فيكيَ قبيل سُقوط السَمَاءِ عليَّ، وقبل سُقُوط السِتَارِ. أُحاولُ إنقاذَ آخرِ نهْدٍ جميلٍ وآخرِ أُنثى.. قُبيلَ وُصُولِ التَتَارِ.. أَقِيسُ مَساحةَ خصْركِ قبل سُقُوط القذيفةِ فوق زجاجِ حُرُوفي وقبلَ انْشِطاري. أَقيسُ مَساحةَ عِشقي، فأفشلُ كيفَ بوسع شراعٍ صغيرٍ كقلبي اجتيازَ أعالي البِحَارِ؟ أقيسُ الذي لا يُقاسُ فيا امرأةً من فَضَاءِ النُبُوءَاتِ، هل تقبلينَ اعتذراي؟ 5 أعُدُّ قَنَاني عُطُوركِ فوق الرُفُوفِ فَتجّتَاحُني نَوْبةٌ من دُوارِ.. وأُحصِي فساتينَكِ الرائعاتِ، فأدخُلُ في غابةٍ من نُحاسٍ ونارِ.. سَنَابلُ شَعرَكِ تُشْبِهُ أبعادَ حُريتي وألوانُ عَيْنَيْكِ، فيها انْفِتَاحُ البَرَاري. 6 أيا امرأةً .. لا أزالُ أعدُّ يديها وأُخطئُ.. بينَ شُرُوقِ اليدينِ.. وبينَ شُرُوقِ النَهَارِ. أيا ليتَني ألتقيكِ لخَمْسِ دقائقَ بين انْهِياري.. وبينَ انْهِياري. هي الحَرْبُ.. تَمْضَغُ لحمي ولَحْمَكِ... ماذا أقولُ؟ وأيُّ كلامٍ يليقُ بهذا الدَمَارِ؟ أخافُ عليكِ. ولستُ أخافُ عليَّ فأنتِ جُنُوني الأخيرُ.. وأنتِ احتراقي الأخيرُ.. وأنتِ ضريحي.. وأنتِ مَزَاري.. 7 أعُدُّكِ.. بدءاً من القِرْطِ، حتَّى السِّوارِ.. ومن منبع النَهْرِ.. حتى خليجِ المحَارِ.. أعدُّ فناجينَ شهوتنا قهوتنا ثم أبدأُ في عَدِّها من جديدٍ. لعلّي نسيتُ الحسابَ قليلا لعلّي نسيتُ الحسابَ كثيرا ولكنني ما نسيتُ السلامْ على شجرِ الخَوْخِ في شفتيكِ ورائحةِ الوردِ، والجلَّنارْ. 8 أُحبُّكِ.. يا امرأةً لا تزال معي، في زمان الحصارِ أُحبُّكِ.. يا امرأةً لا تزالُ تقدِّمُ لي فَمَها وردةً في زمانِ الغُبَارِ. أحبُّكِ حتى التقمُّصِ، حتى التوحُّدِ، حتى فَنَائيَ فيكِ، وحتى اندثاري. أُحِبُّكِ.. لا بُدَّ لي أن أقولَ قليلاً من الشّعرِ قبلَ قرارِ انتحاري. أُحبُّكِ.. لا بُدَّ لي أن أحرِّرَ آخرَ أُنثى قُبيلَ وصول التَتَارِ
مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام